السيسى قام بجولات خارجية عدة. في طريقه لرحلة جديدة تشمل الخليج العربى والهند. أتوقف عند زيارته إلى سنغافورة. أتوقف عند عنوان واحد في هذا البلد المثير للدهشة. المثير للتأمل. إنه التعليم. كانت سنغافورة الستينيات قاسية. فقر، مرض، وفساد، وجريمة. بيعت مناصب الدولة والبرلمان لمن يدفع. باع القضاة أحكامهم. احتكر أهل السلطة الأراضى والأرز. الذي هو طعام الشعب. آنذاك. استغل رجال الشرطة نفوذهم. واستغلوا الفتيات الصغيرات في الدعارة مع الأجانب. قال الجميع: الإصلاح مستحيل. لكننى التفت إلى المعلمين. كانوا في بؤس وازدراء. منحتهم أعلى الأجور. قلت لهم: أنا أبنى لكم أجهزة الدولة، وأنتم تبنون لى الإنسان. من مذكرات لى كيوان يو، مؤسس سنغافورة.
كل المؤشرات الدولية عن التعليم في مصر متدنية. في الحضيض. لا تبعث على التفاؤل. بل تبعث على الخوف والرعب من المستقبل. لا أحد مهتم. لا في الحكومة ولا في المجتمع المدنى. لا أحد قادر على طرح رؤية للإصلاح. نتحدث عن مشاريع زراعية. عن بناء عاصمة جديدة. عن مفاعلات نووية. لكن التعليم وبكل أسف غير موجود في خريطة الدولة. كل رجال الدولة. الرئيس. رئيس الحكومة. وزير التعليم نفسه. لا يبالى بالتعليم. يهتم بقشور. بأمور هامشية. مثل الغياب والحضور. الدروس الخصوصية. الكتب الخارجية.
التعليم له كلفة لابد أن يدفعها أحد. الدولة غير قادرة. تقف عاجزة. مكتوفة الأيدى منذ عقود. التعليم عند الدولة خسارة. عند القطاع الخاص أرباح. ميزانية كل الأسر مرهقة من كثرة الإنفاق على التعليم. لكن الغالبية العظمى لا تتلقى التعليم المناسب.
المجانية وهم. نعيش فيه ونعايشه منذ عقود. واجب أن يكون التعليم الأساسى بالمجان. لكن بعد ذلك لن يكون. حتى لا نخدع أنفسنا أكثر من ذلك. التعليم الجامعى قد يتحقق بالمبادرات الأهلية. مثل جامعة النيل. لا تسعى للربح. تقدم تعليماً متميزاً. صحيح أن جامعة زويل مازالت تحتل مبانيها. كان المفترض أن ترحل في سبتمبر. سترحل قريبا. امتثالا لأحكام القضاء. أتمنى للجامعتين النجاح. قد تكونان نموذجين للتعليم الجامعى في مصر. هذا هو الهدف الأكبر. لن ينفع عناد إدارة جامعة زويل في إصلاح الأمور. بات لديها مبانيها. عندها ما يكفى وزيادة. مليارات دفعها المصريون من أجل زويل.