رسائل الحرب: من الوالد إلى الابن: «نحس بأنك البعيد القريب» (فيديو)

كتب: ندى عمرو الثلاثاء 06-10-2015 14:37

«محمود على قيد الحياة».. كلمات جاءت لتعيد نبض الحياة من جديد لأسرة في قرية بـ«بيلا»، وتبعث بداخلهم الأمل بعد انقطاع أخبار ابنهم منذ بداية حرب أكتوبر.

محمود عرفات قاص ووروائي، تخرج من تجارة القاهرة دفعة ٦٩، وشارك في حرب أكتوبر وهو في الـ٢٣ من عمره، بعد أن رأى الوطنية متمثلة في والده الشاعر والمعلم، كما يحب أن يلقبه.

أسرة محمود كأي أسرة مصرية في ذلك الوقت، على استعداد لأن يهدوا جزءا منهم فداء للوطن أمام خطوط العدو.

وقال محمود: «والدي ووالدتي كانوا عارفين إني مش هرجع حي، بس قالولي إحنا مستعدين نضحي للوطن».

محمود كان ظابط توجيه معنوي تمثل دوره في دعم «الفرقة الـ١٦» في قطاع جنوب الإسماعلية، ونزل أحد زملائه من الوحدة ليطمئن أسرته بأنه لا يزال حيا، ومن هنا بدأت الخطابات من والده تتهافت عليه، وجاءه أول خطاب من والده في ٢٤ أكتوبر، ولكن ثاني خطاب- وهو الأقرب إلى قلبه- جاءه في الرابعة بعد ظهر الاثنين ٢٩ أكتوبر.

«ولدى العزيز محمود أحمد عرفات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فقد ولنا خطابك الآن مع محمد يوسف شقيق حسن وقد كانت مفاجأة سارة للغاية بها تأكدنا أنك حاربت وشاركت في تحرير أرضنا السليبة وهذا وحده فخر لنا ونعتز به ما حيينا ويعتز به أبناؤك وأبناء أخواتك على مدى الأيام، وكيف لا ومن بيتنا بطل ناضل وحارب بعد أن عبر القناة واشترك في تحطيم خط بارليف ومحا الأسطورة الإسرائيلية؟ يا للفخر الذي غمرنا، بالرغم من بعدك عنا ومن وجودك في ميدان قتال وتعرضك للمخاطر والأهوال، ولكن إيماننا بالله وحبنا لوطننا وحقدنا على عدونا يجعل من وجودك هناك سبب مثار فخر لنا وشرفاً لأسرتنا واعتزازا برجولتك وشهامتك وسببا يدعو إلى الاطمئنان وراحة البال، كيف لا ومن بيننا بطل شارك مع أبطال الوطن في تحرير قطعة عزيزة من أرض الوطن.

عزيزى: لك ولجميع الأبطال الذين معك. فأنا أعتبرهم كلهم أبنائى. لك ولهم تقديرى وإعزازى وتحياتى وأشواقى، لقد سعدت ماما بهذا الخطاب وهدأت تماما وأراح فؤادها، بعد أن كانت البلبلة تسيطر عليها من تواتر الأخبار التى تكاد تكون متناقضة عن مكان وجودك. أما الآن فإن خطابك قد حدد الأمور كما يجب ومن هنا كانت الراحة التي أحست بها ماما واطمأن خاطرها وهدأت نفسها.

إذا كنت وأنت في ميدان القتال تحس بابتهالاتى وابتهالاتها فإننا- وإيماننا بالله عميق- كنا نحس بأنك البعيد القريب.

كانت قلوبنا مطمئنة إلى أن الله لا يضيع أجر العاملين ولا يخيب رجاء الصادقين.

قلوبنا معك بل حولك ترعاك، وتحدوك في غدواتك وروحاتك تماما كما تحرسك وترعاك عناية الله.

أنا وماما كما تعلم لا نكف عن الدعاء إلى الله جل وعلا أن يرعاك ضمن من يرعاهم من جنوده وأن يحرسك مع من يحرسهم من عباده والله سبحانه وتعالى يتولاك بعنايته ورعايته ويسدد على طريق النصر خطاك.

إخوتك وأخواتك جميعا يسلمون عليك ويدعون لك بطول العمر وحسن البلاء.

عزيزى: لقد علمت إذن ما تركته رسالتك في نفوسنا وفى وجد الأسرة، فأرجو ألا تبخل بمثلها، كما أتيحت لك فرصة لنكون على صلة دائمة ولتطمئن القلوب.. أسأل الله لك السلامة وصدق العمل والتوفيق وأن يرعاك ويهديك سواء السبيل، وعليك وعلى من معك التحية والسلام..

والدك أحمد محمد عرفات»

وجلس محمود في ذكرى أكتوبر على كرسيه يستعيد ذكريات خطاب والده الملىء بعبارات الفخر والوطنية والاعتزاز بالانتصار الجميل، الذي لم يقل أثره في نفسه حتى الآن، خاصة إحساس أسرته بأنه بطل ولد من جديد بعد الحرب.

وقال محمود: «الحرب هي أهم تجربة عشتها في حياتي وهي اللي شكلت وجداني والسبب إني أتحول إلى كاتب عشان أقول إحساسي بالحرب للناس بكلماتي».

محمود عرفات

رسالة والد محمود عرفات

رسالة والد محمود عرفات