كان علينا تقديم بعض الحوافز للناخبين.. بسكليتة مثلاً لأحسن ناخب.. وغسالة أوتوماتيك للناخبة المثالية.. وسيارة آخر موديل للناخب رقم ميت ألف، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.. والمسألة كده بالخسارة.. وقد دعونا القضاة للإشراف وعزمنا منظمات المجتمع المدنى فى الداخل والخارج.. وشددنا على ضرورة حضور جماعة كارتر.. والجامعة العربية أوفدت وفداً إلى ألمانيا لمتابعة الانتخابات من هناك (!!).. وطبعنا كروت الانتخاب وعلقنا يفط الدعاية.. وسلحنا البوليس الإضافى لزوم حماية الانتخاب.. ثم يا ميت ندامة.. نسبة الحضور حاجة تكسف.. بما يعنى أن الناخب ممتنع عمداً ومع سبق الإصرار ولأسباب عديدة.. أهمها أنه لم يجد المرشح الجدير بنزوله لساحة الانتخاب.. وقد غاب عن قوائم الترشيح أسماء معتبرة.. على رأسها شباب يناير وشباب يونيو.. وقد اكتظت الساحة بالسادة الفلول.. فلماذا يتحرك الناخب ويهز طوله ويذهب للجنة الانتخاب؟!
ومن الواضح أن الحكومة أدركت الورطة فتحركت فى آخر خمس دقائق وأعطت إجازة نصف يوم من أجل التحفيز وشحذ الهمم.. ثم أعلنت على لسان قضاتها ومسؤوليها عن تفعيل الغرامة أم 500 جنيه لعل وعسى.. لكن الناخب رغم التهديد مارس الطناش الرسمى.. وهو درس للحكومة لكى تغير سياساتها الانتخابية.. فتسمح لممثلى الأمة الحقيقيين بنزول الانتخابات وعلى رأسهم الطاهرة الشريفة سما المصرى..!
الورطة الحقيقية.. أن بعض القوى والأفراد التى رشحت نفسها أصرت على التعامل مع الشارع السياسى على اعتبار أنها حزب الحكومة.. وريثة الحزب الوطنى يعنى.. فى حين أن تلك القوى كانت تستطيع أن تكون أحزاباً جماهيرية لو نزلت الشارع بحق وحقيقى.. لو أنها شاركت المواطن همومه الكثيرة.. وعلى رأسها الغلاء الطاحن.. وساعتها تكسب احترام وتقدير وتعاطف رجل الشارع.. القوى والأفراد الذين أقصدهم لم ينزلوا للناس سوى فى اللحظة الأخيرة.. نزلت وفى بطنها بطيخة صيفى من النوع الشيليان المعتبر.. تصورت أن الجماهير ستقابلها بالهتاف والمؤازرة.. خاضت الانتخابات مؤكدة أنها حزب الدولة الرسمى.. وقد اعتمدت على غياب وضعف القوى والأحزاب المنافسة.. فقاطع رجل الشارع الذى يفهمها وهى طايرة.. قاطع الجبهتين..!
وفى تقديرى الشخصى.. فإن الجماهير المحبطة لم تشارك فى الانتخابات عن عمد.. لإحساسها بعدم جدوى الانتخابات أصلاً.. والعديد من المرشحين يؤكدون ضرورة تعديل الدستور لتقليص سلطات البرلمان لصالح رئيس الجمهورية.. لم تشارك الجماهير لإحساسها بالعبث.. فلماذا البهدلة ووجع القلب وخوض معركة أنت تعرف نتيجتها مسبقاً؟!
الناخب هذه المرة تحول إلى فرخة بكشك.. سلعة نادرة تخضع لقانون العرض والطلب.. فتنافس المرشحون على جذبه بالوعود والفلوس الصريحة وقد تدلل وجلس فى بيته بعيداً عن اللجان.. فص ملح وذاب.. يتابع الانتخابات من التليفزيون.. فى حين أن نفس الناخب يطالب بالتغيير دون أن يسعى إليه.. وهى مسألة عجيبة.. لكن الأكيد والمؤكد أن الانتخابات هذه المرة تشكل علامة فارقة.. وهى انتكاسة حقيقية للحياة النيابية فى مصر..!
وانظر إلى المشهد الانتخابى لو أنك جاد فى المشاركة.. وأتحدى أن تستطيع أن تعرف رأسك من قدميك.. وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.. والناخب الغلبان الذى يعانى الجهل والفقر والأمية غالباً.. مطالب باختيار قائمتين واحدة للفردى والثانية للأحزاب والتكتلات التى ترفع شعارات فى حب مصر ومن أجل مصر.. عليه أن يتعرف على أسماء مجهولة عنده.. وحضرة المرشح يتربع فى الصورة مبتسماً مطمئناً.. وبختك يا أبوبخيت.. وقد تكفلت الصورة بتلميع المرشح الذى لا تعرف أصله من فصله.. أنت الآن لن تنتخب البرنامج الانتخابى وإنما تنتخب الصورة الملونة طبقاً لشطارة المصور.. أما البرامج والندوات ولقاء الناخبين وطرح الأفكار وتبادل الآراء.. فلا يقدر على القدرة سوى الخالق سبحانه وتعالى..!
الانتخابات وكلاكيت ثانى مرة.. تنذر بصعود التيار الدينى السلفى.. ولا أعرف كيف تواجهه الحكومة.. وهل هى مطالبة أصلاً بمواجهته وقد تقاعست جميع الأطراف.. الناخبون والمرشحون.. والبعض يراهن على نزول الحكومة بثقلها فى الجولة الثانية للحد من سيطرة التيار السلفى المتماسك فى ظل العشوائية والاتكالية التى تسيطر على المشهد.
ولعل الحل فى إقناع الناخب بالمشاركة ليس بالغرامة أم 500 جنيه.. وإنما فى تقديم الهدايا العينية والتذكارية.. بسكليتة وغسالة وصورة بالحجم الطبيعى لنجمة الجماهير المحجوبة بحكم المحكمة عن المشاركة.. سما المصرى..!!