الفساد فى مصر

صفية مصطفى أمين الثلاثاء 13-10-2015 21:17

التعامل مع الفساد فى مصر شىء محير! يبدو لى أن الملاءمات السياسية لها دور فى حسم قضاياه. فهناك قضايا فساد حُفِظت، وأخرى قُدِّمت لمكتب النائب العام ولم تتحرك لعدة سنوات. رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، بُحّ صوته من الإشارة إلى وقائع فساد فى مختلف أجهزة الدولة، ولم يجد من يرد عليه بالتحقيق فى الوقائع المشار إليها أو حتى نفيها وتكذيبها.

الكلام عن الفساد لا يخيفنى، إنما الذى يخيفنى أن يحدث الفساد ولا نكشفه، بل نغطيه، ونحمى ملوك الفساد الذين يعبثون فى الأرض، ينهبون البلاد كأنه لا صاحب لها!

الشعب المصرى حساس، ويشم رائحة الفساد، ولا يطيق أى محاولة للتستر عليه، ولذلك يجب أن يشترك اشتراكاً فعلياً فى مقاومة الفساد، يتتبعه، ويطارده، ويضرب حوله حصاراً. ولكن فى نفس الوقت تتم محاسبة كل من يتقدم ببلاغ كاذب ضد مواطن شريف، حتى لا تتضاعف البلاغات الكيدية!

لا تستطيع الحكومة وحدها أن تحارب الفساد، رغم أنها تزعم أنها تسمع دبّة النملة. فالفساد مازال ينتشر فى المعاملات الحكومية، وفى المقاولات وفى الصفقات. ينتشر بين الكبار قبل أن ينتشر بين الصغار، وفساد الصغار محدود، أما فساد الكبار فلا حدود له. وجود لص واحد فى وزارة يفسدها كلها. الفساد كالدود يتكاثر بسرعة ويتناسل بسهولة. والسكوت عن فساد موظف واحد ينتقل إلى كل من حوله، لأنه مرض مُعدٍ يشبه الوباء.

ولست أفهم أن تستغرق قضايا الفساد وقتاً طويلاً فى التحقيقات، وأمام المحاكم. ويظل المتهم البرىء مظلوماً فى السجن لمدة طويلة. ينتقل من محكمة إلى محكمة، ومن جلسة إلى جلسة، ويبقى شرفه معلقاً إلى أن يحكم القضاء حكمه النهائى. وكثيراً ما يموت، فتسقط التهمة عنه دون أن تظهر الحقيقة. الحل أن تُعطى أولوية لنظر قضايا الفساد أو تُخصص دائرة للنظر فيها.

قضية وزير الزراعة السابق- على سبيل المثال- محظور فيها النشر منذ أكثر من شهر، والتحقيق يبدو لى بطيئاً بطيئاً حتى يُخيَّل لى أن القضية ستستغرق سنوات للنظر فيها!

فى النهاية، أريد أن أقول إن الفساد موجود فى كل المجتمعات ولكن فرصته أكبر فى المجتمعات غير الديمقراطية، التى تغيب فيها المساءلة ويُهدر القانون.

الحرب ضد الفساد طويلة المدى.. وسوف نكسبها يقيناً بالجدية والمحاسبة!.