رحلة «الطريق إلى داعش»: تركيا «بوابة المجهول»

كتائب إلكترونية تبحث عن «المتعاطفين».. و«التزكية» شرط الانضمام للتنظيم
كتب: محمد عبدالقادر الخميس 22-10-2015 13:39

أرقام كبيرة يعلن عنها تنظيم داعش الإرهابي يوميًا متعلقة بأعداد المنضمين إليه، مما يدفع إلى التساؤل عن مدى صحة هذه الأرقام، خاصة أعداد الشباب المصري ممن يظهر بعضهم في مقاطع مصورة عن طريق الفيديو يعلنون فيها انضمامهم لذلك التنظيم.

وكان هناك تساؤل آخر بشأن كيفية قيام هؤلاء الشباب بالانضمام إليها والطرق التي يسلكونها، وللإجابة عن هذا السؤال بدأت «المصري اليوم» رحلة هدفها البحث عن إجابة لهذه الأسئلة، التي أثارت حيرة العديد من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.

الخطوة بدأت منذ شهور حين قاد البحث إلى العثور عن شخصين لم يكن لديهما أي مانع من الحديث مع «المصري اليوم» دون إخفاء تعاطفهما مع ذلك التنظيم الإرهابي، متأثرين بما سمياه «كرامات الشهيد» و«فضل الجهاد»، حيث «تحارب داعش الكفار»- حسب زعمهما.

وكشف الشابان بعد عدة جلسات من الحديث معهما عن أنهما يفكران في السفر إلى سوريا، ولكن العقبة أمامهما كانت في الإجراءات الأمنية المشددة، التي اتخذتها السلطات في مصر تجاه المسافرين لعدة دول، منها سوريا والعراق وأيضًا تركيا، لكونها أقرب منفذ حدودي يؤدي بسهولة إلى الانضمام لذلك التنظيم الإرهابي، في ظل الأوضاع المأساوية، التي تشهدها دمشق.

وتكشفت عدة مفاجآت خلال حديثهما عن إجراءات السفر، فكان أبرزها أن الانضمام لـ«داعش» يحتاج إلى «تزكية» من أحد «المجاهدين» هناك، موضحين: «بما أنك حصلت على هذه التزكية فما عليك إلا أن تتوجه لتركيا ويصطحبك أحد معاونيهم هناك إلى داخل سوريا عن طريق الحدود»، حسب قولهما.

المفاجأة الثانية أن هذه «التزكية» كانت سهلة الحصول عليها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، التي يجند لها داعش الآلاف لمعرفة المتعاطفين معهم ومن ثم مساعدتهم في الدخول للأراضى السورية، حسبما كشفا في حديثهما لـ«المصري اليوم».

هذه المفاجآت قادتنا لتقرير سابق نشرته صحيفة «ديلي ميل»، البريطانية، بعنوان: دليل السفر إلى سوريا والانضمام إلى تنظيم داعش الارهابي، وهو الكتاب الذي يشرح خطوة بخطوة «البيوت الآمنة وطرق للجهاديين»، والخطوات الواجب اتباعها عند السفر هناك.

وتضمن الكتيب 50 صفحة تحت عنوان «الهجرة المقدسة»، ويتحدث عما سماه «تفاصيل الطرق الآمنة للهجرة»، ومعلومات عن عناصر للتنظيم يعيشون في تركيا، فضلًا عن أنه يحتوي على شهادات حقيقية من المقاتلين الأجانب، الذين تربطهم علاقة بعناصر استخباراتية تركية، تسهل لهم التنقل من سوريا إلى تركيا والعكس.

طلب الشابان «المفاجئ» وتردد اسم تركيا في التقارير الصحفية فيما يتعلق بتنظيم «داعش» دفعنا إلى البحث عما اهتمت به وسائل الإعلام بشأن ذلك التنظيم الإرهابي، خاصة أن أنقرة كانت بمثابة البوابة الخاصة بالعبور إلى ذلك المجهول، فقد سبق أن نشرت صحيفة «الحياة» قصة شاب مصري عن رحلة انتسابه وقتاله في صفوف التنظيم.

وأفاد الشاب المصري، الذي جاء باسم يونس، بحسب ما ذكر التقرير المنشور على عهدة وكالة أنباء رويترز، أنهم ذهبوا للقتال في سوريا عبر تركيا، وتحدّث عن الهيكل العسكري الخاص بالتنظيم الإرهابي.

وبعد تركه منزله الكائن في حي راق في القاهرة للانضمام إلى تنظيم داعش تعلم يونس كيف يذبح البشر وتلقى تدريباً عسكرياً للقوات الخاصة، لافتًا إلى أن عدد المصريين في صفوف ذلك التنظيم «داعش» يُقدر بنحو ألف شخص.
وادعى يونس أنه نجح قبل سفره إلى سوريا في إقناع ما يصل إلى مائة شاب بـ«فكرة الجهاد»، ومنهم من سافر إلى العراق وسوريا ومنهم من بقي في مصر.

