رئيس نادى تدريس الطاقة الذرية: 80% من الكفاءات النووية هاجرت بعد إنفاق الملايين عليهم ولا يمكن اختزال حلم «عبدالناصر» فى مفاعل توليد كهرباء

كتب: هشام عمر عبد الحليم الأحد 25-10-2015 10:22

شدد الدكتور محمد عاشور، رئيس نادى تدريس هيئة الطاقة الذرية، فى حواره مع «المصرى اليوم»، على ضرورة تغيير اللائحة الخاصة بالهيئة، وأكد أن استمرارها دون تعديل تسبب فى خسارة ملايين الجنيهات، بالإضافة إلى هروب الكفاءات النووية، وطالب الدولة بتنفيذ البرنامج النووى، وإعادة النظر بشأن إشراف وزارة الكهرباء على هيئتى الطاقة الذرية والمواد النووية، وإعداد هيكلة شاملة للهيئتين، تحت مظلة لجنة متخصصة من العلماء والخبراء والفنيين، وأن يكون رئيسها وزير دولة، وأن تضم مراقبين عن الأمن القومى والخارجية، لإعداد الآليات والتنظيم والتنسيق بين الهيئات النووية لتنفيذ الأهداف المحددة بالقرار 288 لسنة 1957، وما يستحدث من أهداف، ومتابعة تنفيذها، على أن تتبع هذه اللجنة رئيس الجمهورية مباشرة. وإلى نص الحوار..

■ هل فازت روسيا بإنشاء أول مفاعل نووى فى مصر؟

- المفاوضات مستمرة، والأمر لم يحسم بعد، وهناك تقدم فى المفاوضات مع الجانب الروسى.

■ ماذا طلبتم من المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، أثناء افتتاحه مصنع النظائر المشعة خلال أغسطس الماضى؟

- تقدمنا لمحلب بثلاثة طلبات؛ أولها ضرورة تعديل لائحة الهيئة، بما يسمح لها بأداء دورها الحقيقى، وإنشاء مجلس أعلى للاستخدامات النووية، وإنشاء هيئة استشارية تكون قراراتها ملزمة، لأن الأوضاع الحالية كارثية؛ فهل يعقل أن 80% من الكفاءات المُدربة، هاجرت إلى النرويج للعمل فى المنشآت النووية، بعد إنفاق ملايين الجنيهات عليهم؟!.

■ ما رأيك فى الخطوات الأخيرة المعنية بالبرنامج النووى؟

- هناك خطوات جادة لإنشاء محطة طاقة كهربائية نووية، وهناك مصطلحات يجب تصحيحها؛ فهناك فرق بين محطة نووية وبرنامج نووى.

■ وما الفارق بينهما؟

- هناك اختلاف كبير؛ فالبرنامج النووى يشمل جميع التطبيقات والأبحاث السلمية واستخلاص المواد النووية أو اللصيقة بها، ولذا فهيئة الطاقة الذرية تضم جميع التخصصات، ولا يمكن اختزال الحلم النووى، الذى بدأه الزعيم الراحل عبدالناصر فى مفاعل نووى لتوليد الكهرباء.

والرئيس جمال عبدالناصر عندما قرر بناء السد العالى أنشأ وزارة تولاها الراحل صدقى سليمان، أول وزير للسد، باعتباره مشروعا قوميا استراتيجيا، والمشروع النووى يحتاج وزارة أو هيئة تضم علماء من كافة التخصصات لإدارة البرنامج النووى لتطوير جميع الحياة فى مصر.

وعند إنشاء هيئة الطاقة الذرية صدر القرار رقم 288 لسنة 57، واتسم برؤية واضحة وأهداف محددة، إلا أن الهيئة أصبحت حائرة الآن، وقديما كانت تتبع رئيس الجمهورية؛ ثم انتقلت إلى مجلس الوزراء؛ ثم إلى وزارة البحث العلمى؛ ثم وزارة الكهرباء.

