المؤكد أنه كلما كانت الميزانية كبيرة كان ذلك أفضل، ولكن ليس بالمال وحده تنجح مهرجانات السينما أو غيرها من الفنون، الأهم هو مفهوم المهرجان، أو الإجابة عن سؤال: لماذا يقام المهرجان؟ وكما قال المسيح، عليه السلام: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، ولذلك بدأت أمس فى مدينة سالونيك اليونانية الدورة الـ56 من مهرجانها السينمائى الدولى، وتستمر حتى 15 نوفمبر رغم الأزمة المالية الطاحنة فى اليونان.
يقام المهرجان لأغراض ثقافية خالصة، وهى الأغراض الأصلية والأساسية لأى مهرجان، وعندما يكون المهرجان للسينما فإن هذه الأغراض تكون للترويج لصناعة السينما فى البلد، ولعرض أفلام مختارة فى نظام ما حتى تتاح لصناع ونقاد وصفوة جمهور السينما، وهذا ما يحققه مهرجان سالونيك من دون حفلات صاخبة ولا سجاجيد حمراء لاستعراض أحدث الأزياء من بيوت الأزياء الكبيرة. كانت للجوائز قيم مالية إلى جانب القيم الأدبية، فأصبحت أدبية فقط، وكانت لجنة التحكيم من رئيس و8 أعضاء فأصبحت من رئيس وأربعة أعضاء، وكان الضيوف يحصلون على تذكرة سفر، فأصبحوا يحصلون على مساهمة محدودة من سعر التذكرة.
يعرض المهرجان 186 فيلماً منها 145 فيلماً طويلاً و46 فيلماً قصيراً من أغلب دول العالم فى كل القارات والثقافات، إلى جانب 226 فيلماً فى سوق دولية من خلال مكتبة الديجيتال فيديو، ويحافظ على كل أقسامه وتقاليده، ومنها درس السينما الذى يقدمه المخرج الفرنسى آرنو ديبلشان، ضيف الشرف، الذى تعرض ثمانية من أفلامه فى برنامج خاص، ويعرض فى الختام أحدث أفلامه «أيامى الذهبية». ومن تقاليد سالونيك أيضاً حفل موسيقى الأفلام الذى يقدمه «أوركسترا سالونيك السيمفونى»، ويعزف هذا العام، موسيقى الفيلم الألمانى الصامت «متروبوليس» إخراج فرتنر لانج عام 1927، وهى من تأليف جو تفريد هيوبرتز.
مسابقة سالونيك للأفلام الطويلة الأولى أو الثانية لمخرجيها، وأقسامه الرئيسية خارج المسابقة هى آفاق مفتوحة وتيارات وعروض خاصة وسينما البلقان والسينما اليونانية وعروض الشباب التى يختارها هواة السينما، أما البرامج الخاصة هذه الدورة فهى عن السينما الجديدة فى النمسا و70 سنة من الأفلام التشكيلية اليونانية، وعن المخرج الرومانى ميرسيا دانيلوك، والمخرج اليونانى نيكوس كافوكيديس والمخرجة البلجيكية شانتال إيكرمان اللذين توفيا هذا العام، ومن اللافت أن إنتاج السينما اليونانية، وأغلبه مدعوم من الدولة، وصل إلى 20 فيلماً فى 2015 رغم الأزمة المالية، وتم اختيار فيلمين منها لتمثيل السينما اليونانية فى المسابقة، وقد عرض أمس فى الافتتاح الفيلم الألمانى «فيكتوريا» إخراج سباستيان شيبر الذى عرض لأول مرة فى مسابقة مهرجان برلين.