حتى لا تختلط المياه الجارية، من سجن إسلام بحيرى ليس القاضى الذى رفض طعنه مؤيداً الحكم بسجنه، ولا هو القاضى الذى حكم بسجنه ابتداء خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، من سجن «إسلام» هم عمائم «مجمع البحوث الإسلامية»، حيثيات الحكم على «إسلام» صدرت من المشيخة الأزهرية.
أخشى أن المحكمة لم تنظر فيما جاء على لسان «إسلام»، نظرت فى تقرير «مجمع البحوث الإسلامية»، تقرير كافٍ لإعدام «إسلام» وليس سجنه، تخيل حكم قاضٍ مسلم بعد قراءة هذا النص: «إن ما بدر من قبل (إسلام) يمثل مساساً للعقيدة وهدماً للدين الإسلامى من أساسه، بدءاً من كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد، واجتماع علماء أئمة الإسلام، ما يتضمن تهكماً وتطولاً وسخرية وسباً لكافة الأئمة، بالإضافة إلى تطاوله على علم الحديث وعلمائه، ما يهدر هيبة العلماء فى قلوب محبيهم وقطعاً لسلسلة نقل العلم من السلف للخلف».
هذا تقرير يقطع الخلف، تقرير لا يدخل «إسلام» السجن بل يدخله النار حدف، «إسلام» يحمد ربنا إنها خمس سنوات، تقرير كافٍ لإهدار دمه، والحكم بردته، تقرير أقل من هذا تكفيراً حكم على الدكتور نصر أبوزيد بـ«الردة»، والتفريق بينه وبين زوجته، ومات فى غربته منفياً، ذهب ضحية العمائم.
لست متعاطفاً مع هنّات «إسلام» التى أساءت لمجمل قوله، ولكن أعجب ما فى حيثيات تأييد الحكم بحبس «إسلام»، مقولة: «إن المتهم مارس استبداداً فكرياً وإرهابياً»، وهل ما جرى مع «إسلام بحيرى» قبل اليوم أليس إرهاباً فكرياً، تكفيره، وتجريسه، وتلويثه، وتعبئة الجماهير ضده ومنع برامجه، وتحريم ظهوره فى الفضائيات، واتهامه بازدراء الأديان، ثم مقاضاته، وسجنه، ورفض طعنه بما يعنى تأييد الحكم.
أليس هذا هو عين الإرهاب الفكرى؟.. إذا كان «إسلام» بمفرده «مستبداً» ماذا يفعل مجمع البحوث جماعة، وهو يتهم «إسلام» بالمس بالعقيدة، وهدم الدين الإسلامى، عجباً «إسلام بحيرى» من التأثير والنفاذية فى ضعاف النفوس أن يهدم إسلامهم!!.
كنت أظن أن عمائم مجمع البحوث الإسلامية سيجتمعون على حوار «إسلام»، وينتهون إلى تصحيح مقولاته، وتصويب خطئه، وبيان انحراف أفكاره أو افتئاته على التراث الإسلامى وأئمته، ويناقشونه بصدر رحب، ويكسبون ثواباً، اتساقاً مع القاعدة القرآنية الثابتة، «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ».
مولانا الإمام الأكبر، أطلب من فضيلتكم تفسيراً للآية، أليس ربكم أعلم بمن ضل وهو أعلم بالمهتدين، مال مجمع البحوث الإسلامية بالمضلين، وظيفة المجلس تأسياً بالرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وليس تدبيج مذكرات للمحاكم تسجن وفى التحليل الأخير تكفر.
ليس قريباً منكم أبداً ولكن بعيداً جداً عنكم، فرضاً «إسلام» ضل عن سبيله، يستوجب إسلامياً تصحيحه، وتصويبه، وليس التوصية بسجنه، سجن «إسلام» لن يعز الإسلام، والإسلام الذى فتح باب الاجتهاد عن آخره يضيقه نفر فى مجمع البحوث، صدر الإسلام أرحب من صدور هؤلاء.
القاضى الجليل الذى رفض طعن إسلام بحيرى أسقط فى يديه، أكبر هيئة إسلامية تحكم بكفر «إسلام»، العلماء يشهدون بازدرائه للدين الإسلامى، ومساسه بالعقيدة، متعدياً على أئمة الإسلام، ولو كان هؤلاء الأئمة حاضرين بيننا لجادلوا «إسلام» بالتى هى أحسن، الغريب من كفر «إسلام» خشى أن يكفر داعش، لا حول ولا قوة إلا بالله.