معتمداً على «الكاتيناتشو» الإيطالية، بدأ البرتغالي جوزفالدو فيريرا، المدير الفني لنادي الزمالك، اللقاء بالخطة الرقمية المعتادة «4-3-3»، امنح الخصم الكرة وأغلق كل النوافذ نحو مرمانا واتركهم يهدرون الوقت والجهد بالتمريرات السلبية، حتى وإن أراد «زيزو»، مدرب الأهلي، الاعتماد على اللعب المباشر، بتمريرة تضرب قلب الدفاع، استغلالًا لسرعة «إيفونا»، فلن تمر التمريرة، وإذا مرت ستجد «إيفونا» محاصرًا.
واجبات دفاعية كبيرة تكلف بها الجناح الأيمن محمد إبراهيم، الذي لعب دورًا مركبًا مع زميله عمر جابر، الارتكاز المساند الأيمن، من خلال الاعتماد على «إبراهيم» كجناح دفاعي والكرة بحوزة الأهلي، يتحول كلاعب ارتكاز مساند وقت امتلاك الزمالك للكرة، وينطلق عمر جابر بسرعته الكبيرة لأداء دور الجناح الهجومي.
أما على اليسار، فـ«كهربا» لا يدافع جيدًا، بل لا يدافع من الأساس، معروف يوسف يغلق المساحة أمام وليد سليمان، كي يتفادى مواجهة لاعب الأهلي الأعسر لحمادة طلبة، كما واجه محمد إبراهيم رمضان صبحي مبكرًا، لمنعه من مواجهة لاعب للاعب مع أحمد توفيق.
طارق حامد في مركز 6 يشغل المساحة بين الوسط والدفاع ويغلق أي زوايا للمرور أو التمرير على عبدالله السعيد، وبذلك يصبح الأهلي في قبضة «فيريرا» الدفاعية.
أما عن الهجوم فيبدأ من الدفاع، «فيريرا» لا يُحبذ فكرة الضغط المبكر، ولكن يعتمد على الدفاع المتأخر مع وضع لاعبي الخصم بين كماشة دفاعية، يقطع الكرة وتُمرر سريعاً للأمام إما لـ«كهربا» على الجناح الأيسر أو عمر جابر على الجناح الأيمن أو تُلعب مباشرة لباسم مرسى بين قلبي الدفاع، ليقوم بسحب «ربيعة» و«حجازي» للخلف ويضرب «فيريرا» خط الظهر بالتمرير المباشر، كما حدث في انفراد عمر جابر.
شوط أول مثالي من «فيريرا» جيد من الناحية الخططية من اللاعبين في التنفيذ، ولولا إهدار «كهربا» لركلة الجزاء لخرج الزمالك من هذا الشوط متقدمًا بهدفين على الأقل، وأشاد الجميع بعبقرية «فيريرا»، خاصة وأن السيناريو المرسوم من قبل البرتغالي كان سيكتمل بنزول أيمن حفني ومصطفى فتحي والفريق متقدم بهدفين، والأهلي مرتبك وعصبي ومتقدم للأمام وبإمكانك أن تتخيل الموقف!
لكن ما حدث أن كرة القدم أعطت وجهها للاعبي الزمالك، ولم يُحسنوا استغلال ذلك حتى قررت معاقبتهم، وأضاع «كهربا» ركلة الجزاء واحتسب الحكم ركلة أخرى لرمضان صبحي، نجح عبدالله السعيد في ترجمتها لهدف التعادل، هنا كان يجب على «فيريرا» أن يغير من فلسفته، وهنا تكمن إحدى أهم نقاط ضعف «البروفيسور»، وهي عدم القدرة الجيدة على التعامل مع المتغيرات التي قد تطرأ على المباراة، فالبرتغالي يعد سيناريو واحدًا فقط للقاء، إذا ما سارت الأمور في غير صالحه عجز تمامًا عن التصرف بشكل صحيح.
سيناريو الشوط الأول منح الأهلي أفضلية نفسية في الثاني، فكان يجب على «فيريرا» أن يغير من أسلوب لعب الفريق، فلا يمكن أن تترك الكرة لفريق يملك أفضلية نفسية، لا يمكن أن تعطى الكرة لخصمك لكي يتمكن أخيرًا من استغلال الكرات المباشرة في عمق دفاعك في وجود لاعب كحسام غالي، لم تحاول أبدًا أن توجّه أيًا من لاعبيك للضغط عليه وعدم منحه حرية التصرف بالكرة كيفما شاء، حسام غالي، في مشهد أجبره عمر جابر فيه على الركض، بدا عاجزًا بشكل أثار الشفقة عليه، فلماذا لم يلجأ «فيريرا» لهذا الأسلوب طيلة الوقت؟!
كان يجب على «فيريرا» أن ينقل الكرة إلى وسط ملعب الأهلي، كان يجب عليه إشراك حفني مع بداية الشوط الثاني على حساب محمد إبراهيم، على أن يتحول عمر جابر لدور الجناح الصريح ويدخل معروف يوسف إلى قلب الملعب بجوار طارق حامد، وتتحول الطريقة إلى «4-2-3-1» ويلعب الفريق على 4 خطوط، ويستغل مهارات «حفني» والعامل النفسي الذي يتفوق به على لاعبي الأهلي ويلعب في المساحة خلف الارتكازين، ويجبر كلاً من حسام غالي وحسام عاشور على العودة للدفاع، ويجبر رباعي دفاع الأهلي على التأخر، ووجود جناحين بمهام هجومية واضحة سيجبر ظهيري الأهلي على البقاء في الدفاع ورد الفعل.
لم يفعل «فيريرا» ذلك إلا بعد أن استقبلت شباك فريقه هدفين، فعاد الفريق للمباراة متأخرًا وأحرز هدفًا لم يكن كافيًا للعودة في اللقاء.