لم أقصد فى مقالى، يوم السبت الماضى، أن أزيد الإحباط إحباطاً. وأضيف على فتور البعض فتوراً من جراء الانتخابات الكثيرة التى خضناها طوال السنوات الأربعة الماضية. المشاركة هى الفعل الإيجابى. المقاطعة مهما كانت أسبابها هى الفعل السلبى.
■ ■ ■
المقاطعة ليس لها معنى. لن تفيد. بل تسبب الكثير من الضرر. سنترك الساحة لمن لا نريد. سوف نمنحهم فرصة. سنفتح لهم أبواب البرلمان بأيدينا. ثم نجلس ونبكى. نتحسر. نندم على دخول المتطرفين مرة أخرى البرلمان. الذى يختلف هذه المرة عن أى برلمان. صلاحياته أكبر. نفوذه لم يسبق له مثيل فى كل البرلمانات التى عرفناها. سواء قبل 25 يناير أو بعدها. برلمان منح من نفوذ الرئيس. يوافق على الحكومة أو يشكلها. يراقبها. يعزلها. يتدخل فى الموازنة العامة للدولة. يفرض ما يشاء. يغير ما يريد. وقتما يريد. يضع الخطط الاقتصادية. يضع التشريعات ويسن القوانين. فهل نترك كل ذلك للمتطرفين. للذين يرتدون عباءة الدين. يخدعون بها البسطاء. يشترون الذمم. ينفقون ببذخ شديد فى دوائر فقيرة للغاية. ولا حزب من الأحزاب المدنية قادر على المنافسة. أو حتى صد الهجوم السلفى علينا.
كل ما سبق هو الترجمة البسيطة النظرية لمصطلح المقاطعة. إذا أردنا أن نفعله. سوف ندفع ثمنا باهظا. ربما أكبر من الثمن الذى دفعناه بعد فوز جماعة الإخوان.
■ ■ ■
المشاركة لا بديل عنها. المواطن هو حائط الصد الأخير. بعدما وقفت الحكومة عاجزة أمام توغل السلفيين وانتشارهم بالمخالفة للدستور. بالمخالفة لمبادئ ثورة 30 يونيو. بالمخالفة لأهدافها التى خرج من أجلها أكبر مسيرات عرفتها مصر طوال تاريخها الحديث. وربما كانت الأكبر فى العالم. السيسى طالما طالب الشعب بالمساندة. وحده لن يستطيع أن يصنع شيئًا.
إذا لم تتمكن الحكومة من إخراج السلفيين من العملية الانتخابية. فليتولَّ الأمرَ الناخب. يقوم بإخراجهم بصناديق الانتخابات. بالتصويت فى كل الدوائر. بالمشاركة الفعالة الحرة. بحثّ كل من له صوت أن يقول لا لكل حزب يتستر بعباءة الدين. ويستغلها لمصالحه.
هناك شعور بالفتور. بالإنهاك من جراء الانتخابات المتكررة. يعرف بـ Voters’ fatigue. هذا صحيح. استنفدنا قوانا فى انتخابات الرئاسة. لكن البرلمان المقبل لا يقل أهمية عنها. فلا حل آخر سوى المشاركة، ثم المشاركة، ثم المشاركة.