الصفقة المشبوهة لبيع الدورى

أسامة خليل السبت 03-10-2015 21:47

لم أطق صبراً لأنتظر حتى يأتى يوم الخميس؛ موعد مقالتى الأسبوعية، للتعليق على المشهد المريب للمؤتمر الصحفى الذى عقد لإعلان بيع بث مباريات الدورى المصرى لشركة بروموميديا والتى ستعرضه حصرياً على قناتى الحياة وten.

فمن السذاجة أن يمر هذا المشهد مرور الكرام أو ننظر له باعتباره اتفاقا تجاريا بين شركتين: الأولى بريزينتشين مالكة الحقوق، والثانية بروموميديا صاحبة الحقوق الإعلانية على القناتين، خاصة أن المشهد كما رأيته اختلطت فيه السياسة والرياضة والمال والصحافة والتليفزيون، وهى تركيبة أراها غير واضحة ومريبة وتشير على ما أظن (وليس كل الظن إثم) إلى أن هناك من يسعى لفرض سيطرته على المنتج الرياضى الكروى لاستخدامه فى الوقت المناسب لخدمة مصالحه أو التغطية على أزماته المالية أو تصفية حساباته، وهذا يذكرنى بالاحتكار الذى كانت تفرضه وكالة الأهرام على الرياضة قبل ثورة ٢٥ يناير، ووقتها كانت الوكالة تتحكم فى الأندية والاتحادات الرياضية وتحركها مثل عرائس الماريونيت، فتضع على رأسها من يخدم مصالحها وتشهر بمن يختلف معها؛ فالوكالة هى التى تختار رئيس اتحاد الكرة وتحمى رئيس الأهلى وتبخس الأرض بحقوق الزمالك.

فالخطر الذى يقلقنى ليس عرض المباريات حصرياً على قناة أو اثنتين فهذا ليس عيباً أو خطئاً كما تريد أن تصوره بعض القنوات المضارة من هذا الاتفاق طالما يتم عرضها على التليفزيون الوطنى أرضياً، ولكن الخطر هو هذه التركيبة الغريبة وهؤلاء الأشخاص المريبون الذين أبرموا هذا الاتفاق، وفيه ظهر خلط بين الإعلان والإعلام والرياضة، بدعم من بعض الصحافة والصحفيين، وحتى أفسر ما أقصده تعالوا نفك خيوط هذه الشبكة العنكبوتية التى بدأت تنسج خيوطها حول الرياضة بدعوى أنها جاءت لتطوير المنتج الكروى ورفع عوائد البث وإمتاع الجماهير، وهى عناوين ضخمة تخفى بين سطور متنها أهدافا أخرى غير معلنة.

أولاً: شركة بريزينتشن التى قفزت علينا فى الموسم الماضى وصاحبها محمد كامل استطاعت أن تشترى حقوق بث مباريات الدورى من أغلب الأندية، أثبتت فى هذه الصفقة أنها اشترت الدورى بملاليم، وهذا ما كتبته فى هذا المكان قبل عام عندما قلت إن السعر العادل للدورى المصرى لا يقل عن ٢٠٠ مليون جنيه، وإن غباء الأندية فى تشتتها وبيعها للحقوق منفردة، وتعالوا نحسبها كى يعلم مسؤولو هذه الأندية الفخ الذى وقعوا فيه والأموال التى أهدروها بفرقتهم ومعاركهم. فالشركة الوافدة (التى نفى الصديق هانى أبوريدة علاقته بها أو مشاركته فيها) اشترت حتى الآن حقوق بث مباريات ١٤ ناديا بالدورى الممتاز الموسم القادم، ودفعت للأهلى ٤٠ مليون جنيه وللزمالك ما يقرب من ٢٠ مليون جنيه، بينما متوسط ما دفعته لحقوق بث مباريات باقى الأندية ٤ ملايين جنيه لكل نادٍ، أى أنها دفعت لـ١٢ ناديا ٤٨ مليون جنيه، ليكون إجمالى ما اشترت به جميع الحقوق ما يقرب من ١٠٨ملايين جنيه، فإذا علمنا أنها باعت هذه الحقوق لشركة بروموميديا بـ٢١٥ مليون جنيه لتربح ما يزيد عن ١٠٠ مليون جنيه، وهو ربح لا تحققه تجارة الممنوعات، وعن نفسى لا أفهم كيف لشركة وسيطة أو سمسار أن يكسب ضعف ما يحصل عليه صاحب المنتج وهو الأندية التى تنفق على الصناعة أضعاف المبلغ البخس الذى باعت به لشركة بريزنتيشن.

