المشروعات القومية الكبرى

نيوتن الأربعاء 14-10-2015 21:30

المشروعات القومية الكبرى. عاد المصطلح مجدداً ليتردد بقوة. طفى على السطح مرة أخرى. كنا قد نسيناه من فترة الستينيات. من مرحلة البروباجندا. خلال الحقبة الناصرية. هذا هو التعبير الأكثر دقة لتلك المرحلة. مصطلح ارتبط بمشروعات لم تحقق نجاحاً كبيراً. ولا أريد أن أقول حققت فشلاً كبيراً. جدواها الاقتصادية لم يتم حسابها. قبل البدء فيها. فُرضت من فوق. فكر فيها وقام باختيارها الزعيم. وحده فعل ذلك. لم يناقشه أحد. لم يعرضها على خبراء أو علماء حتى. المشروعات كان حصادها الكلى مراً. بل شديد المرارة. ندفع ثمنها حتى الآن. كل ذلك كان فى الستينيات. هل نعيد التجربة؟ هل نكرر الأخطاء؟ هل نعود بالزمن للوراء؟

ربما يكون لهذا المصطلح بريق. المشروعات القومية الكبرى. أحداث وذكريات لم تختبرها الأجيال الحالية. تتكلم عن أمجاد وهمية. هذا أكثر تعبير مهذب يمكن استخدامه. الستينيات بمشروعاتها. الستينيات ومبادئها الاقتصادية. الستينيات وقواعدها الأخلاقية. المصادرة. التأميم. كل ما هو أجنبى عدو... إلخ.

■ ■ ■

هل نريد اقتصاداً حراً قوياً أم نريد فَخاراً؟ أى نريد ما نفتخر به. لكنه خال من المضمون. خال من القيمة. خال من الجودة. خال من العائد الاقتصادى الذى يتناسب مع حجم ما أُنفق فيه كمشروع قومى عملاق. قمنا بمشروع قناة السويس. نفذناه بامتياز. أنجزناه على أكمل وجه. صحيح أننا لم نناقش العوائد. لم نناقش دراسة الجدوى قبل التنفيذ. لا نعلم حجم ما أُنفق على المشروع. حتى الآن. لا بأس. لكننا فى أى الأحوال أنجزنا. أغلقنا هذا الملف. فماذا عن العناوين المطروحة الآن. باسم المشروعات القومية؟ كلها مجرد عناوين. بالنسبة لنا كمواطنين. بالتأكيد لها دراسات مكتملة. لكننا لا نعرف عنها أى شىء. كأنها أسرار عسكرية. فى مقدمة هذه الأفكار زراعة المليون ونصف المليون فدان. نمضى فى ذلك بغير خريطة طريق معلومة من كل الجوانب. وزير الرى بالأمس فى مؤتمر اقتصادى مغلق. عقدته مؤسسة أخبار اليوم. قدم وصفاً عاماً. يعكس وجود دراسات شاملة. كما قال الرئيس من قبل. قدم الوزير إجابات عن جوانب فنية مهمة للغاية. لو فعل ذلك من قبل فى التليفزيون. فى الصحف. لنشاركه الرأى. لنسير معه فى الطريق ونحن مطمئنون. ووفر علينا الكثير من الجدل.

نتحدث عن المفاعلات النووية. بدون أن نناقش الأمر. نعتمد على دراسات مجهولة. البعض يقول إنه مر عليها أكثر من 20 سنة. نتحدث كثيراً عن العاصمة الإدارية الجديدة. نفس الشىء. المواطن يدفع الثمن مرتين. الأولى من جيبه. حيث إنه الممول الرئيس لمثل هذه المشروعات. والثانية عندما لم يحقق المشروع نجاحاً. فنكون بذلك ضيعنا المال والجهد والوقت. وأرباحاً ربما كانت تأتينا لو أحسنَّا استثمارها فى شىء آخر.

■ ■ ■

فى سويسرا لا تستطيع الحكومة تنفيذ أى مشروع بغير استفتاء عام. تفعل ذلك فى كل شىء. إنشاء خط سكة حديد. إقامة جسر. بناء مدينة جديدة. أى مشروع يتم استطلاع رأى المواطن فيه. لأنه شريك. لا يمكن تجاهله.