وبحسب صحيفة «الحياة»، كان يونس البالغ من العمر 22 عامًا طالبًا في جامعة الأزهر حين قرر الانضمام لأخطر جماعة متشددة في العالم.
ومثل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة حالياً والطبيب سابقاً، ينتمي يونس لأسرة غنية تعيش في حي المعادي الراقي بالقاهرة.
فكرة «الأسرة الغنية» دفعت هيئة الإذاعة البريطانية إلى التساؤل عن السبب الذي يدفع شبابًا ميسور الحال للانضمام لـ«داعش»، ونشرت تقريرًا على موقعها الإلكتروني مطلع العام الجاري عن ذلك الأمر.

ولفتت هيئة الإذاعة البريطانية إلى انتشار قصة الشاب المصري، محمد الغندور ، الذي أعلن التحاقه بتنظيم داعش عبر موقع «تويتر»، حيث اختفى الشاب ذو الأربع والعشرين ربيعًا نهاية عام 2014 إلا أن صديقه الشاب المصري إسلام يكن والمقاتل في صفوف «داعش» أكد عبر حسابه على تويتر أن الغندور قد انضم إلى التنظيم.

وأثارت قصتا الصديقين، الغندور ويكن، تساؤلات الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي عن الأسباب التي قد تدفع شبابا عربا إلى الالتحاق بتنظيمات متشددة، ولا سيما أن الغندور ويكن ينتميان إلى عائلتين ميسورتي الحال نسبيا.

وتتبع هيئة الإذاعة البريطانية القصة فتقول إنه «في حالة الغندور، حالة أسرته الاقتصادية منحته فرصة تلقي التعليم في مدرسة خاصة ثم متابعة دراسته الجامعية، وعمه هو الحكم الدولي السابق جمال الغندور، ووالده يعمل مدربا لنادٍ رياضي في دولة قطر».

وتتابع: «أما بالنسبة ليكن، فهو خريج مدرسة فرنسية وجامعة عين شمس كما عرف بشغفه هواية كمال الأجسام»، لافتة إلى أنه «ينضم الغندور ويكن إلى مجموعة من الشباب العرب وآخرين مسلمين من دول غربية يلتحقون بشكل منتظم إلى تنظيم داعش»، معتبرة أنه «لا تزال قضية الفتيات الثلاث اللواتي غادرن بريطانيا بهدف الانضمام إلى تنظيم داعش تشغل الصحافة البريطانية».

وأضافت وقتها أن «هؤلاء الفتيات، وهن شميمة بيغوم، وأميرة عباسي - وكلتاهما في الخامسة عشرة - وخديجة سلطانة، في السادسة عشرة، قد توجهن من لندن إلى تركيا، الثلاثاء 17 فبراير الماضي، لكن لا يعرف مكان وجودهن الآن، ووجهت عائلات الفتيات نداء لهن من أجل العودة إلى منازلهن».
وبالعودة إلى قصة الشاب يونس نجده يتحدث عن الرئيس المعزول محمد مرسي بأنه «طاغوت» لأنه «كان حاكماً يحكم بغير ما أنزل الله» واتبع مفاهيم غربية مثل الانتخابات والديمقراطية بدلا من تطبيق الشريعة.

واختار يونس سوريا على وجه التحديد «لأن الشام كان المكان الوحيد الذي يجتمع به المجاهدون من كل مكان لتجهيز أنفسهم وترتيب صفوفهم لإعادة فتح بلاد المسلمين و تطهيرها من رجس الطواغيت، ثم فتح بيت المقدس من أيدي اليهود»، حسب تعبيره.

واتفق حديث يونس مع ما قاله الشابان لـ«المصري اليوم»، فقد أشار إلى أن الانضمام لداعش مباشرة ليس بالأمر السهل.

فوفقًا لصحيفة: «لم يدخل الشاب المصري في صفوف التنظيم إلا بعد حصوله على تزكية من عضو في داعش بعد إثبات نفسه في كتيبة إسلامية أخرى تقاتل في سوريا التي وصلها عن طريق تركيا، وقال دولة داعش ليست كباقي الفصائل فهي لا تقبل في صفوفها أحداً إلا بعد تزكية أحد عناصر الدولة له، وانضممت إلى الكتيبة إلى حين الحصول على تزكية من أحد عناصر الدولة».

وقد تكشف هذه التقارير الصحفية أن تركيا، التي يحكمها رجب طيب أردوغان، هي بوابة العبور إلى المجهول لمن يريدون الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي، ما قد يثبت عليه أنه جعل بلاده «مأوى للجماعات الإرهابية بداية بالإخوان وانتهاءً بداعش».