الوجه الآخر لعمرو موسى

السبت 31-07-2010 00:00

لا يعرف المواطنون العرب مِنْ عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، غير الوجه السياسى، الذى يمارسه ويعكسه طول اليوم فى منصبه. لايزال الرجل عنده أمل فى أن يأتى يوم، يتوافق فيه الحكام العرب على موقف واحد تجاه مختلف القضايا المطروحة عليهم، وإذا كان هذا لم يحدث إلى الآن، إلا فى مرات تظل معدودة على أصابع اليد الواحدة، فإن أمين عام الجامعة فيما يبدو، لا يسمح لليأس من مجىء ذلك اليوم، بأن يتسرب أبداً إلى عقله، ولا إلى وجدانه!

ولكن.. بعيداً عن هذا الوجه السياسى، هناك وجه آخر، بل عدة وجوه للجامعة، ليست مُحببة إلى الإعلام، وقد أتيح لى أن أتابع بعضاً من ملامح هذا الوجه الآخر، خلال بضعة أيام فى دمشق.. فهناك، كان يافعون عرب من 16 دولة عربية، قد اجتمعوا حول مائدة واحدة، ليروا معاً، إلى أين وصلت الخطة العربية الثانية للطفولة العربية، التى كانت قمة تونس 2004 قد أقرتها، ثم راحت تتابع العمل بها، فى كل دولة، إلى عام 2015، فعند هذا التاريخ، سوف يكون مطلوباً من كل عاصمة عربية، أن تقول لنا، ثم تقول للجامعة، ماذا حققت من الخطة، وماذا وفرت لأطفالها من حقوق.

سألت السيدة منى كامل، مديرة إدارة الأسرة والطفل فى الجامعة، عن الخطوط العريضة التى تعمل وفقاً لها تلك الخطة، ففهمتُ منها، أن هناك أربعة خطوط من هذا النوع هى: الصحة، التعليم، الحماية للطفل، ثم المشاركة، من جانبه، فى صياغة مستقبل بلده!

وقد كان مطلوباً من كل «يافع» عربى، وهى بالمناسبة صفة لكل شاب أو شابة من 14 إلى 18 سنة، أن يقولوا لبعضهم البعض، ثم للذين جلسوا فى دمشق يسمعونهم، ماذا يتحقق لهم فى بلادهم، كل بلد على حدة؟ فى هذه الميادين الأربعة، وماذا يجب أن يكون متحققاً، فى السنوات المقبلة، وقد كان شيئاً يدعو إلى الأسى، أن نسمع من أطفال أو يافعى فلسطين تفاصيل نصيب كل واحد فيهم، على أرضه المحتلة، من الصحة، والتعليم، والحماية، ثم المشاركة!

وقد كانت هذه هى المرة الأولى، التى أرى فيها عن قُرب، كيف أن الجامعة العربية مشغولة، بل ومنجِّزة، فى مجالات أخرى، بخلاف السياسة، وكان شيئاً يدعو إلى التفاؤل بالمستقبل، أن يكون التعليم والصحة، بوجه خاص، من بين القضايا التى تحرص الجامعة العربية، على أن تكون من بين أولوياتها فى العمل على هذا المستوى، وقد كنت أتمنى ولاأزال، أن يكون التعليم، كأولوية عمل، متقدماً بلا منافس على الصحة، وليس تالياً لها، لأنه، فى ظنى حين يتاح كما ينبغى، هو الحل الوحيد لشتى مشاكلنا، وليس مجرد مشكلة، علينا أن نواجهها، كما قد يتخيل بعضنا!

وإذا كان لى، أن أطلب شيئاً من عمرو موسى، فهو أن يجعل إدارة الأسرة والطفل النشطة، هى الإدارة الأولى فى جامعته بالرعاية، وأن يدعمها بكل ما يملك ويستطيع، لأنه سيد العارفين بأن حصيلة العمل من خلالها، والحال كذلك، سوف تكون مؤكدة فى المستقبل، تعليماً وصحة، على عكس السياسة، التى تظل حصيلتها دائماً محتملة، وقد تأتى بالسالب، فى كثير من الأحوال!