أكد المشاركون فى ندوة «الدولة وصناعة السينما» التى أقيمت فى إطار فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أنه ليس من العيب أن نكون رائدين فى أحد المجالات الفنية وتتفوق علينا بلدان أخرى وأنه ليس من العيب أن ننقل تجارب دول أخرى نجحت فى تدعيم صناعة السينما حتى نعود إلى ريادتنا مرة أخرى.
وقال المخرج شريف مندور نائب رئيس غرفة صناعة السينما إن معدل ذهاب المواطن المصرى للسينما لا يتجاوز المرة الواحدة سنوياً، فى حين أن دولة مثل فرنسا معدل ذهاب المواطن بها للسينما يقارب الـ ٦ مرات فى السنة.
وقال جوليان أسين مسؤول النشر بالسينماتيك الفرنسى: إن الفيلم الفرنسى يواجه صعوبة فى مواجهة الفيلم الأمريكى الذى يغزو بلاده ويلقى رواجا كبيرا هناك، موضحاً أن دولاً كثيرة تعتقد أن الالتزام بقوانين السوق سيجعلها رائدة فى مجال السينما، ولكن هذا غير صحيح، وأشار إلى أن دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية الطلب فيها على الأفلام كبير ولكن الجمهور لا يجد التنوع الكافى للأفلام، ولكن هناك دولا أخرى تأخذ اتجاها آخر وتضع القواعد المنظمة للتنوع.
وأضاف جوليان أن الأسواق السينمائية التى تتسم بالانفتاح والحرية تكون الأولوية فيها للسينمائيين ونوعية الأفلام بغض النظر عن جنسيتها، فى حين أن الأسواق المغلقة تكون الأولوية فيها للأعمال المحلية فقط مثلما يحدث فى الهند، بالرغم من ادعائهم أنها سوق مفتوحة، موضحاً أن الصين وقعت فى هذا الفخ لسنوات قبل أن تعدل مسارها ويصبح هناك صراع بين الأفلام الصينية والأمريكية، ضارباً المثل باتفاقية التبادل بين كوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبى كمثال للسوق المفتوحة.
وأشار جوليان إلى ضرورة أن تدعم الدولة صناعة السينما، وأن تعمل على تنظيم العملية السينمائية بوضع قوانين خاصة تتعلق بتصنيف الأعمال وتحديد الأعمار السنية المتاح لها مشاهدة الفيلم، بالإضافة إلى مواجهة القرصنة على الأفلام، وهو أمر مهم يجب على الدولة أن تحاربه.
وتابع جوليان: إن المركز القومى الفرنسى CNC مستقل وتابع للحكومة فى نفس الوقت، وإن مجلس الإدارة يتمتع باستقلالية ولا يفرض عليه أى عضو، ورواتبه مثل رواتب أى إدارة أخرى فى فرنسا، وموارده المالية يتم تمويلها من الضرائب التى يدفعها الشعب، موضحاً أن عدد شاشات العرض فى ازدياد ولكن دور العرض عددها ثابت، وبصفة عامة فإن هناك ملياراً و٣٠٠ مليون يورو تدخل خزينة الدولة من دور العرض، وأن مالك السينما يحصل على ٤٥٪ من ثمن التذكرة، ويحصل الموزع على ٣٨٪ ويتقاسمها مع صناع الفيلم، والباقى يتم تحصيله كضرائب.
وقالت نبيلة رزيق مسؤولة السينما فى مركز الإشعاع الجزائرى «أرك»: إن السينما فى مصر أو الجزائر تختلف عن فرنسا، لأن كل دولة لها ظروفها الخاصة، وأنه على كل دولة أن تستلهم حلولها من مشاكلها الخاصة، موضحة أن صناعة السينما فى الجزائر تعانى بسبب انخفاض عدد دور السينما التى وصل عددها بعد الإستقلال إلى ٤٠٠ دار عرض، ولكنها وبسبب الأزمة الإقتصادية التى حدثت فى ١٩٨٧ بالإضافة إلى مرور الجزائر بسنوات صعبة نتيجة الإرهاب «العشرية السوداء»، كل ذلك أدى إلى انخفاض عدد دور العرض وتحويل تبعية عدد كبير منها إلى البلديات والمحليات، مؤكدة أن وزارة الثقافة دخلت فى حرب مع وزارة الداخلية لاستعادة تلك الدور، وأن السينما والثقافة كانت أول ضحايا آزمة الثمانينيات.
وقال خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشؤون السينما: إن الدولة مازالت تبحث عن دورها فى صناعة السينما التى لا تعرف حدودها بها، مؤكداً أن من يتصور أن دور الدولة يتوقف على إنتاج الأفلام ويطالب الدولة بالقيام بهذا الدور فهو خاطئ، موضحاً أن زمن تدخل الدولة فى الإنتاج قد انتهى، وأن دور الدولة فى الصناعة يتوقف على سلسلة وحزمة من الإجراءات والقوانين والقواعد والتشريعات وبعض التحركات على الأرض، التى من شأنها أن تدعم الصناعة وتشجع الفنانين والمبدعين.
وأضاف عبد الجليل: أن لجنة السينما قد توصلت إلى حزمة من الإجراءات المطلوب اتخاذها وتدعيمها من جانب الدولة، أولها إنشاء شركة قابضة لإدارة الأصول الثقافية المستردة من وزارة الاستثمار، وثانيها مشروع إنشاء صندوق تنمية لصناعة السينما المصرية، وثالثها زيادة الدعم غير المسترد الذى تدفعه وزارة المالية للمركز القومى للسينما ليصل من ٢٠ مليوناً إلى ٥٠ مليون جنيه.