أرسنال 1-1 توتنهام.. نوفمبر أرسنال الأسود

كتب: لؤي فوزي الإثنين 09-11-2015 17:31

استعاد أرسنال عادته الأثيرة بتقديم أسوأ عروضه في شهر نوفمبر من كل عام بأداء متواضع أمام توتنهام على ملعب الإمارات، ليتعادل الفريقان بهدف لكل منهما في أسرع مباريات الجولة الثانية عشر من البريمييرليج وأكثرها سخونة.

إحصائيات المباراة

بدأ أرسين فينجر المباراة بنفس تشكيل مباراة بايرن ميونخ في دوري الأبطال، بإستثناء إستعادة كوسيلني في قلب الدفاع ولكن ليجاور ميرتساكر مرة أخرى، الأمر الذي لم يعد مفهومًا في ظل وجود جابرييل باوليستا على دكة البدلاء، الحل الأفضل بلا شك لمرافقة كوسيلني في دفاع الجانرز.

النظرة الأولية توحي بأن غريمي لندن يلعبان بنفس الرسم التكتيكي 4-2-3-1، ولكن الواقع يقول شيئًا آخر، فماوريسيو بوكيتينو مدرب السبيرز بنى خطته كاملة على ثغرة كازورلا في العمق، والتي باتت تهدد حظوظ أرسنال في أي مباراة يفشل فيها في التسجيل مبكرًا، فبينما بدأ فينجر بثنائي الإرتكاز المعتاد أمامه سانشيز على اليسار، أوزيل في العمق وكامبل على اليمين، بدأ بوكيتينو بثلاثي إرتكاز هم إيريك ديير، ديلي أللي، وموسى ديمبيليه اللاعب المحوري الذي بإمكانه نقل السبيرز من الحالة الدفاعية لنقيضها بعدة حلول.

نسبة نجاح موسى ديمبيليه في الإنطلاق للأمام بالمراوغة 100% من خمس مرات

التكرار لا يُعلم فينجر

وبرغم فشل تجربة أرتيتا في محور الإرتكاز الدفاعي فشلاً ذريعًا، إلا أن الفرنسي العنيد مستعد لإستنساخها مع كازورلا أسوأ لاعبي المباراة حتى خروجه، لا تظهر مشاكل صانع الألعاب الأسباني الدفاعية عندما يسيطر المدفعجية على خصومهم وينجحون في فرض إيقاع وأسلوب اللعب ولكنها تطفو للسطح كلما واجه الجانرز خصمًا منظمًا ينجح في تمرير أول نصف ساعة دون قبول هدف.

بوكيتينو لم يلجأ للباص التقليدي أمام أرسنال، بل طور خطته للضغط العالي المستمر على خط وسط المدفعجية لحرمانه من بدء الهجمة بنجاح وإختصار الطريق لمرماه، والإحصائية المثيرة في هذا الصدد هي قيام إيريك لاميلا جناح السبيرز بثمان تدخلات ناجحة بينما سجل رباعي هجوم أرسنال جيرو، سانشيز، كامبل وأوزيل 5 فقط.

تدخلات لاميلا (إطار أبيض) مقابل تدخلات رباعي هجوم أرسنال (إطار أحمر)

تشكيل الفريقين وخطة بوكيتينو

مما سبق يمكننا بسهولة حصر أسباب أداء المدفعجية الهزيل في أربعة نقاط، تتجلى بوضوح في لقطة هدف توتنهام الوحيد:

تحليل هدف توتنهام

خطة فينجر وتكتيكه المبالغ في المخاطرة يضعا أرسنال دائمًا في موقف رد الفعل عند الإرتداد للدفاع، لاعبو الجانرز يكتفون بالتقهقر وإنتظار المبادرة من الخصم، ما يمنح الأخير الفرصة كاملة لتحضير الهجمة بأريحية تامة، ويُمكنه من تشكيل الخطورة حتى ولو لم يكافىء مدافعي الجانرز عدديًا.

الحل؟

كيف تهزم ضغط منافسك المتوالي بلا رحمة؟ التحرك الدائم، اللمسات السريعة والتمرير القصير على الأرض..هل يبدو ذلك مألوفًا؟

لذا نال هوجو لوريس حارس السبيرز راحة مجانية حتى الدقيقة 39 التي شهدت أول هجمة سريعة من الجانرز وضعت سانشيز في مواجهة مباشرة مع مرمى الحارس الفرنسي، ورغم أن الهجمة قادها خمسة لاعبين لأرسنال مقابل ثمانية للسبيرز، إلا أنها شهدت أول تمريرة صحيحة لجيرو – صاحب أسوأ نسبة تمرير في المباراة بـ47%- في نصف ملعب توتنهام والأهم أن سانشيز لم يشترك إلا في نهاية الهجمة، وهو ما منحها سرعتها بالأساس عوضًا عن مراوغات الشيلي الدائمة ونزعته الفردية التي كثيرًا ما تفسد هجمات الجانرز، الجناح الشيلي لا يصنع مثلما يسجل لأنه لا يجيد التمرير السريع من اللعب المفتوح ويتعامل مع الكرة «كطفل يأبى أن يسلبه الخصم لعبته المفضلة» على حد تعبيره.

