لا أقارن مطلقاً بين حجم الفساد هناك وهنا.. أو حجم المال الذى أنفقه أو حصل عليه بعضهم هناك نتيجة الفساد والمال الذى أنفقه البعض هنا أو اضطر أحدهم لتسديده لمحاولة تغطية الفساد.. إنما توقفت فقط أمام هذه المصادفة، حيث نشهد حاليا فى مصر تحقيقات هزيلة وخائبة بشأن فضيحة مباراة السنغال الودية الوهمية فى الإمارات الشهر الماضى التى أصبحنا كلنا نشم رائحة فسادها لكننا لا نعرف وأبدا لن نعرف الذى دفع وقبض وباع واشترى.. بينما تشهد ألمانيا فى نفس الوقت مواجهة قانونية وأمنية لفضيحة فساد تتعلق باستضافة ألمانيا نهائيات كأس العالم قبل تسع سنوات.. الفضيحة التى تخصنا لا يزيد عمرها على ثلاثة أسابيع ولاتزال وقائعها وتفاصيلها ظاهرة وواضحة وليس بين أصحابها من ارتبط اسمه بتاريخ طويل ومكانة حفرتها البطولات والانتصارات فى قلوب الناس وذاكرة الأيام.. بينما فضيحة ألمانيا كانت قبل سنوات ورغم ذلك تحرك البوليس الألمانى بالفعل قبل يومين فقط ودخل رجال البوليس مقر الاتحاد الألمانى لكرة القدم فى مدينة فرانكفورت للبحث والتفتيش عن أدلة وأوراق وتم التحفظ على أكثر من جهاز كمبيوتر وقرص صلب وملفات ومراسلات إلكترونية.. ولم يتردد البوليس الألمانى أيضا فى اقتحام بيت فولفجانج نيرزباخ، الرئيس الحالى للاتحاد الألمانى، ومنزل ثيو زفانتزيجر، الرئيس السابق.. وكذلك بيت هورسيت شميدت، السكرتير العام السابق.. وبدأ ذلك كله بعد أن بدأ بعضهم داخل ألمانيا يتحدثون ويكتبون ويشيرون إلى ستة ملايين وسبعمائة ألف يورو دفعتها ألمانيا لبعض مسؤولى الفيفا لشراء أصواتهم وضمان فوز ألمانيا باستضافة نهائيات كأس العالم 2006.. وكان بصحبة رجال البوليس أيضا ممثلون لهيئة الضرائب الألمانية للتفتيش عما يخصهم بعد شكوك فى تهرب ضريبى مارسه اتحاد الكرة الألمانى ومسؤولوه وقت البطولة.. وكان الأخطر والأكثر قسوة من ذلك كله هو ما أشارت إليه مجلة دير شبيجل الألمانية الشهيرة والرصينة جدا حين وجهت أصابع الاتهام بتقديم الرشوة إلى النجم الأكبر للكرة الألمانية.. فرانز بيكنباور.. الذى كان رئيسا للملف الألمانى الداعى لاستضافة ذلك المونديال وأصبح رئيسا للجنة المنظمة للمونديال.. وقالت المجلة إن صفقة شراء الأصوات تمت فى لقاء خاص جمع بين بيكنباور وجوزيف بلاتر، رئيس الفيفا.. ولم يغضب أحد فى ألمانيا من توجيه هذا الاتهام.. لم يقل أحد إن الإعلام الألمانى قليل الأدب وطويل اللسان لا يعنيه إلا جذب الاهتمام والبحث عن أضواء وأرباح حتى لو كان الثمن هو تشويه صورة ألمانيا، ممثلة فى واحد من كبار نجومها ورموزها.. وعلى الرغم من نفى بيكنباور تقديم الرشوة لبلاتر أو أى أحد فى الفيفا.. إلا أنه اضطر للاعتراف بأن العملية كلها لم تكن خالية من الأخطاء والتجاوزات لكن بدون رشوة.. ولم يمنع ذلك البوليس والقضاء الألمانى من استكمال التحقيقات ولم يوقفهم اسم بيكنباور ومكانته وشهرته من التفتيش فى أوراقه ومراسلاته، ولو استدعى الأمر فسيتم تفتيش بيته أيضا وقد يتم احتجازه لاستكمال التحقيق معه.. فلا أحد هناك فوق أى قانون ومساءلة وحساب.