رغم أنها مجرد بطولة عادية، طالما فاز الأهلى ببطولات وكؤوس أصعب وأكبر وأهم منها، فإن فوزه بكأس السوبر فى هذا التوقيت، وتلك الظروف الصعبة، ووسط حالة ضبابية، أعطى لهذه البطولة أهمية محورية فى تاريخ النادى الأهلى، أعاد له التوازن قبل أن يقع فى بئر الإحباط والانكسار وعدم الثقة، ويدخل فى دوامة صراع على السلطة والكراسى، كانت ستترك آثارها على فريق الكرة لسنوات عجاف طويلة.
جاء السوبر فى موعده، لينتشل الأهلى من الوقوع فريسة بين أنياب بعض أبنائه الجاحدين والطامعين، وخصومه الحاقدين والحاسدين، الذين توحدت مصالحهم، ونهشوا بأنيابهم الحادة والمدببة، آملين أن يقع الثور الأحمر فى مباراة السوبر، ليتقاسموا صيدهم، لكن إرادة اللاعبين وعزيمتهم، وهدوء «زيزو» وحزمه، ووحدة الإدارة وصلابتها أنقذت الأهلى.
ولا أبالغ إذا قلت إن هذه البطولة، رغم أنها من مباراة واحدة، ستكون نقطة التحول لانتقال فريق الأهلى من مرحلة التجريب وإعادة البناء إلى حصد البطولات وتسيدها لسنوات طويلة قادمة، شريطة أن يعى الجميع أخطاءهم، ويسرعوا فى تصويبها، وأن تضرب الإدارة بيد الحزم والقسوة على مَن يعبث بمصلحة النادى أو مَن يتآمر عليه ويبيع أخباره، وهى أمور باتت مكشوفة، وأسماؤهم باتت معروفة للعامة، فهذه الأزمة كشفت النقاب عن وجوه قبيحة كانت تحب الأهلى وهى جالسة على مقاعد إدارته التنفيذية، وهى لا تحب سوى نفسها، ولا تعشق سوى مصالحها الضيقة.
والأهلى كى يستكمل عملية البناء، على إدارته أن تتخلى عن وجهها الطيب، وإفراطها المخل فى نواياها السليمة وأنصاف الحلول، التى كادت تضيع الأهلى. ولأننى حريص على أن يعود الأهلى أقوى مما كان، سأكون صريحا وأفتح الستار على مصراعيه، حتى يرى الجميع المشهد، ويتحمل كل طرف مسؤوليته فى مستقبل النادى العظيم:
أولاً: من ضمن الموضوعات الرئيسية التى قامت عليها حملة هدم الأهلى الادعاء أن كاتب هذه السطور هو الذى يدير النادى، استناداً لعلاقة صداقة تربطنى مع رئيسه، المهندس محمود طاهر، بدأت منذ 20 عاماً، وعلاقة احترام وقناعة تربطنى بأغلب أعضاء المجلس، وهو أمر معروف للكثيرين، وليس سراً أو عيباً، فلماذا طرحه الآن، والبناء عليه بأكاذيب، منها على سبيل المثال أننى أعمل داخل الأهلى وأتقاضى راتباً كبيراً، بل ذهبت بعض المواقع المدفوعة من بعض أطراف الحملة المسعورة للقول إن المحترم المخلص، محمود علام، مدير عام النادى، الذى لم أره طوال حياتى سوى مرتين، ينتفض من على مقعده عندما أدخل غرفته كى أجلس مكانه، وأننى أوجه مجلس الأهلى وأغير قراراته، وكأن أعضاءه عرائس ماريونت، وليسوا رجالاً لهم قيمة وقامة فى أماكنهم انتخبتهم الجمعية العمومية باكتساح نادر الحدوث فى تاريخ الأهلى، وأننى من القوة لأثير الفتنة بين الأهلى والزمالك، ومن الجبروت لأعدل وجهة الأهلى من التعاقد مع مانويل جوزيه إلى مواطنه جوزيه بيسيرو، وغيرها من أكاذيب لا حصر لها، دفعت البعض للمطالبة بإقالتى من العمل فى الأهلى، وهتفت الجماهير فى استاد التتش ضد شخصى وسبَّتنى بحبيبتى الغالية أمى، أمد الله فى عمرها، وسامح مَن أخطأ فى حقها دون ذنب.
وإليكم المفاجأة والحقيقة التى يعلمها هؤلاء الكاذبون، لكنهم لا يريدون أن يذكروها، فأنا لا أعمل فى الأهلى، ولم أدخل النادى منذ انتخاب هذا المجلس- رغم أننى عضو عامل فيه منذ أكثر من عشرين عاماً- سوى ثلاث مرات، واحدة منها فى اجتماع الجمعية العمومية الأخير، والثانية فى افتتاح فرع الشيخ زايد.
