وداعاً حقبة جورج بوش وأهلاً بـ«جون ميجور» أمريكا

الجمعة 23-01-2009 00:00

ستكون هناك فترات تراجع وأيضا إحباط، لكن فترة رئاسة باراك أوباما تحمل على الرغم من ذلك مستقبلا أفضل لبلده وللعالم كله، ولا يسعنا إلا أن نتخيل عبء التوقعات الكثيرة التى يتحملها باراك أوباما، فكل رصيده السياسى هو فترة واحدة كعضو فى مجلس الشيوخ، قضى معظمها خلال حملته الانتخابية، بالإضافة إلى 8 سنوات قضاها كسيناتور عن ولاية إيلنوى، وهو المنصب الذى لا تزيد مهامه كثيراً على مسؤوليات عضو مجلس محلى، بل أقل من مهام أى عضو فى البرلمان الأسكتلندى.

وتمكن خلال حملته الانتخابية من الحصول على دعم الناخبين من الولايات المتحدة وغير الناخبين فى مختلف أنحاء العالم، ليكون قائدا ليس للدولة العظمى فقط ولكن للعالم أجمع. وإذا كانت آمال الأمريكيين فى أوباما كبيرة، فباقى دول العالم من أذربيجان إلى زيمبابوى، تعلق عليه آمالا هى الأخرى، وترى أنه سيكون على مستوى توقعات الناس وسيمثل قوة للخير فى العالم.

وهناك على سبيل المثال أوجه شبه بين أوباما وعدد من البريطانيين، فهو يشبه، على سبيل المثال، رئيس الوزراء البريطانى السابق «تونى بلير»، حيث إن كلا منهما يمكن وصفه بـ«حزب من رجل واحد». هذا بخلاف الشبه بين أوباما وجون ميجور، فعندما نشرت مجلة «باراد» خطاب أوباما لبناته الأسبوع الماضى، كان له صدى خافت فى بريطانيا، خاصة أن «جون ميجور» هو من بدأ هذا النوع من الرسائل ففى عام 1997 قبيل الانتخابات، كتب ميجور لأبنائه رسالة طالب فيها بالتشجيع على الادخار، من بين أمور أخرى.

والواضح أن باراك أوباما محام يتمتع بموهبة غير اعتيادية فى تقريب الناس وهو فى ذلك أشبه ببلير الذى اعتاد تغيير آراء الناس المضادة له وتحويلها تماما. لكن بلير لم يتعرض لهجوم من «آلان كيز» الذى قال عن أوباما «المسيح ما كان لينتخب أوباما»، ولم يرد السيناتور الشاب إلا بعد فوزه وهزيمة منافسه بفارق أكثر من 40% من أصوات المجمع الانتخابى، وبرغم فوزه حاول أوباما استمالة من لم يصوتوا له قائلا إن «التقدميين لا يمكنهم التخلى عن الخطاب الدينى»، مطالبا الفريقين: «العلمانيين والأصوليين» بأن يتحدثوا لغة توحدهم بدلا من التفرق.

وكانت تلك المهارة هى نفسها التى تمتع بها بلير الذى خسر رهانه المزدوج فى حرب العراق بعدما وافقه الناخبون على دخولها، باعتبار أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، لكن ليس حتمياً أن يواجه أوباما نفس مصير بلير، فهناك اختلافات كبيرة، منها مكانة أمريكا والتوازن الذى يتسم به دستورها، كما أن الوضع الاقتصادى سيحتاج تركيز أوباما لحله.

ولا يمثل أوباما مجرد إشارة لكسر حقبة جورج بوش، لكنه يمثل أيضاً جزءاً من الحالة الجديدة التى يعرف جيداً من خلالها أن الناخبين يشكون فى المثقفين، وبالتالى كانت نصوص خطاباته جميعا مبنية على كلمات حقيقية ومفردات يستخدمها الجمهور، ومبنية على حجج مقنعة.

وفيما نشعر بالسعادة لرؤية جورج بوش يرحل مع ديك تشينى، فإننا ندرك جيداً أن أوباما الذى لا يستطيع تلبية كل التوقعات الكبيرة المنتظرة منه، سيجعل العالم مكاناً أفضل، حتى إذا أخطأ.