كلاريسا بنكومو مسؤولة حقوق الطفل فى «هيومان رايتس ووتش»: الكونجرس سيستغل مسألة الاتجار فى الأطفال لقطع المعونات عن مصر

الخميس 22-01-2009 00:00

قالت كلاريسا بنكومو، باحثة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقسم حقوق الطفل فى منظمة «هيومان رايتس ووتش»، إن الكونجرس الأمريكى قد يصدر قرارا بقطع المعونات عن مصر، على خلفية عدم اتخاذ مصر خطوات إيجابية فى مكافحة الاتجار بالأفراد ومن بينهم الأطفال والنساء.

وأضافت فى حوار خاص لـ«المصرى اليوم»: «لم تتخذ مصر خطوات إيجابية منذ تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار فى الأفراد عام 2007، ولا يوجد قانون متخصص لمكافحة الظاهرة بشكل عام فى مصر.

والمزيد فى السطور التالية...

■ انتقد تقرير للخارجية الامريكية مصر فيما يتعلق بظاهرة الاتجار فى البشر ..فما رأيك بوصفك مسؤولة عن هذا الملف فى «هيومان رايتس ووتش»؟

- تحدث تقرير الخارجية الأمريكية لعام 2008 عن تهريب أطفال الشوارع واستغلالهم لأغراض التسول والممارسة الجنسية والعمل كخادمات فى المنازل، واستغلال الفتيات لأغراض السياحة الجنسية، ولم نجد محاكمات أو دعاوى قضائية أو تحقيقات فى هذا الشأن، وهو أمر صادم للغاية لأن مصر ألقت القبض على الآلاف من أطفال الشوارع، دون البحث عن الأشخاص الذين يديرون عصابات تستغل هؤلاء الأطفال.

■ مالذى قد يترتب على ذلك؟

- كانت الخارجية الأمريكية وضعت مصر تحت المراقبة من الفئة الثانية لمدة 3 سنوات، وإذا لم تحقق مصر تقدما فى مواجهة تهريب واستغلال الأطفال، ربما تقترح الحكومة الأمريكية قطع التمويل عن مصر فى أمور كثيرة، وهى مبالغ ضخمة جدا، وربما يتم تحويل هذه الأموال إلى دول أخرى، وسيكون من السهل على أعضاء الكونجرس الأمريكى الراغبين فى قطع المعونات عن مصر استغلال هذه القضية والحصول على موافقة الكونجرس بقطع المعونات عن مصر، إذا لم تتخذ إجراءات فعلية حازمة لمواجهة هذه الظاهرة، وهو ما تمت مناقشته بجدية خلال العام الماضى.

■ وما موقع مصر فى تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية؟

- هناك 3 طبقات فى قائمة الخارجية الأمريكية، أولاها الدول التى تتخذ إجراءات فعلية لمواجهة تهريب الأطفال وتعقد مناقشات جادة حوله، أما الفئة الثانية فهى الدول التى حققت تغييرات ولكنها بحاجة لعمل تحركات أكثر، وإذا حدث تراجع فى أداء هذه الدول من الفئة الثانية يتم نقلها إلى الفئة الثالثة، وحينها قد تتخذ الحكومة الأمريكية قرارا بقطع المساعدات عنها، وتصنف مصر فى قاع الفئة الثانية، وأنها على وشك الانزلاق إلى الفئة الثالثة.

■ لماذا تعتبرون الإجراءات التى اتخذتها مصر فى مجال مكافحة الاتجار بالأفراد غير كافية؟

- لا يوجد بمصر حتى الآن قانون لمكافحة ومنع الاتجار فى البشر بأشكاله كافة، هناك بعض المواد من هنا ومن هناك فى بعض القوانين، مصر تحتاج استراتيجية، وفى عام 2007 أنشأت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار فى الأفراد، والتى يفترض بها إعداد دراسات وحملات إعلامية حول الظاهرة، ووضع قوانين لمكافحتها، ولكن منذ 2007 وحتى الآن لم نر نتيجة واحدة أو تحركا فعليا من هذه اللجنة، والواقع يشير إلى وجود قوانين جيدة وفعالة لمكافحة الظاهرة فى دول عديدة، ولن يكون من الصعب عليها اختيار أحد القوانين من أى دولة كنموذج للعمل، ونحتاج للإجابة عن سؤال: لماذا لايحدث ذلك؟

وبدلا من ذلك نجد نفيا حكوميا دائما لوقوع تهريب للأطفال بغرض التبني، والقول إن مصر دولة إسلامية لاتقع بها مثل هذه الأمور، يجب إجراء نقاشات حول هذه المسائل، ووضع نظام قوى للمراقبة على دور الأيتام والمؤسسات التى تتعامل مع الأطفال، وعقد اتفاقيات ثنائية بين مصر ودول أخرى لمكافحة هذه الظاهرة، ومساعدة الأسر الفقيرة على الاحتفاظ بأبنائها.

