فى أى دولة من المفترض أن تقل الأزمات بزيادة عدد الوزارات لارتفاع القدرة على التحكم، لكن العكس يحدث بمصر مع 33 وزيراً! (فى أمريكا والصين واليابان أقل من عشرين وزيراً). بلاد الدنيا مُقلة فى عدد وزاراتها، ومكثرة فى حلولها الإبداعية للأزمات وليس العكس.
وزارتا الطيران والسياحة كيان واحد، تم بعد عهد الوزير د.فؤاد سلطان، فصلهما تعسفياً. فمصر بلد طيب متسامح، تجد فيه شركات المحمول الخاصة تسيطر على كعكة الاتصالات بينما الشركة الوطنية راضية بنصيبها! كذلك الحال مع الطيران؛ فالشركات الأجنبية تنظم الرحلات السياحية لمصر إما على طائراتها الخاصة أو على طائرات شركات أجنبية أخرى، ويتم شراء مواسم سياحية كاملة بأسعار زهيدة، ولا تنال مصر أو شركاتها السياحية شيئاً، وبالتالى فوجود جهة واحدة تنظم حركتى السياحة والطيران، يسهم فى استعادة المنتج السياحى المصرى لمزايا احتكرها عليها غيره دون وجه حق. وقد أدى فصل الوزارتين إلى توقف عدد من شركات الطيران المصرية عن العمل فى الكثير من المحافظات، ووصلت نسب الإشغال إلى الرقم «صفر»، وعليه فإن ربط المنتج السياحى بالطيران سيحل تلك المشكلات الهيكلية.
من المؤكد أن إعادة الطيران إلى السياحة يضمن تقليل النفقات ويحد من مشكلات العاملين وبالتالى يزيد كفاءة الأداء. والطيران يعتمد بالأساس على حركة السياحة كما تعتمد السياحة على قوة الطيران. فالقطاعان مرتبطان عضوياً ببعضهما.
نعلم أن عدد العاملين فى السياحة، بشكل مباشر، يبلغ حوالى مليون ونصف المليون مواطن، ويوجد مثلهم عمالة غير مباشرة، فهل نشجع القطاع أم نشجع البطالة؟ كما أن قطاعى السياحة والطيران لهما ميزة نسبية عن كافة القطاعات وهى توافر البنية التحتية (أصول ومرافق وكوادر وخبرة)، وبالتالى إمكانية تحقيق ربح سريع، وبالعملة الصعبة، فماذا ننتظر؟!
عندنا ثلث آثار العالم (فرعونى ويونانى ورومانى وقبطى وإسلامى وغيرها)، وعجيبة باقية من عجائب الدنيا السبع، وجبل تجلى عليه الله تعالى لسيدنا موسى، ومتاحف ومحميات طبيعية وواحات، وشواطئ على بحرين أحمر وأبيض، كل ذلك وحصة مصر من مجموع ما يزيد عن مليار سائح فى العالم لا تختلف كثيراً عن حصة التربية الموسيقية فى مدارسنا، لا يأخذها أحد على محمل الجد.
الفصل التعسفى للسياحة عن الطيران يُحرك السياحة من آفاق باهرة إلى أنفاق مظلمة، وينقل الطيران من السماوات المفتوحة إلى الرفيق الأعلى؛ لأن الفصل يُضعف القطاعين معاً ويضارب مصالحهما فى كثير من الأحيان. المشكلة ليست فى سقوط طائرة روسية على الأرض، بل فى عدم ارتفاع الأفكار البراقة إلى السماء.. أعيدوا دمج الوزارتين، وهيا بنا نعمل.