كلما طالعت تصريحات الوزراء، سواء فى الحكومة الحالية أو اللى قبلها أو حتى منذ أن كنت عيلة بذيلين حصان، أتذكر مقولة شيرين فى مسرحية المتزوجون «جدو حولان»!.. يبدو أنه لا شفاء يرجى من هذا الحول المزمن لدى الحكومات المتعاقبة وما يترتب عليه من خلطبيطة فى تحديد الأولويات، وبالتالى بقاء المشكلات كما هى وتسليمها من حكومة لأخرى بحطة إيدها!.. طالعتنا الصحف منذ عدة أيام بتصريح برّاق عن تشغيل ألف مصنع قطاع خاص سينتهى إنشاؤها وتجهيزها فى الأشهر القليلة القادمة.. وتعجبت، لماذا تحفل الحكومة بتشغيل مصانع للقطاع الخاص وتصر على ترك المصانع المغلقة منذ عشرات السنين والتى كانت أكبر إنجازات الزعيم جمال عبدالناصر؟.. هل مازلنا فى حرب ضد القطاع العام؟.. حكومة المهندس إبراهيم محلب هى أكثر حكومة بعد ثورة يناير وعدت بإعادة تشغيل تلك المصانع، ربما لكون رئيس الوزراء السابق مهندسا يدرك قيمة تلك المصانع للاقتصاد المصرى، لكن لم يحدث أن أخذت تلك الوعود حيز التنفيذ.. المفاجأة أن نجد رئيس الوزراء الحالى يتجاهل هذا الملف تماما ويعلن عن تشغيل ألف مصنع جداد لانج، وكما قالت الست: «اللى فات ننساه وننسى كل قساه»!.. ويبدو أيضا أن إخراج المصانع المغلقة من عثراتها سيستهلك وقتا أكثر من إنشاء مصانع جديدة، لذلك خلينا فى السريع الذى يجلب التصفيق والهتاف!.. لكن، هل تشغيل المصانع المغلقة لن يجلب التصفيق والهتاف؟!.. إذا افترضنا حسن النية بعيدا عن السعى للمجد الشخصى فسنجد أن الأولويات تايهة، فالعقل يقول أن نصلح القائم قبل أن نقيم الجديد.. نفس الخطأ نكرره فى المليون ونصف المليون فدان.. لم يحاول أى وزير رى ترشيد طريقة الرى رغم أن الترشيد يوفر عشرة أضعاف الكمية المستهلكة حاليا، وكان يجب أن تكون هذه هى الخطوة الأولى ثم بعد ذلك توجيه الكمية الموفرة للأراضى الصحراوية دون أى عبء مائى إضافى، مثل العبء الذى سيحدث مع المليون ونصف المليون فدان.. المشكلة الثانية هى أنك أصلا مهدد بندرة المياه نتيجة لسوء التعامل مع ملف سد النهضة!.. مازلنا نبحث هذا الملف بطريقة قعدات العرب بينما المفروض نكون ذهبنا به لمجلس الأمن من زمان!.. ألا يعلم المسؤولون أن تاريخ المجاعات فى مصر كان دائما مرتبطا بانخفاض منسوب مياه النيل؟.. أكثر الأزمات كانت الشدة المستنصرية وقت حكم الخليفة المستنصر بالله، والتى نتج عنها أكل الناس لبعضهم البعض من الجوع، فما بالك بما سيحدث لما النيل يقطع؟!... هتكون انت يا حمادة أول واحد يصطادوه ويسلقوه ويحمروه!.. ثم ماذا فعلت مع من بنوا على أرضك الزراعية؟.. لماذا لا تفرض عليهم غرامات يدفعونها لبنك التنمية والائتمان الزراعى على عدة سنوات بدلا من الهدم الذى لن يعود عليك بشىء ولن يعيد الأرض زراعية كما كانت؟.. لماذا نعجز عن ابتكار الحلول؟!.. وخذ عندك يا سيدى تصريح وزير الاتصالات بشأن تمويل الجهاز القومى للاتصالات لمشروع المليون فدان!.. إذا كنت يا عم ربنا كرمك وفتح عليك بقرشين زيادة فلماذا لا توجهها لتحسين خدمات الإنترنت التى أصبحت فى أدنى مستوياتها حاليا؟.. مالك إنت ومال الزراعة؟.. هل شغلتك على المدفع وزير زراعة أم وزير اتصالات أم بورولوم؟.. ثم نصل إلى وزير الإسكان الذى طلب من الشركة الهندية التى ستقيم مشروع العاصمة الإدارية أن تنشئ حيا هنديا بالعاصمة الجديدة؟.. يا صلاة النبى!.. وده بقى بالفيل واللا من غير الفيل؟!... مش كفاية علينا التكاتك؟!... وهل السياحة فى الهند بعافية حتى نروّج لها بإنشاء حى هندى فى قلب مصر؟.. لماذا لا نفكر فى إنشاء أحياء تروج للسياحة فى بلدنا؟.. حى فرعونى، حى شرقى على طراز خان الخليلى، أو حتى حى ريفى؟.. لماذا لا نحول ريفنا المصرى إلى مزار سياحى مثلما يحدث فى العديد من القرى الأوروبية؟.. هل درس المسؤولون هذه الفكرة من قبل؟.. هل تخيلوا الدخل الذى سيعود على الأسر الريفية من بيع منتجاتها للزائرين على غرار ما يحدث فى القرى الأوروبية؟.. لا مانع من خلق أرض زراعية جديدة وعاصمة جديدة وشبكة طرق جديدة، لكن دون تجاهل المشاكل المتجذرة مثلما يحدث الآن.. إمسك كويس بقى فى كرسيك يا حمادة وتبّت فيه، لأن الخطوة القادمة غالبا ستكون استيراد شعب جديد بدل هذا الشعب اللى زاحم الدنيا وبيرمى زبالته فى الشارع!