سألت فى باريس، عن سعر قضاء ليلة، فى فندق قريب من شارع الشانزليزيه، ثم عن سعر قضاء ليلة أيضاً، فى فندق مماثل بعيد عنه، وفى مناطق جميلة من باريس نفسها، فاكتشفت أن السعر فى الأول ثلاثة أضعاف الثانى على الأقل، وأن السبب الوحيد هو مجرد القرب من الشارع الشهير!
ويعرف الذين زاروا العاصمة الفرنسية، وقضوا وقتاً فى شارعها الأشهر، أنه يبدأ بالمسلة المصرية الجميلة من ناحية، وينتهى فى الناحية الأخرى بقوس النصر، وفيما بينهما يمتد الشارع، وتنتشر المقاهى البديعة على الجانبين، ويتسع الرصيفان فيه، عن نهر الشارع ذاته، ويتحول بامتداد العام كله، إلى ممشى ممتع لكل زائر إلى باريس، وإلى مكان مفضل للبيع والشراء، رغم أسعاره الخيالية، ثم يتحول فى أعياد رأس السنة إلى تحفة نادرة!
وبعد جولات متعددة على رصيفيه فى الاتجاهين، كان عندى سؤال يؤرقنى، وأتمنى لو وجدت له جواباً لدى القائمين على البلد عندنا، بوجه عام، والقائمين على محافظة الجيزة، بشكل خاص، ثم القائمين على أمر السياحة بشكل أخص!
السؤال هو: إذا كان شارع الشانزليزيه قد تحول، مع الوقت، إلى مورد سياحى ضخم فى بلده، فأين الشارع المماثل له فى بلدنا؟!.. والسؤال بشكل أوضح: إذا كان السائح هناك يأتى من أرجاء الدنيا، ليقطع الشارع الطويل، بدءاً من عند قوس النصر، فى جانب منه، ليتفرج على المسلة المصرية، ويتأملها، ويدور حولها، فى الجانب الآخر، فلماذا لا يكون شارع الهرم، مثلاً، هو الشارع المشابه له فى الجيزة؟!
شارع الهرم، اشتهر بيننا، وبين الإخوة العرب، بكل ما هو سيئ، مع أنه لو وجد أحداً يخطط له سياحياً، فسوف يجعل السائح الذى يقطعه من أوله، يصل فى آخره، ليجد نفسه أمام الأهرامات وجهاً لوجه، ولابد أنه فارق شاسع جداً بين أن تقطع الشانزليزيه، لتجد نفسك فى مواجهة مسلة مصرية يتيمة، وبين أن تقطع شارع الهرم، لتصل عند نهايته إلى الأهرامات الثلاثة بكل جلالها، ثم إلى فندق الميناهاوس بجوارها، بكل ما يرتبط بنشأته، وتاريخه من أشياء سوف تدعو كل سائح بالضرورة إلى أن يسعى إلى التقاط الصور فى داخله، ويحرص على الاحتفاظ بها مدى حياته، لأنها سوف تكون جزءاً عزيزاً من ذكرياته!
قرأت صباح أمس، تصريحاً فى «المصرى اليوم» لمحافظ الجيزة، يقول فيه إنه لا يخشى حركة المحافظين القادمة، فأسفت للغاية، لأن تصريحاً كهذا لا يقوله مسؤول يتولى شأن محافظة مثل الجيزة، إلا بعد أن يكون قد قدم لها، ولأبنائها عموماً، ثم لسياحتها خصوصاً، ما يدعوه إلى أن يتمنى ترك المنصب ليستريح.. أما أن يكون هذا هو حال المحافظة البائس، منذ أن تولاها، فالله وحده فى عون الرئيس السيسى، وهو يختار مسؤولين إلى جواره، فيخذلونه واحداً وراء الآخر!
إننى أرجو رجل السياحة العتيد، هشام زعزوع، أن يدرس هذه الفكرة لشارع الهرم، فهو أولى بسياح الشانزليزيه وزائريه، لو أننا عرفنا كيف نجعله طريقاً إلى «بيع» الأهرامات لكل سائح!