روسيا تطلق أكبر برنامج خصخصة لجمع 29 مليار دولار

السبت 31-07-2010 00:00

أقرت الحكومة الروسية أكبر برنامج خصخصة يشمل بيعاً جزئياً لأصول 11 شركة تابعة لها، يشمل ذلك بنوكاً وشركات نفط وطاقة عملاقة فى خطوة تهدف لجمع أكثر من 29 مليار دولار لمحاولة سد العجز فى الموازنة.

وقال رئيس إدارة الأصول فى وزارة التنمية الاقتصادية الروسية ألكسى إيفاروف إن قائمة الشركات التى سيتم بيع جزء من أصولها تشمل البنك الرائد فى روسيا «سبيربنك» وشركة «روسنفت» الكبرى للنفط، ولكن شركة السكك الحديدية «آر زد إتش دى» استبعدت من القائمة على عكس التوقعات الأولية.

ولفت إيفاروف إلى أن قائمة تشمل أيضا شركة تشغيل خطوط أنابيب الطاقة «ترانسنفت» وبنك «فى تى بى» المملوك للدولة وشركة رش هيدرو المشغلة للطاقة الكهربائية فى البلاد. ووفقا لتقارير الصحف الروسية.

وقالت إلفيرا نابيولينا وزيرة التنمية الاقتصادية الروسية فى تصريحات نقلها موقع قناة روسيا اليوم التليفزيونية «إن عملية الخصخصة تهدف إلى جذب الأموال إلى الميزانية وهذا أمر نعتبره مهماً جداً، أن تؤدى إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الروسى، حيث إن الدولة تمتلك فيه حالياً حصة كبيرة جداً، مع رغبة الحكومة فى تشجيع القطاع الخاص ليكون قادرا على المنافسة».

ويرى محللون اقتصاديون أن قرار الخصخصة يفتقر إلى الشفافية، معتبرين أنه يناقض استراتجية القبضة الحديدية بتركيز الاقتصاد بين أيدى الدولة والتى طبقت طيلة عقد من الزمن من جانب فلاديمير بوتين الرئيس الروسى السابق ورئيس الوزراء الحالى، بهدف إخضاع رجال الأعمال البارزين الذين بنوا لأنفسهم امبراطوريات أثناء عمليات التخصيص الغامضة فى التسعينيات.

وتقول ليليت جيفورجيان الخبيرة بمركز «جلوبال إن سايد» فى لندن إن «مشروع الحكومة بتخصيص مؤسسات عامة على نطاق واسع يعنى عملية التفاف تامة بالنسبة إلى سياسة السنوات العشر الماضية».

واعتبرت الخبيرة أن عمليات التخصيص المعلنة هذه تخدم أيضا سياسة «تحديث» الاقتصاد التى يدعو إليها الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف باستمرار ولكنه لا ينجح فى فرضها وتطبيقها.

فى المقابل يرى محللون آخرون أن الوقت الراهن مناسب لبيع هذه الشركات الروسية للمستثمرين، وأبرز أنصار هذا الاتجاه سيرجى إم جورييف، رئيس الكلية الاقتصادية الجديدة بموسكو وعضو مجلس إدارة «سبيربانك» الذى يقول «أسعار السلع مرتفعة، فى الوقت الذى تحتاج فيه روسيا لنقد. لذا، فإن الوقت الحالى مناسب تماما للبيع».

وأضاف فى تصريح لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن إجراءات البيع الراهنة ستختلف بوضوح عن إجراءات الخصخصة التى شهدتها تسعينيات القرن الماضى، حيث ستأتى الأسعار أعلى هذه المرة لامتلاك روسيا حاليا بنية تحتية من مصارف استثمارية وأسواق أوراق مالية لإدارة عمليات البيع بشروط السوق. وقال جورييف «إنها خطوة كبيرة للغاية فى الاتجاه الصحيح».

واعتبرت الصحيفة الأمريكية أنه رغم أن هذا العجز يبقى داخل حدود يمكن السيطرة عليها طبقا لمعايير حكومات أخرى خلال فترات الركود، فإنه يشكل تراجعا خطيرا بالنسبة لروسيا. ومن الواضح أنه قاد إلى قرار بيع حصص من شركات مملوكة للدولة. المعروف أن العائدات النفطية نجحت فى إحداث تحول فى روسيا خلال العقد الماضى، حيث خلقت حالة من الازدهار وأنقذت الملايين من براثن الفقر وأقرت ما بدا أنه أوضاع مالية عمومية قوية.

وتشير الأرقام إلى أن روسيا لاتزال تملك احتياطيات ذهب وعملة أجنبية تقدر بـ467 مليار دولار، جرى ادخارها خلال فترة الازدهار النفطى. إلا أن إنفاق تلك الأموال على الاقتصاد قد يرفع قيمة الروبل بما يضر بالصناعة المحلية وقد يضع روسيا فى مأزق حال تراجع أسعار النفط مجددا.

وعن أسباب العجز فى الموازنة، تشير أصابع الاتهام الرئيسية عن العجز إلى تنامى الإنفاق العسكرى، طبقا لما نقلته نيويورك تايمز عن صحيفة «فيدوموستى» الروسية الاقتصادية. ومن المتوقع أن ترتفع الإنفاقات العسكرية بنسبة 13% عام 2011، مما يوحى بأن المسؤولين الروس اضطروا للاختيار بين خيارين أمر من بعضهما البعض: المؤسسة العسكرية أو الأصول النفطية والصناعية الحكومية. كما يسهم التعليم وخدمة الدين فى تضخيم الميزانية الروسية.