زميلنا الأستاذ رجب رجلال، كتب خبراً على الصفحة الثالثة من «المصرى اليوم»، صباح أمس، أظن أنه كان أهم خبر فى الجريدة، ويكاد يكون الأهم والأخطر فى الجرائد الصادرة صباح الجمعة كلها.
وقد ترددت من جانبى فى التعرض لمحتوى الخبر، لا لشىء إلا لأنى فى مرات سابقة، كنت أتعرض لأخبار منشورة، فأكتشف فى بعض الأحيان أنها غير صحيحة!
ولكن الشىء الذى بدّد ترددى، هذه المرة، أن زميلنا وهو ينقل لنا، أن المهندس شريف إسماعيل، أصدر قراراً ينص على كذا، قد ذكر رقم القرار، ثم ذكر أنه قد جرى نشره فى الجريدة الرسمية، أى أنه كقرار، قد صار معمولاً به وانتهى الأمر.
وقد يسألنى واحد من قراء هذه السطور: إذا كان قد صار معمولاً به وانتهى الأمر، فما الفائدة إذن من تناوله؟!
وأقول إنه لا فائدة فعلاً، ولكنى فقط أريدكم من مضمون الخبر أن تعرفوا إلى أين بالضبط نسير!
الخبر يقول إن المهندس إسماعيل قد قرر استثناء سبع هيئات تتبع الشرطة والجيش، من رد فوائضها المالية، إلى الخزانة العامة للدولة!
وأريد أن أستدرك هنا، لأقول بوضوح إنى مستعد لأن أكتب فى هذا المكان داعياً كل مواطن محب لبلده إلى أن يأخذ من جيبه ومن قوت أولاده، ليعطى ويدعم الشرطة والجيش، لأنهما معاً يقومان هذه الأيام، وفى كل الأيام، بمهمة مقدسة، لا يستطيع أحد أن يناقش فى إخلاصها، ولا فى وطنيتها الصادقة.
غير أن هذا كله شىء، وأن يخرج علينا قرار من نوع ما خرج عن رئيس حكومتنا الجديد شىء آخر تماماً، لسبب بسيط جداً، ومهم جداً، هو أن رئيس الحكومة لم يذكر شيئاً عن مبرر قراره الخطير!
إننى أقرأ الخبر، بمحتواه شديد الخطورة، ثم أقارن بينه وبين قرار كان قد صدر من ملك البحرين، حمد بن عيسى، قبل أيام، بتشكيل حكومة موازية صغيرة، من عشرة وزراء، للنظر فى كيفية تدبير موازنة الدولة، وتوجيه كل قرش فيها إلى مكانه الصحيح، بعد تراجع إيراد البترول، فأتساءل، كما تساءلت بالأمس فى هذا المكان، عما إذا كانت هناك صلة.. أى صلة.. بيننا وبين العالم من حولنا؟!
وما أقلقنى أكثر أن الخبر يقول إن القرار صدر بناءً على عرض من وزير المالية، ولذلك أسأل الوزير الشجاع هانى قدرى، وأرجوه أن يكون أميناً معنا ومع بلده فى الإجابة: بأى مبرر عرضت أنت يا سيادة الوزير مثل هذا القرار، على رئيس الوزراء؟!
ثم إن ما يقلق ألف مرة أن «الرسالة» التى سوف تصل 90 مليون مصرى، من وراء مثل هذا القرار، أن الجهات المختلفة فى الدولة ليست سواء أمام القانون، وأن القانون يقف عاجزاً ومكبلاً أمام بعضها.. وهى «رسالة» غاية فى السوء من حيث عواقبها فى نفوس الناس، خصوصاً أنها ليست أول مرة!.. فاللهم إنى قد بلغت!