ثانياً: نأتى لشركة بروموميديا وهى شركة لمن لا يعلم متعثرة مالياً بشكل مرعب وباتت لا تلتزم بأغلب عقودها مع الصحف والقنوات التى يعانى العاملون فيها الأمرّين بسبب تأخر رواتبهم، وظهورها فى هذا المشهد الرياضى أفهمه على أنه غسيل لسمعتها التى اهتزت بشكل مخيف منذ تولى إيهاب طلعت لرئاستها، وهذا الرجل لغز آخر. فبعد أن ظل لسنوات هارباً فى لندن من ديونه والقضايا والأحكام التى تطارده بسبب إصداره شيكات بدون رصيد، عاد ليسوى بعض ديونه بغطاء من شركة بروموميديا ويستخدمها فى الانتقام من خصومه وإبرام تعاقدات ضخمة وغير واقعية أفسدت سوق الإعلانات وأضرت بقنوات فضائية وشردت عاملين بهذه القنوات.

وما أخشاه أن ظهوره فى الرياضة حلقة فى مسلسله الانتقامى الذى ترعاه الشركة الإعلانية؛ حيث سبق وعُيِّن فى مجلس إدارة اتحاد الكرة إبان عهد سمير زاهر، ومازالت فى نفسه غصة من بعض الأشخاص الذين رفضوا وجوده وأسلوبه الملتوى فى السيطرة على إدارة اللعبة، أما الآن وبعد أن اشترى حقوق بث المباريات ووضعها حصرياً على قناتين فإننى لا أستبعد أن يتم استخدام برامجهم الرياضية والتحليلية فى تشويه من يغضب عليه وتلميع من يرضى عنه، وسيكون قادراً على تغيير مجالس إدارات أو التحيز لصالح مجالس أو أشخاص آخرين، بل يمكن أن يهز استقرار نادٍ على حساب نادٍ آخر، وحتى أقرب لكم الصورة، ما حدث فى الموسم الماضى عندما استخدمت شركة بريزينتشن قناتى النيل للرياضة و«mbc» لزعزعة استقرار فريق الأهلى والتشهير بجهازه الفنى وإدارته لرفضها بيع حقوق البث للشركة، وهذا هو الخطر الذى أراه سيهدد كل الأندية واتحاد الكرة من هذا العقد المريب، فالموضوع أكبر من بيع حقوق تجارية أو إذاعة حصرية على بعض القنوات.

أما عن الشق السياسى فى هذا الاتفاق فمرجعه إلى مبدأ أساسى، أخشى أن يكون غائباً أو يتم تغييبه، وهو خطورة الخلط بين الرياضة والسياسة.

النقطة الأخيرة التى تصبّ فى دعم مخاوفى تجاه خطورة هذا التحالف المريب بين بريزينتشن وبروموميديا هى دخولهما لشراء قناة النادى الأهلى، وهى القناة الأكثر مشاهدة رياضياً، والخطورة تكمن فى أمرين: الأول شرائها بسعر بخس فى ظل احتكارهما لحقوق بث المباريات، والثانى ضرب الحقوق الإعلانية للشركة التى اشترت حقوق رعاية النادى الأهلى.

■ ■ ■

حتى الآن لا أفهم لماذا وافق ناديا الأهلى والزمالك على لعب مباراة السوبر فى الإمارات؟ وما هى المميزات المالية الضخمة التى أغرتهما بالخروج من مصر؟ وهل الحالة الأمنية عندنا باتت متردية إلى هذه الدرجة؟ فالتوقيت مهين للأمن المصرى فى ظل عدم قدرتنا على عودة الجماهير للمدرجات؟

والسؤال الآن الأهلى عندما يلعب أى مباراة خارجية يحصل على 200 ألف دولار فهل سيخرق اللائحة ويذهب للعب ببلاش خارج أرضه؟ وماذا تقاضى الزمالك هو الآخر كى يخرق لائحته؟.

وبالمناسبة ما هى قصة «كشوف البركة» التى أعدتها شركة بريزينتشن للصحفيين والإعلاميين والمذيعين والمعدين والنجوم السابقين للسفر إلى الإمارات؟

هو فيه إيه؟.. وإيه اللى بيحصل فيك يا بلد!