حصلت «المصري اليوم» على نسخة نادرة لكتاب «عقيدتنا الدينية طريقنا إلى النصر»، الذي وزعته وزارة الحربية (الدفاع لاحقًا) على جنود الجيش المصري لتحفيزهم على القتال، قبل انتصار حرب أكتوبر بـ 3 شهور.
وبحسب البيانات الموجودة على غلاف الكتاب فهو مطبوع في 80 صفحة بواسطة إدارة المطبوعات والنشر في القوات المسلحة، وذلك بتاريخ السبت 30 يونيو 1973، أي قبل الحرب بنحو 3 شهور.
وضم الكتاب مقدمة بقلم الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة إبان حرب أكتوبر، وتضمنت جملًا تحفيزية ودعوات لجنود الجيش المصري بـ«الانتقام للشرف والكبرياء».
وجاء فيها: «يا أبناء مصر يا جنود مصر الشرفاء.. يا أبناء العرب البواسل، آن الأوان أن نطهر أنفسنا من الهوان والذلة التي أصابتنا بعد 1967، آن الأوان لكي ننتقم لشرفنا وكبريائنا، آن الأوان لكي نثق في أنفسنا وقدراتنا التي يُشكك فيها الأعداء والأصدقاء الانهزاميين، فالقتال سلاح وعقيدة».
ونصح سعد الدين الشاذلي جنود الجيش المصري أنهم إذا شعروا بالخوف في بداية «الحرب» فلا يحتقروا أنفسهم، قائلا إن «آباءك العرب البواسل الذين أذهلوا العالم بالفتوحات والانتصارات، كانوا يشعرون بالخوف قبل بدء المعركة وكانوا يستعينون بالصلاة».
وحذر «الشاذلي» الجنود من الانسحاب أمام العدو، وقال: «تذكر أيها الجندي البطل أن من سينسحب أمام العدو سيلحق به الخزي والعار في الدنيا والآخرة، تذكروا أنكم ستتعرضون لفترات عصيبة تشعرون فيها بالجوع ونقص في السلاح والعتاد».
واختتم مقدمته قائلا: «لقد جاوز اليهود حدودهم ظلما وصلفا، ونحن أبناء مصر عقدنا العزم على أن نردهم على أعقابهم وأن نقتلهم وندمرهم كي نغسل عار هزيمة 1967 ونسترد كرامتنا وحريتنا.. اقتلوهم حيث ثقفتموهم واحذروهم أن يخدعوكم فهم قوم خادعون قد يتظاهرون بالتسليم كي يتمكنوا منكم فيقتلونكم بخسة.. اقتلوهم ولا تأخذكم بهم شفقة أو رحمة فإنهم لم يرحموا أبناءنا ولم يدفنوا شهداءنا بل تركوهم في صحراء سيناء تنهش فيها الكلاب والضواري.. اشفوا نفوسكم ونفوس أهل مصر.. يجب أن ندخل المعركة وشعارنا النصر أو الشهادة، فإن كان هذا هو شعاركم فـ(النصر في ركابنا إن شاء الله)».
واحتوى الكتاب على 22 فصلًا وهي: «العقيدة الدينية، العلم أساس القوة والرقي، الحرية والكرامة الإنسانية، تربية النفس، الانضباط الذاتي، الطاعة، القيادة، والتعاون، الإخلاص في العمل، التدريب على السلاح، التربية البدنية، الحذر ودرجة الاستعداد العالية، الأمن والسرية، الإخلاص في الحرب والثبات في الميدان، مقاومة الأعداء في الميدان، دور المرأة في المعركة، عقيدة الجهاد في سبيل الله، الصبر في الجهاد، التحكم في التذبذب العاطفي، النصر أو الشهادة، بشرى النصر على أعدائنا، الخاتمة».
وتحدث الكتاب في فصل «العقيدة الدينية» أن المسلمين في عصر الرسول-عليه الصلاة والسلام- كانوا ينتصرون رغم قلة العدد والعتاد وذلك بسبب العقيدة الإسلامية الراسخة، فحققوا فتوحات امتدت في أقل من 100 عامًا من سيبريا شمالا إلى المحيط الهندي جنوبا، ومن الصين شرقا إلى قلب فرنسا غربًا.
وفي الفصل الثالث «الحرية والكرامة الإنسانية» دعا مؤلف الكتاب جنود الجيش المصري لـ«ترك الخوف، والاتصال بربهم ومراقبته وإخلاص العبادة والطاعة له».
وفي الفصل الرابع «تربية النفس» جاء به: «أراد الله من المؤمنين أن يحققوا في أنفسهم ما يجعلهم أهلا لمواجهة أقسى التحديات للغلبة على الأعداء من التربية العسكرية والإقدام على التضحية والإتقان والجهاد والثبات في مواطن اليأس، والتمسك بمبادئ الفروسية التي لا يذل صاحبها ولا يخزى، وفي الوقت نفسه لا يضل ولا يطغى».
