فركش (حواديت العباسيين-4)

جمال الجمل الثلاثاء 20-10-2015 00:33

(1)

الحالة الصحية والمزاجية لا تسمح بالمقالات الكلاسيكية الرصينة (لا أقصد حالتي الشخصية فقط، بل حالة الوطن كله)، لذلك تعالوا «ندردش» حول أحوالنا، فليس من حق أحد (أي أحد أن يعتلي المنصة ويخاطبنا بثقة العارف بعبارات من نوع: :في الحقيقة«و»في الواقع«.. لأن الحقيقة تاهت وسط ظلام الواقع.

(2)

كنت قد بدأت سلسلة مقالات «حواديت العباسيين» في محاولة للبحث عن تلك «الحقيقة» التي يدعيها الجميع، لكنني تعرضت لوعكة صحية قضت على تركيزي تماما، في الوقت الذي جرت فيه أمور كثيرة تستحق الكتابة والتعليق، منها مثلا أنني شعرت بتقصير كبير لأنني لم أكتب عن جلافة «المندوب السامي لبلاد الرز» في حق إعلامي واقتصادي مصري كبير ومحترم، وكلمة «جلافة» ليست سبابا (لاسمح الله) لكنها توصيف واقعي استخدمته في نهاية مارس الماضي عنوانا لمقال كتبته أثناء انعقاد قمة شرم الشيخ، وهذا ما سوف أعود إليه لاحقا بالمعلومات والتفصيلات، لأن القصة طويلة وتحتاج إلى وقفة متأنية حفاظا على كرامة مصر وأولادها في الداخل والخارج.

(3)

ومن تقصيراتي أيضا بسبب المرض أنني لم أتمكن من حضور جنازة الحبيب جمال الغيطاني، وشعرت أن أي كتابة عنه لن تعبر عما أريد أن أقوله.

رحم الله الغيطاني، وعوضنا خيرا في فرسان الثقافة الذين يقبضون على الجمر في زمن التهافت والتساقط.

(4)

سألني أحد الخبثاء: ذكرت في مقالك السابق لقب «أم الفلول» فمن تقصد به؟ ومن تقصد بمصطلح العباسيين؟

وبشجاعة لن أندم عليها أقول أن «العباسيين» هم جماعة من أتباع أبوالعباس السفاح، وقد ذكرت تسريبات تاريخية كثيرة أنهم كانوا يدينون له بالولاء التام والطاعة العمياء ويتلقون تعليماته سرا، لتنفيذ مهام الدعوة لبناء الدولة الجديدة، وكان يغدق عليهم بالرز، ويبيح لهم الكذب والتلفيق والقتل بكل أنواعه مادام ذلك في صالح دولته، وقد سمي بالسفاح لأنه كان يهدد رعيته قائلا :«استعدوا، فأنا السفاح المبيح، والثائر المنيح»

أما «أم الفلول» فكانت إعلامية شهيرة في بلاط مبارك، فلما قامت عليه الثورة، أصبحت بوقا للوضع الجديد، حتى أنها نسيت نفسها واتهمت أحد زملائها القدامى بأنه «فلول»، فرد عليها مندهشا: فلول ازاي يا «أم الفلول»؟، فصارت مثلا!

(5)

كنت قد وعدتكم بالكتابة عن اللواء سامح الطرابلسي، لكن الأساطير لا تنتهي بضربة قلم، والأحداث تتسارع، والانتخابات اقتحمت المشهد واستولت على كل منابر الإعلام، وصارت هي حديث الساعة في كل البيوت والشوارع، فهل من المعقول أن نترك الواقع لنكتب عن شبح غامض اسمه الطرابلسي؟

- أجيب بدلا عنكم: آه معقول جدا، فالطرابلسي ليس شخصا، الطرابلسي ليس شبخا، الطرابلسي ليس «حدوتة عابرة»، الطرابلسي هو النظام كله، هو عقل المرحلة.

يجب أن تعرفوا جيدا أن هذا اللواء هو السبب الحقيقي وراء عدم خروج الناس للانتخابات فقد قال بعبارة قاطعة: أي سياسي يدعو الناس للخروج إلى الشوارع والميادين بعد 30 يونيو يبقى حمار!

قالها هكذا باللفظ الصريح على الهواء، ثم كررها بتعبير أكثر تهذيبا «يبقى مابيفهمش».

المضحك أنك ستجد تصريحات أخرى للطرابلسي على النقيض، يصرخ فيها مطالبا الشعب بالاحتشاد والنزول بكثافة للتصويت في الانتخابات!

إذا ناقشت الطرابلسي سيقول لسان حاله: شعبي وانا حر فيه.. أظهره وأخفيه.

الطرابلسي يجرم الاحتشاد والتجمعات ويسن قانون التظاهر لتقييد حرية التعبير السياسي، ثم يتعامل بلغة الأوامر ويقول للشعب: انزل.. عاوز تفويض، إنزل.. عاوز نسبة مشاركة أمام العالم.

«يا أخي أنا لو كومبارس مش هقبل هذا الدور».

قالها شاب كان يطمح لأداء دور جيد في سيناريو خريطة المستقبل، ثم فوجئ بمنح دور البطولة للطرابلسي، فامتنع عن المشاركة قائلا بحسم: بطلنا تمثيل

.......................................................................................................

وغدا نعود لرواية «حواديت الكذابين»

جمال الجمل

tamahi@hotmail.com