طريق «القاهرة- الإسكندرية» الصحراوى يفشل فى «اختبار الأمطار» بعد التطوير

كتب: محمد طارق الخميس 05-11-2015 20:57

«الشتاء القادم لن يعرف الاستقرار».. توقعت هيئة الأرصاد الجوية ذلك. بينما تضرب الأمطار الطريق الواصل بين القاهرة والإسكندرية وتهبط السحب على كل ما بينهما. الإنذار بدأ قبل نحو 10 أيام حين غرقت محافظة الإسكندرية الساحلية، والأسبوع الحالى غرقت مرة ثانية، بجانب ٣ محافظات أخرى، من بينها محافظة البحيرة.

الطريق الرابط بين الإسكندرية والقاهرة غرق، الأربعاء، واليوم، حيث أحاطت المياه قرية «عفونة»، التابعة لمركز وادى النطرون بأكملها، وانعزلت عن الطريق بعدما انهار الأسفلت المؤدى إليها وتحولت الأرض الرملية إلى طفلة تغرز بها السيارات كلما حاولت المرور، كذلك أغلب القرى الواقعة داخل المركز نفسه.

طريق «القاهرة- الإسكندرية» الصحراوى أيضاً ضربته الأمطار، منذ حلول ليل الأربعاء، أدى عدم استواء الطريق إلى ظهور أماكن ارتفعت منسوب المياه لها بطول كاوتش السيارات التى التزم أغلبها بالمرور على سرعة لا تتعدى 40 كيلومترا، سيارات نقل محملة بالبضائع وأخرى ملاكى تعوم على برك من مياه الأمطار بطول الطريق الذى مُنِحَ الجيش حق استكماله وإدارته، خلال العام الماضى، من هيئة الطرق والكبارى التابعة لوزارة النقل، بعدما أعلنت فى منتصف 2014 تعثر استكمال الطريق، الذى بدأ تطويره منذ 8 سنوات، بحجة عدم توفير المخصصات المالية، بعد أن بلغ حجم الإنفاق على المشروع خلال تطويره نحو 4.2 مليار جنيه، بحسب تصريحات إبراهيم الدميرى، وزير النقل الأسبق.

فى الساعة الثامنة وست دقائق شهد الطريق حادث تصادم سيارة ميكروباص وأتوبيس سياحى، كان الأتوبيس واقفاً بعرض الطريق بعد اختلال عجلته اليسرى، ولم يستطع السائق التحكم فى اتجاهه، توقف فى النهاية بعرض الطريق بعد أن اصطدم بالحواجز الخرسانية، وقتها لم يكن سائق الميكروباص قريباً منه، بحسب شهود العيان الذين التقت معهم «المصرى اليوم»، أثناء قدوم سيارة الإسعاف لنقل سائق الميكروباص. فرغم وقوف سائق الأتوبيس على بعد 100 متر من الميكروباص القادم على الطريق، إلا أن عجلة القيادة اختلت منه بسبب نعومة الأسفلت، يبرر سائق الأتوبيس ذلك مزيلاً التهمة عن سائق الميكروباص، يقول لمحررى «المصرى اليوم» إنه لم يستطع توقيف الميكروباص قبل أن يصطدم فى الأتوبيس ويخرج جميع ركابه مصابين.

استغرقت قوات الحماية المدنية والمسعفون 45 دقيقة لاستخراج سائق الميكروباص من داخل سيارته، بعد أن تهشمت مقدمة السيارة وأبواب الميكروباص الأمامية، بينما يقف قبل الحادث بمائة متر عدد من المواطنين لتنبيه السيارات القادمة بالاتجاه يساراً والتنحى بعيداً عن الحادث.

تشتد الأمطار باتجاه الطريق المؤدى للإسكندرية، يسمع أصداء اصطدامها على السيارات والطريق الأسفلتى الغارق، بينما تتشوش الرؤية فى ظل اعتماد إنارة الطريق على أنوار السيارات فقط.

يتكون الطريق من أربع حارات مرورية، وحارة واحدة غير ممهدة على يمينه لسيارات النقل تهبط عن الطريق السريع بمتر ونصف، نزلت مياه الأمطار إليها من الطريق السريع وتكومت مصحوبة بالرمال والأتربة التى جعلت السير فيها مستحيلاً بسبب النتوءات والمطبات والتكسير الذى أصاب الطريق، مكونة فى النهاية بركاً من المياه ارتفع منسوبها إلى منتصف السيارات الملاكى.

على امتداد الطريق تظهر سيارات بعضها انقلب على جانبه متخطياً الخرسانات الأسمنتية، وبعضها توقف بعد أن اهتزت العجلات على الطريق.

من بداية «وادى النطرون» أصابت المخارج بين الطريق السريع وطريق النقل السائقين بالتشوش، بعض سيارات الملاكى انتقلت إلى الطريق المخصص لسيارات النقل فغرقت فى المياه، سيارات النقل من ناحيتها انتقلت إلى الطريق السريع بعدما غرزت أكثر من واحدة فى المياه، ومن لم يستطع المضى فى الطريق ارتكن على اليمين.

تستحوذ سيارات النقل الثقيل على النصيب الأكبر من حجم التبادل التجارى بين محافظتى القاهرة والإسكندرية، بنسبة 97%، طبقاً لدراسة أعدها الدكتور أسامة عقيل، أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس.

من ضمن أعمال التطوير الذى شهده الطريق إنشاء كبارى تحويلات للانتقال إلى الناحية الأخرى من الطريق لتفادى المرور العرضى للسيارات، الوصول إليها كان مستحيلاً من قبل السيارات التى توقفت على مقربة من إحداها غارقة فى المياه التى تجمعت فى الطريق غير المستوى، وغرز بعضها فى أكوام الرمل الذى لم تتم إزالته بعد الانتهاء من أعمال الطريق، تجمعت أربع سيارات ملاكى أسفل التحويلة منتظرة سيارة نقل كبيرة تمر فتزيل المياه على جانبى الطريق وينخفض منسوبها ليسهل المرور.

فى الناحية المقابلة للتحويلة توقفت سيارتا نقل فى الظلام، بعد أن نزلت من الكوبرى لتغرق فى المياه المتجمعة فى الطريق البطىء، غطت المياه عجلاتها حتى اختفت العجلات الأربع، ووقفت مائلة على جانب الطريق، كانت السيارة محملة بزجاجات بيبسى من الإسكندرية إلى القاهرة، تعطلت السيارة وتوقفت منتظرة قدوم سائقين بشاحنة لمحاولة جرها إلى أرض يابسة فى الطريق، بعد ساعات أتى السائق إلى زميلهما بسيارتى نقل، اقتربوا منه محاولين الوصول له وسط المياه التى ارتفع منسوبها إلى منتصف أقدامهم، يقول نبيل، أحد السائقين: «لم نر شرطياً واحداً على الطريق حتى الآن، فالحين بس يجوا ياخدوا منا مخالفات»، فشلت محاولاتهم لجر السيارة فقرروا الانتظار إلى الصباح، فى طريق مظلم تمتد على جانبيه صحارى واسعة ليس لها آخر، كان من المفترض أن تمتص المياه إذا وضع القائمون فى اعتبارهم احتمالية تساقط الأمطار يوماً ما.