جدير بالذكر أن صعود كازورلا هاربًا من الرقابة كان له دوره في فرصة أرسنال الوحيدة في الشوط الأول، بعد أن كان أكثر لاعبي الفريقين فقدًا للكرة، خمس مرات، ثلاثة منها كانت في نصف ملعب المدفعجية جراء الضغط من خط وسط وهجوم توتنهام، وهو ما أفسد خطط فينجر الذي يعتمد على الأسباني في الخروج بالكرة من مناطقه وبدء الهجمة.

أولى فرص أرسنال في المباراة

خرج بوكيتينو بالشوط الأول كما أراد تمامًا، وبدا الاستسلام واضحًا على الجانرز متأثرين بهزيمة البايرن المدوية التي أعادتهم لأرض الواقع وأفقدت مدربهم توازنه، وإستمر تفوق السبيرز في بداية الشوط الثاني في ظل غياب تام لسانشيز ومفاتيح لعب أرسنال، وظهر وكأن سيناريو الشوط الأول قابل للتكرار رغم تغيير كازورلا بفلاميني مع بداية الشوط الثاني، خاصة في ظل توالي الفرص لهجوم توتنهام لحسم المباراة.

يسرى من ذهب

ولكن أوزيل أفضل لاعبي المباراة على الإطلاق كان له رأيٌ آخر، كعادته مؤخرًا نجح مستر أسيست في منح جيرو ثلاث فرص متتالية لتعديل النتيجة بعرضياته المتقنة، ولكن الفرنسي فشل في تحويل أيٍ منهم لهدف، والمفارقة أن جيرو هو الوجه الأبرز الذي يمثل «نصف خطة» فينجر في الملعب، جيرو أفسد عددًا من هجمات المدفعجية أكبر من الذي أفسده خط وسط ودفاع توتنهام، وإكتفى بالتحذلق في كل لقطة وتمرير الكرة لمدافعي السبيرز بإستهتاره أو عجزه أيهما أقرب، رغم أن فينجر يعتمد عليه كمحطة لعب في نصف ملعب الخصم، لكن محطة لا تجيد التمرير هي نصف محطة، ومهاجم لا يجيد التسجيل من عرضيات أوزيل هو نصف مهاجم، مرة أخرى يدفع أرسنال ثمن ميركاتو فينجر البائس، وإن ودّع المنافسة على لقب البريمييرليج فلنفس السبب بكل تأكيد.

ثم أتى تغيير فينجر المعتاد بنزول كيرين جيبز الظهير الأيسر بدلاً من كامبل، لتتحول خطة أرسنال لـ4-4-2 بإنضمام سانشيز لجيرو في المقدمة وإحتلال جيبز للجبهة اليسرى في ظل تحركات حرة لصاحب اليسرى الذهبية مسعود أوزيل، ليصنع الألماني الحلوى من العلقم مرة أخرى ويمنح هدف التعادل للمدفعجية بعرضية عكسية مخادعة فضل إرسالها لجيبز بعد أن تملكه اليأس من جيرو الذي بدا وكأنه لن يسجل أمام مرمى خالِ، الظهير الأيسر لعب دور الرجل الثالث Third man ببراعة في تكتيك مشابه لثنائية ميسي – نيمار الشهيرة.

تعديلات فينجر التكتيكية منحت الجانرز شكلاً مغايرًا في الشوط الثاني، تزامن مع هبوط أداء توتنهام متأثرًا بالمجهود الكبير الذي بذله لاعبوه في الضغط في شوط المباراة الأول، دخول سانشيز للعمق منح أرسنال تكافؤًا عدديًا مع مدافعي السبيرز في منطقة العمليات، خاصة في ظل عودة خط الوسط للتماسك نوعًا ما بمشاركة فلاميني لكوكلين المهام الدفاعية التي أرهقت الأخير في الـ45 دقيقة الأولى، تكتيك فينجر توجته عرضية أوزيل الذي يتحول شبحه في الموسم الماضي تدريجيًا للصورة الملونة الوحيدة في نيجاتيف هجوم أرسنال.

هدف أرسنال

مازال المدفعجية في الصدارة مشتركين مع السيتي الذي يعاني من غياب أجويرو وسيلفا، ولكنهم أضاعوا فرصة الإنفراد بها بعد تعادل الأزرق السماوي المفاجىء مع أستون فيلا، إصابات أرسنال مؤثرة بلا شك، ولكن أخطاء مدربه أكثر أثرًا على أداء الجانرز، بعد أن كلفتهم مباراتيهما في شهر نوفمبر حتى الآن، ليتبقى للمدفعجية ثلاث مباريات سهلة نسبيًا في هذا الشهر مع ويست بروم، دينامو زغرب في دوري الأبطال، ونورويتش على الترتيب، على فينجر أن يحاول تمريرها دون خسارة المزيد من النقاط لكسر عقدة نوفمبر الأسود.