لكن الأهم من دحض هذه الأكاذيب التى سقطت لعدم وجود حقيقة تجاريها على أرض الواقع، الإجابة عن السؤال: لماذا طرحها الآن، ولماذا جاءت فى شخصى؟ وظنى أن هناك سببين، الأول: أننى- ولا فخر- ربما أكون الكاتب الوحيد الذى يدافع عن هذه التجربة ويرى فى مجلس الإدارة الحالى، ورئيسه محمود طاهر، فرصة حقيقية لنقل النادى الأهلى لآفاق أوسع وأكبر بكثير مما هو عليه، وقد تحقق الكثير وبات الأهلى فى فترة وجيزة قوة اقتصادية ولديه طموح جبار لبناء استاد وشراء أرض لفرع رابع فى التجمع الخامس، وانتشار لأكاديميات كروية فى الوطن العربى، وهى بدايات أراها مذهلة، وتؤكد حسن ظنى وتدفعنى للاستمرار فى دعمها مادامت لم تَحِدْ عن تحقيق طموحات، وهو أمر أزعج هؤلاء المتربصين، الذين كانوا يراهنون على سقوط المجلس بعد عام.
السبب الثانى: هو هز ثقة الرأى العام فى محمود طاهر، الذى يكسب كل يوم أرضاً من الاحترام والتقدير، وترتفع أسهمه، ويُثَبِّت قدميه بأفعاله وعمله وليس بالطبل والزمر أو بالإرهاب كما يفعل غيره. وحتى تكتمل الحبكة ويزيد نفور الناس، كان من المهم لصق تهمة زملكاوى بشخصى، معتقدين أن ذلك يُفقدنى المصداقية عند الرأى العام، وتم استرجاع بعض المقالات التى كتبتها فى انتقاد تصرفات بعض المسؤولين السابقين فى الأهلى، وجهت إليهم النيابة العامة- وليس أنا- اتهامات بسرقة المال العام، ومازالوا قيد الإقامة الجبرية داخل البلاد، ومتحفظا على أموالهم، وهو أمر لم أكن أرضاه لأى مسؤول يجلس على مقعد الإدارة فى الأهلى، وهذا ليس أمرا يعيبنى، كما لا يعيبنى أننى انتقدت جوزيه، لأننى أيضا كتبت أمدحه فى مقالات تم غض الطرف عنها، منها: (دفاعاً عن القدير جوزيه، ومانويل جوزيه المفترَى عليه، وجوزيه رجل المستحيل، ومانويل جوزيه بابا نويل الشعب الأهلاوى)، وكلها مقالات منشورة، وكما انتقدت الأهلى، فأنا أيضاً الزملكاوى كما يدعون، الذى رفع عليه أحد رؤساء النادى 32 قضية أمام المحاكم (تمت تبرئتى منها)، لمقالات كتبتها فى انتقاده، وهو شخص لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، وأنا أيضاً من كتب (حازم أبوفانلة وعباس أبودمعة، الزمالك وقراطيس الفلوس، المدمنون)، ومادام لا أحد يرضى عنى فى الأهلى والزمالك فهذا دليل براءتى، وأننى غير محسوب على أحد سوى ضميرى.
ثانياً: دلَّل بعض المطالبين بهدم الأهلى وإقصاء إدارته بأن أغلب مَن وقفوا إلى جوارها فى الانتخابات تخلوا عنها، وأبرز هؤلاء اثنان، أحدهما وزير سابق كان فى حكومة الإخوان وعضوا منبوذا فى مجلس إدارة الأهلى السابق، والثانى ترزى مقالات أتعفف فى الحديث عنه مؤقتاً، ولكن بالنسبة للأول، الذى رفع الكارت الأحمر لمجلس الإدارة، رغم وجود شقيقه بداخله، فانقلابه بهذا الشكل المريب دليل على براءة محمود طاهر ومجلسه من تسديد فواتير انتخابية، فمنذ اليوم الأول لانتخاب المجلس حاول هذا الشخص أن يقتطع لنفسه قطعة من التورتة، وراح يفرض على إدارة النشاط الرياضى أسماء لتعيينها داخل الأجهزة الفنية والإدارية، فلما أُغلق الباب فى وجهه- وأعلم أن محمود طاهر يسير على القواعد التى أرساها الراحل صالح سليم، ويرفض أن يُدار الأهلى من خارجه- انقلب على الإدارة، وراح يكتب تويتاته الشامتة الهادمة، وانتهز فرصة اهتزاز مستوى فريق الكرة، وبدلاً من أن يقف مع ناديه حتى يقوم من كبوته مثل باقى أبناء الأهلى المخلصين الأوفياء، راح ينْقَضّ ويدير حملة إلكترونية، لزعزعة الثقة بين الرأى العام والمؤسسة، والسؤال الذى أطرحه على الجميع، ولا أجد له إجابة: إذا كان هذا رأى ذلك الشخص وموقفه المعادى لاستقرار النادى، فلماذا يبقى على شقيقه داخل مجلس لا يصلح لإدارة الأهلى؟ أم أن بقاءه له أغراض أخرى؟
أخيراً، الأهلى سيعود أقوى إذا خلصت النوايا، واتحد أبناؤه وحنوا عليه فى أزمته، ولفظوا الخبثاء والمنتفعين.
تحيا مصر.. ويحيا الأهلى.