مسلسل «غرق الإسكندرية» بدأ بتجديد «الصرف الصحي»

كتب: عزة مغازي الأربعاء 28-10-2015 08:28

قبل أسابيع من نهاية عام 2004، أعلن محافظ الإسكندرية الأسبق، اللواء عبدالسلام محجوب، القادم إلى منصبه بعد تاريخ طويل من العمل مع القوات المسلحة، مبادرة لإعادة هيكلة شبكة الصرف الصحى بالإسكندرية، معلنًا في بيان تلقته وسائل الإعلام وقتها: إن حالة الشبكة قد تراجعت مع الامتداد العمرانى المستمر للمدينة، والذى تسبب في ضغوط متزايدة على شبكة صرفها التاريخية.

لم يعلن المحجوب في بيانه عن تفاصيل خطة الهيكلة، لكن السيدة سعاد حلمى، رئيس حى وسط الإسكندرية، أعلنت في تصريحات لها على فضائية سى بى سى مساء، الأحد، أن خطة المحجوب تضمنت تحميل صرف المدينة على الشبكة المستقلة لصرف الأمطار، بعد ربط الشبكتين. وقالت في نص تصريحاتها: «إن شبكة المطر كانت منفصلة وبها محطات احتياطية تعمل في الشتاء فقط، وتلقى بمياه الشتاء بالبحر أو ترعة المحمودية، ولم يكن أحد يشعر بالنوة».

لا يذكر سكان الإسكندرية موجات من الغرق جرت في الشتاء قبل عام 2009، وبحسب شهاداتهم التي استقبلتها المكالمات الهاتفية لبرامج الهواء يوم «الغرق»، وتلك التي انتشرت عبر صفحات أهالى الإسكندرية على شبكات التواصل الاجتماعى، فإن نصيب أهل الإسكندرية من الشتاء كان برودته واكتساء الأرصفة ببرك صغيرة من تجمعات الأمطار المتخلفة عن الصرف. لكن معظم المياه كانت توجه إلى البحر أو إلى ترعة المحمودية التي تربط المدينة بالنيل، لتستغل تلك الأمطار في زراعة القرى الواقعة على أطراف المدينة. ولكن في السنوات الأخيرة؛ صار الشتاء لعنة سكندرية، يخشاها السكان عوضًا عن انتظارها، بعد أن صارت شوارعهم تمتلئ بالمياه، حتى إن الباحث السكندرى في علم الاجتماع السياسى «عمرو على»، قال عبر حسابه الشخصى على صفحة «باحثى الإسكندرية»: «حان الآن الموعد السنوى لبروفة التحول إلى فينيسيا»، ساخرًا من تحول شوارع المدينة إلى جزر قليلة متناثرة وسط المياه.في مساء اليوم نفسه، قَبِل رئيس الوزراء المكلف، شريف إسماعيل، استقالة هانى المسيرى، محافظ الإسكندرية، لتتباين آراء أبناء الإسكندرية بين الترحيب والتفاؤل بتولى محافظ جديد قادر على مشاكل المدينة المتراكمة منذ بدء موجة البناء المخالف، والامتدادات المنظمة التي جرت بموافقة المحافظة ومجالس المدن والأحياء بداية بعهد المحافظ الأسبق عبدالسلام المحجوب، دون إعادة تخطيط لشبكات المرافق، بينما أظهرت آراء أخرى التخوف من عدم نجاح أي محافظ جديد، خاصة لو كان مدنيًا، في التغلب على البيروقراطية الحاكمة للمدينة. بينما انتقد بعضهم سيطرة رؤساء الأحياء ذوى الخلفيات العسكرية على إدارات المدينة، مما يعوق- في رأيهم- عمل المحافظين.

وفقًا لدراسة أعدها الباحث أشرف محمد المصطفى، الباحث بقسم الهندسة الهيدروليكية بكلية الهندسة جامعة عين شمس، فإن مدينة الإسكندرية تحوى شبكة خاصة لتصريف مياه الأمطار وضعها اليونان عند بنائهم للمدينة، وظلت هذه الشبكة تعمل بكفاءة إلى أن جددت وجرت توسعتها وإعادة تخطيطها بقرار من الخديو إسماعيل عندما بدأت عمارة الأجانب للمدينة، وتم تصميمها حينها على غرار شبكة تصريف الأمطار لمدينة نيوريورك. وظلت الشبكة على كفاءتها دون أن تطرأ عليها أي تغييرات حتى تم دمجها في شبكة الصرف الصحى، لاستغلال محطات التصريف الاحتياطية لنظام صرف الأمطار، ودمجها كمحطات للصرف الصحي؛ مما أدى لتراجع حالة الشبكة وعدم قدرتها على القيام بمهمتها في تصريف الأمطار العاصفة التي تتعرض لها المدينة خلال نوّات الخريف والشتاء.

وبحسب دراسة «الإسكندرية 2030» التي نشرتها مؤسسة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، فإن نظام صرف مياه الأمطار لا تتوقف مهمته عند حماية شوارع المدينة من الغرق خلال فترة الشتاء فحسب، بل يمتد أثره لإنقاذ المدينة من الغرق الفعلى بفعل التغير المناخى بحلول عام 2100، الذي قد يشهد ارتفاع منسوب البحر بمقدار 56 سم، مما يهدد بعزل الإسكندرية عن الدلتا وفقد مساحات من أرضها داخل البحر. وبحسب الدراسة أيضًا فإن أمطار الإسكندرية لا تقع في نطاق السيول الكارثية؛ وإنما هي «أمطار غزيرة يمكن الاستفادة منها وإعادة استخدامها، وتمثل في مجموعها إضافة إيجابية لنظام المياه في الإسكندرية ومنطقة الساحل الشمالى لمصر».