في بداية طريقنا إلى العقد الخامس لذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، أطلق بعض الشباب، ممن يُسمون أنفسهم «نشطاء»، نظرياتهم التي تفيد بأننا هُزمنا في حرب أكتوبر أو على الأقل لم نحقق أي نصر! والواقع أن انتصار مصر في حرب التحرير هو قطعة من وجدان المصريين وجزء من ملامح صورتهم الإيجابية عن أنفسهم. وهؤلاء يُحدثون أثراً سلبياً لا يمكن لأقوى برامج جهاز الموساد الإسرائيلى أن يحققها.
لو كان هذا اللغو صحيحاً، وهو قولُ واحد ليس كذلك، فليس كل ما يُعرف يُقال، كما أنه يتعين ويتحتم ويجب على القائل أن يُعلن بوضوح وشفافية، من يخدم تحديداً بترديد هذا الكلام؟ فلا هو باحث عسكرى في الأمر بحيث يصبح رأيه ذا ثقل ويؤخذ منه ويرد، ولا هو صاحب وجهة نظر عميقة أو منطق متماسك يجبرنا على الالتفات له. هو شخص ببغائى النزعة يردد ما يسمعه، أو ما يملى عليه. الطريف أن البعض لم ينزف قطرة دم واحدة إلا يوم ختانه أو يوم كان يعيث فساداً بأصابعه في أنفه التي يدسها الآن في قصة كُتبت حروفها بدماء آبائنا التي شربت الأرض منها آلاف اللترات ولم ترتوِ حتى الآن.
الطفل الصغير يفهم أننا لم نحارب لتحرير سيناء بل للعبور واستعادة جزء من الأرض وتحريك الأوضاع لتغيير الواقع والتفاوض، خلال بضع سنوات، من مركز قوة بشرعية نصر قابل للتكرار.
لو عاش هؤلاء، لا سمح الله، وقت الحرب لقال بعضهم إن كل أحداث هذه الحرب وهمية و«فوتوشوب»، أو إن الجيش المصرى يستخدم القوة المفرطة مع الأعداء. ولأخرج لنا حكيم الثورة من بطنه ما تيسر له من عباراته شديدة العمومية بالغة السطحية مما يجتذب، كمصيدة الناموس، أصحاب العقل العميق والمجوف، عبارات من عينة (العنف يؤدى إلى عنف) أو (إن التعايش السلمى هو أقصر طريق للمستقبل)، أو (دعونا لا نغفل مبادئ حركة «5 يونيو»)! بجانب هذا سيبدأ الفلاسفة في التنظير وتصدير أطروحات من عينة «وجهوا أموال التسليح للغلابة»، «ما معنى الوطن؟»، «ما أهمية الأرض؟». وسيخرج إعلاميو العصر الأغبر بنظرية «بلاها سينا، الشقة واسعة نعيش في أي حتة». وكل ما سبق مع موسيقى تصويرية من لحن «يسقط حكم العسكر» الذين يديرون العمليات العسكرية وحدهم دون الرجوع لقوى الشعب المدنية، مع التأكيد على أن الجيش يُلقى بالشباب النقى لحتفه!