للوزير خطيئتان.. ومكافأة!

سليمان جودة الإثنين 19-10-2015 21:50

فى غمرة انشغال الناس بالانتخابات، صباح أمس الأول، صدر قرار من البنك المركزى بتخفيض قيمة الجنيه عشرة قروش أخرى، بعد عشرة قروش أولى، كان الجنيه قد فقدها من قيمته، قبل أيام!

ولست أريد أن أتوقف هنا عند تداعيات القرار، سواء بالسلب على سعر كل سلعة مستوردة، أو بالإيجاب على سعر كل سلعة مصدرة، فهذا مما قال فيه أهل الشأن كلاماً كثيراً، ولايزالون!

ولكن المؤكد أن المواطن، الذى لا حول له ولا قوة، سوف يدفع، وحده، ثمن خطوة كهذه، وسوف يتحمل، بمفرده، تداعياتها السلبية، أما الإيجابية فسوف تصب، بالقطع، فى جيب غيره!

وما أريد أن أسأل عنه، تحديداً، هو مدى علاقة تصريح كان قد أطلقه أشرف سالمان، وزير الاستثمار، بما أصاب الجنيه، على مدى أسابيع مضت، ثم بما أصابه أمس الأول!

كان ذلك قبل نحو شهرين، وكان الوزير قد قال إن الحكومة تفكر فى خفض قيمة الجنيه بضعة قروش، ولابد أننا نذكر أن تصريحاً كهذا قد أزعج جداً هشام رامز، محافظ البنك المركزى، الذى لم يشأ أن يخفى انزعاجه الشديد، وأعلنه صراحة، وأظن أن الأمر لو كان فى يد المحافظ وقتها، لكان قد حاسب الوزير على تصريحه، ولكان قد عقد له محاكمة!

ذلك أن الوزير قد أخطأ مرتين، وكان خطؤه فى كل مرة منهما بحجم خطيئة، وليس من نوع الخطأ العادى الذى يمر ويُغتفر!

أخطأ مرة، عندما قال إن الحكومة تفكر من جانبها فى أمر من هذا النوع، إذ المفروغ منه، عند أهل الاقتصاد، أن الحكومة - أى حكومة - لا علاقة لها، من قريب، ولا من بعيد، بالسياسة النقدية، وهى سياسة يقع فى القلب منها سعر العملة.. إنها سياسة تخص البنك المركزى وحده، ولا ينازعه فيها أى طرف آخر فى الدولة، مهما كان موقع هذا الطرف، ومهما كانت قوته!

وكان الخطأ الثانى للوزير أنه حتى بافتراض أنه عرف أن هناك تفكيراً فى هذا الاتجاه داخل الدولة، فليس هو، كوزير، المختص بإعلان ذلك، على المجتمع، أو على العالم، وإنما يعلنه المحافظ وحده، وفى التوقيت الذى يراه مناسباً، وبالطريقة التى لا تؤذى العملة الوطنية!

منذ أن أعلن أشرف سالمان ما أعلنه، وهناك إحساس، لدى رجال البنوك، والاقتصاد، بأن مساً من الشيطان، قد أصاب الجنيه، الذى كان قد شهد فترة استقرار طويلة نسبياً، انتهت بتصريح الوزير!

الغريب، والمثير لألف علامة استفهام، أن حكومة جديدة قد جاءت بعدها، وأن الوزير قد بقى فى مكانه، وكأنه قد كوفئ على ما فعل.. فلله الأمر!