قال وسام فتوح، الأمينُ العام لاتحاد المصارف العربية، إن تراجع أسعار النفط لم يؤثر بشكل مباشر على أداء المصارف العربية التي تمكنت من النمو رغم الأوضاع القائمة، وأعرب عن ثقته بقدرة البنوك السعودية على تجاوز المرحلة بصلابة، كما لفت لوجود خطة لدى المصريين لإعمار بلادهم، وانتقد التركيز على دور البنوك في عملية تمويل داعش، قائلا إن التشدد في القوانين الدولية يعرقل العمل المصرفي.
وردا على سؤال حول أداء المصارف العربية المتوقع في الربع الأخير من العام 2015، وكذلك بالعام 2016 إذا بقيت اسعار النفط في تذبذبها ومستوياتها المنخفضة قال فتوح: «رغم جميع الظروف التي يشهدها الالم العربي حالياً سواء من تحولات سياسة أو غيرها فإن القطاع المصرفي ما زال جيدا ومعدل النمو فيه جيد، فمعدل نمو الأرباح التي حققها القطاع في العام 2014 و2013 بلغت 10 في المائة، وبالنسبة لمعدل النمو في الربع الأول من العام 2015 أصبح هناك زيادة بنسبة 5 في المائة وبلغ إجمالي موجودات القطاع المصرفي العربي حوالي 3.1 تريليون دولار، وبلغ إجمالي الودائع 2 تريليون دولار.»
وحول طرح الدول العربية لسندات وصكوك لمعالجة أوضاع ميزانياتها ومدى استعداد المصارف العربية للاستفادة من ذلك قال فتوح، في مقابلة مع «CNN» بالعربية على هامش «القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي» في دبي: «لا يوجد تأثير مباشر لانخفاض أسعار النفط على ميزانية القطاع المصرفي بشكل عام، والدليل على ذلك هو نسبة النمو التي ذكرتها. وتأثير انخفاض أسعار النفط على ميزانية الحكومة في بعض الدول المصدرة للبترول هي مفيدة لدول أخرى مستوردة مثل لبنان ومصر والسودان».
وأضاف: «أعتقد أن المصارف العربية لديها استعداد كبير لتمويل الحكومات مثل لبنان ومصر واليمن وعدة دول عربية أخرى، والمصارف العربية تساهم في دعم القطاع الحكومي العام أكثر من القطاع الخاص».
وعن الوضع المصرفي في السعودية ومصر تحديدا قال فتوح: «تبلغ ميزانية القطاع المصرفي في السعودية حوالي 500 مليار ريال، والقطاع المصرفي السعودي قطاع قوي ونعلم أن ميزانيات الحكومات اليوم تعاني من العجز في ميزانياتها وستظل تعاني بسبب انخفاض أسعار البترول، ولكن الوضع مرحلي وباستطاعة المملكة السعودية ستتخطى هذه المرحلة بصلابة».
أما بالنسبة لمصر، فقال «فتوح»: «مصر لديها الثقة، وهو عنصر مهم جداً، إذ أن الحكومة المصرية تحاول أن تبث الثقة وتسعى لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في البلد، ولا شك أن القمة التي عقدت في فبراير الماضي منحت مصر دافعا كبيرا جداً واستثمارات خارجية مهمة، وأعتقد أن هناك خطة عمل قوية يقوم بها المصريون لإعمار بلادهم».
وأبدى الأمين العام لاتحاد المصارف العربية ثقته بقدرة القطاع المصرفي الإسلامي على تجاوز أي أزمة اقتصادية قائلا إن طبيعة العمل المصرفي الإسلامي «قادرة على تجنب الأزمة لكونها تعمل في جوانب الاقتصاد الحقيقي وتمويل القطاعات الاقتصادية وليس بالأمور المصرفية الورقية وهذا ما يميزها عن المصارف التقليدية، دون التطرق لقضايا الحلال والحرام».
ورأى فتوح أن التحدي الأكبر الذي يواجهه القطاع المصرفي على مستوى العالم وليس بالمنطقة العربية فحسب هو كثرة التشريعات والقوانين المفروضة من السلطات الرقابية ولا سيما الامريكية منها قوانين «اعرف عميلك»، وقوانين مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب التي قال إنها «أعاقت العمل المصرفي وأدت لإغلاق الكثير من الحسابات.
وجزم المصرفي اللبناني بأن القوانين مثل «اعرف عميلك» يحول من امكانية المصرف دون التوسع في قاعدة العملاء، بينما يعرقل قانون مكافحة تبييض الأموال الكثير من العمليات المصرفية مضيفا: «أنا لا أقول بأنه يجب عدم تطبيق هذه القوانين ولكن يجب فهمها بالشكل الصحيح وينبغي إدارة هذه المخاطر، وكما أن تطبيق التشريعات مهم، فمن المهم أيضاً أن نكمل (البنوك) فرص التمويل في الاقتصاد ومحاربة البطالة وخلق فرص عمل».
وحول ما يثار عن أموال تنظيم داعش ودور المصارف العربية في محاربة نقلها قال «فتوح»: «تمويل داعش يأتي من خمسة مصادر وهي: بيع البترول، السرقة، الخطف مقابل الفدية، الضرائب، والتحويلات. وتأتي التحويلات من أشخاص يؤمنون بهذه المنظمة الإرهابية، والجميع يعرف أن تمويل الارهاب لا يأتي بالضرورة من أموال ملوثة، وبالتالي فإن أربعة من مصادر تمويل داعش الخمسة لا علاقة للمصارف بها».
وختم بالقول: «تنظيم داعش أصبح قوة عسكرية قادرة على فرض الضرائب وارتكاب جرائم الخطف وبيع البترول والسرقة، وكل تلك مصادر تمويل لا تمت صلة بالقطاع المصرفي العربي ولا نستطيع أن نلقي اللوم عليه، فهذه مهمة الأمن، وللأسف وجود هذه المنظمات الإرهابية في منطقتنا أدى للتشدد بتطبيق القوانين المصرفية، وخاصة ’اعرف عميلك‘ لدرجة أصبح البنك مضطرا أيضا لمعرفة عميل عميله، ولمسنا ضعفا بتمويل العمليات المصرفية في المرحلة الأخيرة وخاصة في العام 2015».