دقيقة حداد

جيلان جبر الخميس 05-11-2015 21:31

اختيار الكلمات والمفردات والجمل وصياغتها نوع من الفن، حتى لغة الجسد فى التحدث والأداء هى نوع من أسلوب الحياة، لأنها تعبر عن خلفية صاحبها وقدراته التعليمية والمهنية.. تعترض قليلا، أو تتوافق معى كثيرا، ففى النهاية هناك واقع أمامك، واضح من الترهل فى الأداء، والتخبط فى التوجهات، وجب أمام كل ذلك الوقوف دقيقة حداد على حال الإعلام المصرى.. نعم، وكيف لا، فهو من تسبب البعض منه فى التشكيك والتشويه فى العلاقة مع عدد من الدول العربية الصديقة، والبعض الآخر فى إثارة التعجب والاستياء لدى المشاهد الأساسى والمتابع الدائم، ويبقى بعض الإقبال عليه من نوعية غالبة من المشاهدين تتماشى مع عدد من العشوائيات السياسية التى تتكاثر من حولنا، فالتجاوزات فى الألفاظ، والتطاول بالكلام، أصبحت من الشجاعة، والجراءة من طرح إعلامى يحقق لك الكثير من المشاهدة.. وكسر ساتر المبادئ، والأخلاق، والتحدث عن خصوصيات الناس يعتبر قوة، وانفرادا، أما التشدق بالعطاء يوما لعزيز قوم زل يعتبر عند البعض زكاة وهبات.. ربما قد ساهم فى ذلك التراكم لأحداث كثيرة انفجرت مع الثورة وضعف خطاب الدولة من إعلامها وكتابها لتلبية احتياجات المواطن، ومن وسط غضب الميدان، عندما دخل البعض على منابر الإعلام فلم يجد أمامه مساحة اعتراض أو أدوات للرفض واضحة أو العرقلة له للأسلوب المتدنى فى الأداء، بالعكس الطريق ممهد له للصياح والصراخ والهرتلة هذا ضمن أسلوب الحياة!! فهل مازال هناك غياب للرؤية؟ للأسف نجد لدى البعض مازال الباب مفتوحا لهم بالشهرة والمال والإعلانات.. وبالتالى تتم الاستفادة من هذه الفجوة الاستراتيجية والتى استخدمت من الآخرين لتحقيق أهم أدوات الفوضى.. وهى بث عدد من الفيروسات الإعلامية والصحفية مبنية على تحالفات تتسم بالحماس، لمرضها بمركبات نفسية أو تحمل الثأر من الدولة، والضعف الثقافى، والجهل المهنى والتخبط الفكرى أو التسطيح السياسى، أدت فى النهاية إلى مشهد الانفلات الإعلامى بعيدا عن المضمون، فأوصلونا إلى مهازل وفضائح وتطاول على خصوصيات المواطن، باسم التخصص فى تقديم الانفرادات أو الأسرار بالمعلومات الجديدة أو التنوع فى تناول الموضوعات بشكل أكثر إثارة وجاذبية، والبعض يملك مبدأ واحدا يؤمن به وهو (خالف تعرف)، فتشتهر سريعا لأنك تزيد من المشاهدة، وبالتالى من عدد الإعلانات، وبذلك يسمى نجاحا، ويصبح الإعلامى نجماً فجأة وحده فى ظل غياب الثقافة وتدهور التعليم، أن يوجه هذا الشخص الذى أصبح نجما إعلاميا لن يؤثر فى الرأى العام دون مراعاة للتداعيات التى تنعكس على الأخلاقيات والمبادئ والسلوك، وغالبا فهو لا يملك الكثير منها لأنه نجده يتنازل عنها بسهولة أمام عتبة المال والأضواء، وهناك المروجون لفكر وتوجه معين دون رعاية لمصلحة الدولة، عن طريق برنامج أو مقال بأسلوب ودرجات تستخدم بشكل مكشوف مباشر لدى المستجدين من بعض الإعلاميين، وبدهاء وصبر والالتفاف لدى المخضرمين الأكثر خبرة من البعض الآخر بالتشكيك والتلاعب بأسلوب أكثر تأثيرا، لأنه أحيانا يكون يوميا أو أسبوعيا لإعلامى وصحفى يجعل التراكم للفكرة دون مقاومة أمامها يؤدى إلى حالة إحباط وتذمر والبعد عن الالتزام بمصالح الوطن أو الانتماء للدولة، أنا هنا لا أطلب الانصياع والتوافق، ولكن أتحدث عن أسلوب، والكلمات المعبرة عن الرفض أو الاعتراض وآليات التفاوض والتحاور تفتقر للتحضر والاحترام، وفى النهاية يقول لك إنها وجهات نظر عليها أن تحترم!! إذاً نحن أيضا زميلى العزيز نملك وجهة نظر أخرى، وعليها أن تجد مساحة من الاحترام للاعتراض والرفض لهذا الأسلوب، وعليها أن تسمع أيضا، لأن هناك أمثلة إيجابية لنا ظهرت أمام هذه الأزمة، فأنتم لا تشكلون وحدكم المشهد ولا تحتكرون الصواب ولا تعبرون عن هموم وأسلوب ونبض الشارع، أنتم لن تبقوا وحدكم على الساحة.. والحقيقة أنه يتم لفظكم من المواطن فى أول منعطف، ولا تجد من يشفع لك سوى رحمة رب العالمين، فكان الله فى عون كل صاحب قلم أو منبر مغيب الضمير، فهذا درس لو تعلمون عظيم.

gailne.gabr @yahoo.Com