حزب النور والسيسي .. من التعبّد بتأييده إلى شكواه لله (فيديو)

كتب: هبة الحنفي, رضا غُنيم الخميس 22-10-2015 15:35

يبدو أن العلاقة بين حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، والنظام الحالي بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي ستأخذ منحنى آخر خلال الفترة المقبلة، بعد خسارة الحزب في الجولة الأولى من الانتخابات أمام قائمة «في حب مصر»، واتهام الدولة بـ«الصمت تجاه هجوم الإعلام عليه».

وخاطب ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، الرئيس السيسي قائلًا: «سأحاججك يا سيسي أنت ومن معك على ظلمنا بالانتخابات»، مشيرًا إلى أن «النور تعرض لحملة تشويه ممنهجة من القنوات والصحف الحكومية والخاصة».

وترصد «المصري اليوم» مراحل الشد والجذب بين الحزب السلفي، والسيسي، منذ مشاركته في عزل محمد مرسي، حينما كان وزيرًا للدفاع مرورًا بتأييده في الرئاسة حتى الهجوم عليه بعد خسارة الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية.

مشاهد التأييد

1. عزل محمد مرسي

لبى حزب النور نداء السيسي حينما كان وزيرًا للدفاع، وشارك في الاجتماع الذي دعا إليه مع ممثلين عن قوى سياسية والأزهر والكنيسة، في إعداد خارطة الطريق، وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبرر الحزب موقفه المُضاد لجماعة الإخوان بـ«حقن دماء الشعب المصري»، حسب ما قال القيادي بالحزب، جلال مرة، في كلمته ببيان العزل.

ورفض الحزب السلفي، اتهام الجيش من قبل أعضاء وأنصار الإخوان بـ«الانقلاب على مرسي»، وقال «مُرّة»: «هناك أطماع عالمية وأحقاد وأطماع محلية تحيط بمصر، والجيش المصري يقف حجر عثرة أمام هذه المخططات، وهو صمام الأمان لمصر داخليًا وخارجيًا».

2. فض اعتصام رابعة

دافع ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، عن السيسي حينما جرى اتهامه من قبل «الإخوان»، ومنظمات حقوقية بقتل معتصمي رابعة العدوية، قائلًا: «السيسي برىء من دم معتصمي رابعة»، محمّلًا قيادات الجماعة مسؤولية إراقة الدماء بعد دعوتها للصدام مع الدولة.

وأضاف «برهامي»: «الإخوان كانوا يحملون السلاح في الخفاء، ورفضوا أي وساطات ومصالحات قبل فض الاعتصام، وكانوا مقتنعين بعودة مرسي ومجلس الشورى».

3. دعمه في الرئاسة

أيّدت الدعوة السلفية، وذراعها السياسية حزب النور، السيسي في انتخابات الرئاسة، وبررت موقفها بقولها: «المشير هو الأقدر على إدارة البلاد».

وقال «برهامي»: «السيسي الأجدر بالمرحلة، نظرًا لشغله منصب نائب رئيس الوزراء، والقائد العام للقوات المسلحة، وتعمقه في تفاصيل الفترة السابقة، واقترابه من كل ما يحيط بالدولة».

وأضاف: «دعمنا للسيسي تعبد لله، لأنه اختيار أقرب لحفظ حقوق الناس، المسلمين وغيرهم، ووحدة البلاد».

في المقابل، رد السيسي على مواقف حزب النور، حينما قال في حوار تليفزيوني أثناء ترشحه للرئاسة: «قيادات حزب النور محبون للوطن، ومدركون المخاطر التي تحيط بالوطن، وسيثري الحياة السياسية، وتقدم الديمقراطية في مصر».

مشاهد الخلاف

1. دعوى حل حزب النور

من وقت لآخر يتم تأجيل دعوى مرفوعة ضد حزب النور تطالب بحله لقيامه على أساس ديني، فيما يرى مراقبون أن عدم الفصل في تلك الدعاوى المتكررة وتأجيلها وتكرار إقامتها بمثابة صافرة إنذار من الدولة للحزب مفادها أنها تستطيع إقصاءه من المشهد السياسي في اللحظة، التي تريدها.