فى عام 2002 صدقت مصر على البروتوكول الاختيارى الإضافى لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع واستغلال الأطفال، وكان موعد تقديم التقرير الأول بعد التصديق فى عام 2004، ولكن مصر لم تقرر بعد اللجنة المختصة فى هذا الشأن، وربما يتعلق الأمر فى مصر بأن المسؤولين ينظرون من حولهم ويقولون «إن هذا لا يحدث فى مصر ولا يتم بيع الأطفال»، وهو ما يظهر الفجوة بين ما نعرفه، وأن هناك أطفالا فى خطر.

■ وما تعليقك على القضية التى نشرت «المصرى اليوم» وقائعها مؤخرا؟

- هذه الحالة يبدو أنهم كان يتم نقلهم بغرض التبنى وليس بغرض الاستغلال، ويبدو الأمر أنه حالات بيع للأطفال فقط، وتمثل انتهاكا لحقوق الطفل، ومن بينها حق الأطفال فى التمتع بعناية آبائهم وأمهاتهم، ولكن الأمر يقودنا إلى نقطة أخرى بالغة الأهمية، وهى أن مصر ودولاً أخرى عديدة، ليس لديها نظام جيد لمساعدة الأسر التى تعانى من أوضاع غاية فى القسوة للحفاظ على أبنائها.

ومن واقع ما نشرته «المصرى اليوم» فإن بعض الحالات كانت أطفالاً غير شرعيين، ومن المعروف أن الضغوط على الأم لوضع الطفل فى هذه الحالة تكون قوية للغاية خوفا من «الوصمة المجتمعية».

وفى بعض الأحيان يأتى شخص ما ويقول لهم سنعطيكم فرصة جيدة لرعاية ابنكما وتوفير حياة أفضل له فى بلد غني، وهو ما يمثل ضغطا أيضا عليهما، ويمثل استغلالاً لضعف الوالدين الناتج عن أوضاعهما السيئة.

إضافة إلى أننا نسمع كل عام، خاصة فى شهر رمضان كلاماً عن الأيتام ورعاية الأيتام، ولكنه أمر يجب التأكيد عليه على مدار العام، وتقديم خدمات لهم تشعرهم بأنهم جزء من المجتمع، فغالبا عندما نتحدث عن الأيتام فى مصر نسمع من يقول إنهم أطفال مساكين، وينظر لهم البعض بشىء من «الوصمة»، حتى فى زواج الأيتام هناك تساؤل دائم: من الأب ومن الأم، وتستمر نظرة المجتمع لهم بشىء من وصمة العار.

■ ما تقييمك لوضع قضية الاتجار فى الأطفال فى مصر؟

- أعتقد أن الوضع مختلف فى مصر عن غيرها من الدول فيما يتعلق ببيع الأطفال بغرض التبنى، لأن مصر بها نظام «كفالة» وليس «تبنى» بالمعنى المتعارف عليه، وهو ما يشكل صعوبة أمام المجموعات والشبكات العاملة فى بيع وشراء الأطفال بغرض التبنى للعمل هنا، وفى نفس الوقت، هناك العديد من المصريين بالخارج، وهناك العديد من مزدوجى الجنسية، وهو ما تم استغلاله فى القضية الأخيرة، وكلها أمور تدفعنا إلى التأكيد على أن مصر تحتاج لتقوية خدمات حماية الأطفال، وخدمات مساعدة الأسر الفقيرة على الاحتفاظ بأبنائها.

كانت هناك تحركات فى هذا الاتجاه، خاصة التعديلات التشريعية على قانون الطفل فى عام 2008، والتى نصت على إنشاء وحدات خاصة بحماية الطفل، ولكننا لم نر ذلك يتحول إلى الواقع بما يشكل نظاما قويا لمساعدة وإعانة الأسر وأطفالها.

> ما رأيك فى كشف السفارة الأمريكية عن القضية؟

- أدهشتنى مساعدة السفارة الأمريكية فى الكشف والإمساك بهذه القضية وأن هناك قضايا أخرى غيرها، ولكن لا ينبغى الاعتماد على سفارات الدول الأجنبية فى القيام بأمور يفترض فى الحكومة المصرية القيام بها.

■ هل رصدتم حالات للاتجار بالأطفال وتهريبهم إلى خارج مصر مؤخرا؟

- لم نرصد حالات فى الفترة الأخيرة لتهريب أطفال خارج مصر، ولكن هناك تقارير رصدت حالات تهريب فتيات إلى دول الخليج، وحالات تهريب فتيات وسيدات من دول أوروبا الشرقية إلى مصر، إضافة إلى استغلال عصابات وأفراد لأطفال الشوارع فى التسول والسرقة، وبعضهم يتحول إلى عصابات وتشكيلات إجرامية وتستغل الأطفال وتسىء لهم جنسيا مثل قضية «التوربيني» الشهيرة.

■ لك موقف رافض لتسجيل الطفل باسم أمه وخضوع الأب والأم لاختبار البصمة الوراثية D.N.A لماذا؟

- لا يمكن فى مصر تسجيل الطفل باسم أمه، لأن المجتمع سينظر إلى الأمر على أنه وصمة عار، وستظل تلاحقه دائما، كما أن اختبار البصمة الوراثية D.N.A قد يجد من مسألة تهريب وبيع الأطفال، ولكن البعض ينظر إليه على أنه انتهاك للحق فى الخصوصية، كما أنه مكلف.