أتابع هرتلة ياسر برهامى، وتهديدات يونس مخيون، بعد سقوط «النور».. مرة يقول برهامى: «السيسى شهد فينا كلمة ولم ينقُضْها، ولكنه سابنا نضّرب وتتشوه صورتنا».. ومرة يهدد «مخيون» بالانسحاب فى جولة الإعادة والمرحلة الثانية.. ليييه؟.. هل كنت تنتظر من السيسى أن يتدخّل لتزوير الانتخابات لصالحكم؟.. هل تتخيل أن الدنيا لم تتغير؟.. ما معنى كلمة «سابنا»؟.. هل كنت تريد اللعب من تانى؟!
أحزاب كثيرة تفرك يديها وعينيها الآن.. لا تُقرُّ بخيبتها القوية.. ترمى الدولة بتهم الخداع والبيع.. «السيسى خدعنا.. السيسى باعنا».. العكس هو الصحيح تماماً.. «السيسى وقف معكم» ورفض حل أحزابكم.. مَن باعكم هو الشعب.. مَن أمر بإسقاط حزبكم هو الشعب.. مَن ذاق المُرّ من تصريحاتكم هو الشعب.. السقوط هذه المرة ليس بأمر النظام.. السقوط حدث بأمر الشعب.. الشعب يريد «تنظيف مصر»!
فى اليوم الأول للانتخابات سمعنا برهامى يتحدث عن تشكيل الحكومة.. رفض أن يكون رئيس الوزراء «علمانيا».. كان يوحى لأنصاره أنه على وشك تشكيل الحكومة، وتحقيق الأغلبية.. بعد يومين من تصريحه الأول، سمعناه يتحدث عن الخداع الحكومى.. سمعناه يندب حظه على السقوط الذريع.. التصريح الأول هو الذى كان خادعاً.. لم يكن برهامى يعرف طبيعة الأرض التى يقف عليها، مع «آل البيت السلفى»!
ما حدث أن السلفيين تصوروا أنهم أخذوا الضوء الأخضر فى الانتخابات.. توهموا أنهم موجودون بقرار جمهورى.. تصوروا أنهم سيحكمون بقرار جمهورى أيضاً.. وهنا ترشح نادر بكار ومراته.. وترشحت أمه وحماته.. وترشح أبوه وحماه.. وترشحت عمته وخالته.. كأنه «مجلس العائلة المقدسة».. تخيلوا أنهم «آل البيت».. تخيلوا أنهم قدموا «السبت» لمصر والإسلام نفسه، وجاء يوم حصاد الغنائم (!)
المشكلة هنا عند برهامى ومخيون وبكار وشركاهم.. انتظروا أن يقبضوا ثمن موقف سياسى.. قال برهامى إنهم «ساعدوا فى عدم دخول البلاد إلى فوضى وحرب طائفية».. وهل يستحق هذا الموقف يا مولانا أن تقبض عليه الثمن؟.. هل المواقف الوطنية تُباع وتُشترى؟.. هل اعتاد المتأسلمون أن يقبضوا؟.. ألم يقبضوا من الخليج ليدخلوا الانتخابات؟.. ألا يكفى ما حصّلوه من أموال؟.. ألا يكفى أنهم تاجروا بالدين؟!
لا السيسى باع النور، ولا خدع السلفيين.. ولا السيسى باع الأحزاب الأخرى، ولا خدع زعماءها.. كل ما فعله الرجل أنه أعطى فرصة متكافئة للجميع.. وقف على الحياد.. وقفت أجهزة الدولة على الحياد.. «عرف كل واحد مقامه».. بعضهم سيخرج من المشهد للأبد.. كانوا يتصورون أنهم فى عصر مبارك، حيث تُوزع نسبة، وحيث كان يعرف أى مرشح أن مقعده «محجوز».. كل ذلك قد انتهى تماماً وللأبد يا إكسلانس!
المثير أن «النور» لم يستوعب الدرس بالمرة، فالسيسى لم يَتْرُككم تتشوهون، ولم يحرض على تخوينكم.. مَن يشوّهكم هم الإخوان لأنهم يعرفونكم.. ومَن يخوّنكم هم العلمانيون لأنها حقيقة.. انسحبوا أو استمروا فى الانتخابات.. افعلوا ما شئتم.. ارجعوا إلى مقاعدكم أفضل.. ارجعوا إلى ملاعبكم.. «خليكم كدة بركة»!