لا حماية لحزب النور من أي جهة.. هكذا يرى العديد من مراقبي الحياة السياسية في مصر، إذ أن الدعوى التي رفضتها من قبل محكمة القضاء الإداري، في يوليو 2015، تطالب بحل الحزب لقيام على أساس ديني، أعيد رفعها ثانية، في الوقت الذي ينظر فيه القضاء المصري دعاوى أخرى تطالب بحل الحزب لـ«مشاركته في إفساد الحياة السياسية في مصر».

آخر تلك الدعاوى تم تأجيلها إلى 21 نوفمبر 2015، لرد الجهة الإدارية، أقامها مدحت حبيب أسطانوس، يطالب بحل الحزب بتهمة أنه «يمشى على خطى حزب الحرية والعدالة، وقائم على أساس ديني، وأن الدستور حظر قيام الأحزاب على أساس ديني».

2. الإعلام يهاجم «النور»

أحمد موسى، وإبراهيم عيسى، ورولا خرسا، ويوسف الحسيني، وخيري رمضان، وغيرهم من الإعلاميين المحسوبين بشكل أو بآخر على الإعلام الرسمي للدولة، والذين يملكون مواقف مؤيدة للرئيس عبدالفتاح السيسي، يتبارون فيما بينهم للهجوم على الحزب.

يقول إبراهيم عيسى إن «النور والإخوان إيد واحدة»، بينما يكشف أحمد موسى «مخطط الحزب للسيطرة على الانتخابات»، ويسخر خيري رمضان من الحديث عن مرجعية الحزب وتناقض أسسه، وغيرها من المواقف التي يراها البعض بمثابة أمور مقصودة من الدولة لمشاكسة الحزب في إطار العلاقة المتواترة بينهما.

في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، قال ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن الحزب تعرض لحملة تشويه إعلامية متعمدة لم يسبق لها مثيل، مؤكدًا أن كل القنوات الفضائية إلا عدد قليل قضت ساعات في مهاجمة حزب «النور»، متهمة إياه بـ«الإرهاب»، وواصفة أعضاءه بـ«الداعشيين».

3. «النور» يصعّد ضد السيسي

الاختلاف بين الدولة و«النور» وصل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب إلى حدة الخلاف، فالأمور التي كانت تتم في السر، من وجهة نظر البعض، أصبحت في العلن، وعلى مسمع ومرأى الجميع.

ويشهد على ذلك الخلاف ما قاله ياسر برهامي من تعمد تشويه الحزب من قبل الإعلام الرسمي للدولة، بالإضافة إلى القبض على 19 شابا من شباب الحزب في أول أيام العملية الانتخابية، وخروجهم في آخر اليوم الانتخابي، وفقًا لقوله، مضيفا أن «مهندسي انتخابات 2010 هم أنفسهم مهندسو انتخابات 2015».

للمرة الأولى منذ ظهورهم في مشهد 3 يوليو، تهاجم قيادات الحزب السيسي، متهمينه بـ«ترك أعضاء الحزب يتعرضون لحملة تشويه متعمدة»، وفقًا لما قاله ياسر برهامي، الذي خاطب السيسي: «سنحُاججك عند الله بسبب ما تعرضنا له من ظلم في الانتخابات البرلمانية، والدولة صامتة ولم تتحرك على هجوم القناة الأولى والثانية والنيل للأخبار والصحف القومية».

لم يقف الأمر عند هذا، لكن لهجة القيادات الرسمية للحزب تغيرت وصعّدت الأمر، وهاجمت الدولة بشكل أكبر، وقال يونس مخيون، رئيس الحزب على «فيسبوك»: «أعتقد أن هذه من أسوأ انتخابات في تاريخ البرلمان المصري، وستظل نقطة سوداء مظلمة في جبين هذا العهد».

ينذر ذلك الخلاف ببداية معركة كبيرة وتصعيد بين الحزب وبين الدولة، خاصة بعد شن قياداته هجومًا شديدًا على الدولة، ووصفت الانتخابات البرلمانية بـ«الأسوأ».