■ لماذا تنتقدون أداء وزارة الكهرباء فى الإشراف على الهيئة؟

- الأبحاث فى هيئة الطاقة الذرية تتمدد فى مختلف مجالات الحياة، ولا تقتصر على توليد الكهرباء، والوزارة تتعامل مع البرنامج النووى؛ باعتباره محطة توليد كهرباء نووية، وهو أمر خاطئ للغاية؛ فالبرنامج النووى له تطبيقات؛ فهو يرتبط بالزراعة والتعدين والصناعة والبترول والصحة وغيرها من المجالات، فلماذا لا تشرف عليه إحدى هذه الوزارات، ولذا نطالب بضرورة فصلها، وأيام الزعيم الراحل عبدالناصر كانت تتبعه بشكل مباشر، فكانوا يمتلكون من الوعى ما يؤكد أن الهيئة كيان غير عادى، يغطى معظم نواحى الحياة، وهذا يتوافق وجميع دول العالم؛ ففى إنجلترا تتبع الهيئة الملكة مباشرة، وفى إسبانيا تتبع أحد الأمراء، وهناك دول خصصت لها وزيراً مستقلا.

■ هناك لجان تبحث تطوير نظام الهيئة.. هل شاركتم فى هذه اللجان؟

- للأسف نسمع عنها ولم نشترك فيها، ولم تستمع هذه اللجان لوجهة نظر أساتذة الطاقة الذرية، ويدعو البعض لإلغاء تبعيتنا لقانون الجامعات، باعتبارنا موظفين فى الدولة وتجاهلوا دورنا فى البحث العلمى.. فهل يعقل مناقشة تطوير أداء هيئة الطاقة الذرية، وإجراء تغييرات تشريعية لنظامها الداخلى دون أخذ رأى علمائها، والاكتفاء برأى موظفى وزارة الكهرباء.

■ ما عدد العاملين بالكادر الجامعى فى الهيئة؟

- الهيئة تضم 1500 كادر جامعى فى كل التخصصات.

■ هل تقدمتم بمقترح لتطوير الهيئة؟

- قدمنا مقترحات لجهات سيادية، بشأن رؤيتنا لإزالة المعوقات، وقدمنا التجارب التى مرت بها الدول المشابهة، ولابد من إعادة تشكيل الهيئة بطريقة مؤسسية وإعداد وحدات للبحث فى التطبيقات، لضمان التشغيل والاستفادة من الإمكانيات المتوافرة، من خلال تشكيل لجنة من علماء تضع السياسات والأهداف بوضوح ومتابعة تنفيذها، على أن تتبع رئاسة الجمهورية، لأن البرنامج النووى سيكون متداخلا مع معظم الوزارات؛ سواء الكهرباء أو الصحة أو الزراعة وغيرها.

وقد أدت القرارات المتعاقبة إلى فقدان الكوادر الفنية الماهرة وتفريغ الهيئة من الشباب الماهر؛ وعندما توقف العمل فى المفاعل الأرجنتينى فقد العاملون به الامتيازات المالية؛ فاضطر العديد منهم إلى السفر بحثا عن الرزق، ولابد من صدور لائحة مالية خاصة للعاملين فى المنشآت النووية والإشعاعية وغير الخاضعين لقانون الجامعات رقم 49.

■ ما الأبحاث التى تُعدها الهيئة حاليا؟

- الهيئة تجرى أبحاثا لا تجد طريقها للتنفيذ، بسبب العوائق القانونية، وعدم سماح لائحة الهيئة بتنفيذها عبر إنشائنا شركات أو الدخول فى شركات لتوفير دخل للبلاد، من خلال المجالات الزراعية والطبية وغيرها، وهو ما تقوم به الهيئة الذرية الأرجنتينية.

■ هل هناك أمثلة؟

- هناك استخدام لتقنيات معينة لعلاج الجروح الخاصة بمرضى السكر، وكذا لإنتاج النظائر المشعة، التى توقف تسويقها، بسبب عدم موافقة وزارة الصحة، وعدم وجود شركة تابعة للهيئة لتسويق الإنتاج، ما يؤدى إلى استيرادها من الخارج بمئات الملايين من الدولارات، وهو ما يمكن إنتاجه محليا وتصديره، ولدينا أبحاث جاهزة فى مجال الأسمدة الزراعية، وبشأن تطوير نباتات تتحمل الرى من المياه المالحة، ولدينا تطبيقات ناجحة لإنتاج طفرات جديدة من محصول السمسم، تنتج ثلاثة أضعاف النسب العالمية فى المحصول.

■ لماذا لم تعلنوا عن تلك الأبحاث للاستفادة منها؟

- ومن الذى سيعلن عنها.. وكيف يمكن الاستفادة منها.. إذا كانت اللوائح تقيدنا، فإنه حال إجراء تلك التجارب لابد من موافقة وزارة الزراعة لتوفير حقول تجريبية، ولا يمكن إنشاء شركة أو هيئة لتسويق نتيجة.