أصعب لقاء

نيوتن الخميس 15-10-2015 21:23

مرت ذكرى 6 أكتوبر. بغير ذكر مبارك. قائد القوات الجوية خلال الحرب. قال عنه الرئيس الراحل أنور السادات. مبارك حقق معجزة فى الحرب. فى إسرائيل يحترمونه لأنه تفوق عليهم. ولقنهم درسا موجعا للغاية. من يمكنه أن يحذف صفحات عسكرية مشرفة من تاريخ مصر. من يمكنه أن ينكر دور القائد والطيار مبارك. نحن فعلنا.

هذه ليست المرة الأولى. تجاهلناه منذ 2011. تجاهلنا ذكره كقائد عسكرى مرموق. الصحف تورطت فى ذلك. الفضائيات الخاصة. تليفزيون الدولة. لم ننجح. الناس تتذكر وتعرف جيدا دوره فى الحرب.

حاول البعض تحطيم معنوياته. قالوا إنه يتمارض. لا يدخل المحكمة واقفا. يدخل على كرسى متحرك أو ممددا فى سريره. حصل على البراءة. اختار البقاء فى المستشفى. نسينا أنه خضع لجراحة دقيقة فى ألمانيا. نسينا أن الرؤساء لا يكشفون عن مرضهم بسهولة. منذ اللحظة الأولى لم ينتبه أحد إلى أنه لم يهرب. ولن يهرب. قرر أن يواجه التهم الموجهة إليه. برأته المحكمة مرة واثنتين وثلاثاً. عواصم عربية وعالمية رحبت به. عرضت عليه الخروج. قال: لن أترك بلدى. سوف أُدفن فى ترابه. من أجله حاربت. خضت معارك كبيرة. فالجندى لا يهرب.

كان الوضع قاسيا. لا يحتمله بشر. خصوصا عندما زُج بأبنائه فى السجن. تألم مبارك كثيرا. دفع ثمنا باهظا. لأنه تصرف بكثير من الحصافة. تخلى عن السلطة. بإرادته الحرة المنفردة. لسبب بسيط. رفض أن يعرّض مصر للخطر. رفض أن تواجه مصر المصير السورى مثلا. فهو حارب من أجل استقرار مصر وأمانها. قبل أن يغادر موقعه. حذر من الإخوان. ووصولهم للسلطة. لم نستمع له. لم نقبل نصائحه. حدث ما توقع هو. جاء الإخوان. تكالبوا علينا. كنا على شفا الحرب الأهلية. كل ذلك يهون. حتى رأى مبارك ولديه فى القفص. فى المحكمة عند أول جلسة. شعر بحزن شديد. ألم لن يشعر به سوى الآباء. تجاه أى سوء يتعرض له الأبناء. ألم مضاعف. للقائد العسكرى. للرئيس السابق وهو فى السجن. ثلة من أبناء شعبه تحاكمه. بتهم فضفاضة. صبر واحتسب. تحمل الألم فى شجاعة. لكن وضع أبنائه فى السجن. كان أمرا فوق الاحتمال. فوق طاقة البشر. عندما رأى علاء وجمال فى الحبس مجدداً. بعد الإفراج عنهما. عادا للحبس مرة أخرى. فى تلك اللحظة شعر مبارك بالقهر. كان أصعب لقاء فى حياته. أحس الابنان بظلم شديد وغبن لا يوصفان. علاء وجمال حذوا حذو أبيهما. واجها الأمر بشجاعة وصبر. اعتبرا أن تبرئتهما بالقانون. مرة أخرى. أهم من أى شىء. أُفرج عنهما. بحكم قضائى بات وقاطع.