ودعا «الكتاب» الجنود في الفصل الخامس «الانضباط الذاتي» لأداء المهام العسكرية على أكمل وجه نظرا للوازع الديني الذي بداخل المسلم، ويؤدي دوره معتمدا على نفسه لا على الآخرين، وهذا أرقى الانضباط العسكري.
كما دعا الجنود لحسن التصرف في مواجهة المواقف، وذكر أيضا أن من عجيب صنع القرآن الكريم في تربية الضمير الديني للمسلم أنه لم يجعل نتيجة الخوف أمرًا سلبيًا وهو النجاة من العقوبة بل جعل للخوف فوق النجاة والخلاص من العذاب هو الثواب الجزيل والأجر العظيم وقال تعالى (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى).
وتحدث مؤلف الكتاب في الفصل السادس «الطاعة» عن أنها أول دعائم النظام العسكري، وأشار إلى أن «إطاعة الأوامر من أهم شخصيات الجندي المقاتل المسُلم».
ودعا الجنود في الفصل السابع «القيادة» لاحترام القائد وعدم تسميته كالجنود فيما بينهم، وأكد أن مبدأ حب الجند لقائدهم أساس القيادة الصحيحة، وضرب لذلك أدلة من القرآن الكريم والإنجيل.
ونبه الجنود في الفصل الثامن «التعاون ووحدة الصف» من التنازع لأنه يبعد ما بين النفوس ويذهب بروح التناصر فيكون أشد تنكيلا بالأمة والجيش مما يفعله العدو، داعيا الجنود إلى أن الأمة الإسلامية «متكاتفة وتقف في صف وخندق واحد».
وحث جنود الجيش المصري على التدريب وحمل السلاح في الفصل العاشر «التدريب»، وقال: «كان النبي يحث الجنود على التدريب المستمر والتمرس بالحراب، وسمح للصحابة بذلك في المسجد، وبلغ تقدير المسلمين الأوائل للتدريب على القتال حتى في يوم العيد»، ودعاهم لتعلم باقي فنون التدريب غير حمل السلاح كـ«الرماية وركوب الخيل والسباحة»، وذكر أمثلة من عهد النبوة.
«من الأمور البالغة الأهمية الحفاظ على الأسرار وكتمان ما يستفيد منه العدو، فجعل الله تعالى الأسرار أمانة من الأمانات التي على المسلمين أن يحافظوا عليها، وحذر من التعجل بالقول أو المغامرة بالحديث والتدبر قبل الكلام»، كان ملخص ما جاء في الفصل الثالث عشر، مؤكدا أن «من يخالف ذلك لا أمان له».
وحذر الكتاب في الفصل الـ 14 الجنود من الفرار من أرض المعركة، وقال إن «الإسلام عدّه من الكبائر»، وأضاف: «حدد الإسلام حالة التراجع المسموح بها في المعركة والتي تكون بقصد إجراء مناورة بالقوات لمكان أفضل وأنسب لقتال العدو، أو إعادة تجميع القوات مرة أخرى».
وطالب المرأة في الفصل السادس عشر بتشجيع أفراد الأسرة على القتال القائم على العقيدة الراسخة، وتصبر إن استشهدوا بل تفرح على الشرف الذي حظيت به.
وتحدث الكتاب في باقي فصوله عن أهمية الجهاد، وفضله وكرامة الشهيد عن الله تعالى، وقال إن «قتال المسُلم في سبيل الله، ولنصرة الحق وإعزازه وخذلان الباطل ورد كيده، لا لمغنم ولا لطلب جاه، فهو جهاد خالص لله تعالى».
ووصف الكتاب اليهود في الفصل الحادي والعشرين بـ«الأعداء»، وبشر جنود الجيش المصري بـ«النصر عليهم»، وذكر قول الله تعالى: «ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا».
وجاءت الخاتمة كالتالي: «وهكذا نستعيد من قيمنا الروحانية والعقائدية المثل العليا لإعداد الرجال ليكونوا مدافعين عن الحق والعدل، والأسس التي تربى عليها المقاتل المُسلم ليكون مقاتلا لا يُقهر ولا تؤثر فيه أساليب النفسية مهما بلغت من العنف، ولا يُبالي بتفوق العدو عليه عددا وعدة فيدخل المعركة وهو واثق من الفوز والانتصار.. وقدم لنا جنود الإسلام أروع الأمثلة في الفداء والتضحية، وأثبتوا أن الجيش الذي يُحارب عن عقيدة لا يُقهر، لأن كل مقاتل في الجيش لا يُحسب واحدًا بل يُحسب بعشرة، وسر ذلك الدوافع النفسية والعقائدية التي تملأ قلبه وتشكل لديه قوة دافعة ذاتية تقهر كل ما يقف في طريقها طريق الحق والعدل».
للإطلاع على الكتاب كاملًا
عقيدتنا الدينية طريقنا إلى النصر