نظرية كل شىء

أيمن الجندي الأربعاء 04-11-2015 21:17

هذا المقال ينتمى إلى العصف الفكرى. لم أكن غافلا وأنا أحذر أن الظلم يمحق البركة أن هذا القول لا يخضع لمبادئ التفكير العلمى المنهجى الذى يشترط لكى يكون علميا أن يتمتع بخاصيتى القياس والتكرار. ولما كان هذا ممتنعا، أعنى أن يؤدى الظلم فى كل مرة إلى عدم التوفيق، فقد ذكر لى بعض القراء أصحاب التفكير النقدى الحجج التالية:

«أمريكا الفاجرة: لماذا لم تحل بها المصائب؟ عبدالملك بن مروان الذى ضرب الكعبة بالمنجنيق: لماذا استمر ملكه عشرين عاما وصار أبا الملوك؟ لماذا تحدث الزلازل فى بلاد المسلمين وتترك بلاد الدعارة والقمار؟ لماذا يدعو العرب على إسرائيل وبرغم ذلك تتقدم؟وهل دعاء المظلومين لا يصيب إلا الفقراء؟ الدولار يرتفع فيدمر حياة الفقراء! القناة تتراجع فتدمر حياة الفقراء! الطائرة تقع فيموت أناس أبرياء!عندما حدث زلزال ١٩٩٢ لم يتهدم قصر واحد ولكن تهدمت بيوت الفقراء!».

هذه الحجج وغيرها لم أكن غافلا عنها بالطبع، أنا الذى لطالما ناديت بترشيد الاستشهاد بالنصوص الدينية. وذكرت فى مقالات سابقة أن الدنيا للاختبار والآخرة للجزاء، ودليلى على ذلك أن القرآن أثبت قتل الأنبياء- وهم خير البرية- والتاريخ حفظ لنا الميتة البشعة للحسين وقد كان بلا شك خيرا من يزيد!

................

كل هذا حق لا ريب فيه ولكنه ليس الحق الوحيد. ألم يقل ربنا -عز وجل-: «وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا». لقد جعل البركة والتوفيق فى تقوى الله وليس فى مجرد تأمين مستقبلهم بالأموال كما نفكر كلنا. أليس كذلك؟

ألم يقل رب العزة على لسان النبى نوح: «فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا». فربط بين الاستغفار وبركة الرزق؟

ألم يقل سبحانه: «ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض». وقال أيضا: «من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة».

هذه بعض النصوص المقدسة، والتى يُصدّقها أيضا الواقع الملموس الذى عشناه كلنا. أستحلفكم بالله: ألم يحدث لكم أنكم دعوتم الله عز وجل فى أمر كنتم تظنونه مستحيل التحقق فاستجاب لكم؟ ألم يحدث لنا كلنا أننا استغثناه- عز وجل- فأغاثنا؟

■ ■ ■

حجج المخالفين حق، والاستجابة أيضا حق.. ربما يبدو التوفيق صعبا بين هذه المتناقضات لأننا نحكم عليها فى إطار أعمارنا الضيقة ورؤيتنا المحدودة.

لذلك كثيرا ما أفكر أننا بحاجة إلى «قانون القوانين» بالضبط كما يحلم به علماء الفيزياء. القانون الكلى الذى يجمع القوانين كلها فى إطار منضبط. حلم أينشتين الأخير الذى عجز عن تحقيقه. كان أينشتين يحلم بتفسير واحد مُحْكم لكل القوى المعروفة فى الكون. وحتى اللحظة ما زال بعضٌ من ألمع الفيزيائيين يحلم بالوصول إلى هذا القانون ويكرسون له حياتهم.

«قانون القوانين» أو «قانون كل شىء»،الذى لن يفسر فقط كل القوى الموجودة فى الكون، ولكن يفسر أيضا طبيعة الزمان والمكان.

■ ■ ■

بينى وبينكم. الكون أكبر من مجرد التفسير العقلى الحسى. لذلك أنا واثق أن هذا القانون موجود. ربما هى معادلة كونية كبرى لم تتسع لها بعد عقولنا الصغيرة. وربما لن نستطيع الوصول لها أبدا. ولكننى أثق أنها موجودة. وأثق أيضا أننا لو وصلنا إليها فإنها ستفسر لنا كلما أغمض علينا من أحوال الحياة المحيرة.

elguindy62@hotmail.com