قال المنتج والكاتب فاروق صبرى رئيس غرفة صناعة السينما، إن موسم عيد الأضحى السينمائى هو «بؤس» على السينما المصرية، بدليل عرض 4 أفلام فقط خلال موسم يعد مهما بالنسبة لصناع السينما، موضحا أن السبب فى عزوف المنتجين عن إنتاج أعمال جديدة هو إهمال الدولة فى حمايتهم من السرقة والقرصنة.
واتهم «صبرى» فى حواره لـ«المصرى اليوم» القمر المصرى النايل سات ووزير الاستثمار بالمشاركة فى تدمير صناعة السينما، بعدم اتخاذهم مواقف ضد قنوات القرصنة التى تبث أفلامنا عبر القمر الفرنسى يوتيلسات.. وإلى نص الحوار:
■ ما رأيك فى إيرادات موسم عيد الأضحى السينمائى هذا العام؟
- هذا الموسم بالنسبة للأفلام «بؤس»، فطرح 4 أفلام فقط فى هذا الموسم وهو بالمناسبة موسم عيد ويعتبر من المواسم الهامة بالنسبة للمنتجين والموزعين، وتفاجأ بأن مجموع ما قدمته الصناعة 3 أعمال فقط أو 4 فهذه كارثة بكل المقاييس، وليست بشرة خير أبدًا، فالسينما لم تحدث لها عملية إفاقة نهائيًا، والكل يعرف أننا عرضنا الشكاوى على كل الناس وتحدثنا وكتبنا، عن سرقة الأفلام من ثانى يوم لعرضها، وتجدها معروضة على القنوات «الشمال» وحتى الآن لا نعرف سر هذا الاتفاق وأسراره مع شركة النايل سات، فمن الطبيعى أن كل بيت فى مصر لديه قنوات النايل سات، فلماذا ستنزل إذن إلى السينما لتشاهد أفلامًا ستأتى لك خلال ساعات وأنت جالس فى بيتك، ومن الطبيعى أن نسبة الإقبال تنخفض، وسيتبقى «شوية أطفال وعيال» الذين حصلوا على العيدية هم من يدخلون السينما خلال يومى العيد.
■ هل تتهم النايل سات بالمشاركة فى سرقة الأفلام وتدمير صناعة السينما؟
- أقمت دعوى قضائية ضد شركة النايل سات واختصمت فيها وزير الاستثمار ورئيس الوزراء وجوبياً، حتى يتم إعلانه، بالإهمال الكبير، فأنا لو أحسست بأن هناك مجرمين يتعمدون محو صناعة السينما من مصر لن يفعلوا أكثر مما يعمل هؤلاء، وبأمانة شديدة جدًا نحن مع الأسف الشديد تجاهلنا المسؤولين لهذه الأزمة وإهمالهم لها يؤدى إلى قتل الصناعة، فلو أخذت القضية اهتماما لمدة أسبوع واحد فقط من المسؤولين لن تكون هناك مشكلة فى السينما، فنحن ثانى دولة فى العالم عرفت صناعة السينما وتسيدنا فيها المنطقة، والآن لا نذكر ذلك نهائيًا، لأنها أصبحت فى مرحلة الإنعاش استعدادا لإعلان وفاتها.
■ وما السبب وراء وصول الوضع السينمائى فى مصر إلى هذه الكارثة؟
- السبب الحقيقى هو أن قمر النايل سات منذ خمس سنوات كان فى احتياج لمساحة ليبث عليه بعض القنوات المصرية المحترمة التى تسلك المسار القانونى، ولا توجد مساحات خالية، فوجدوا أن هناك قمرا خاليا اسمه يوتيل سات يسير فى نفس الحيز المدارى للقمر المصرى نايل سات وهو خالٍ لا توجد عليه أى قنوات، فحدث اتفاق مع شركة النايل سات المصرية مع الشركة المالكة للقمر الفرنسى يوتيل سات ليدور بمحاذاة القمر المصرى، وهى مسألة ممنوع اللجوء إليها إلا بالاتفاق، لأن هناك لوائح وقوانين دولية تحكم عمل الأقمار الصناعة وتقضى بعدم التعارض، فكان نزول اليوتيل سات مع النايل سات تم بعقد رسمى معلن بين الطرفين دوليًا، وعندما اتفقا هل أوجدوا شرطا فى العقد بأن هذا القمر الفرنسى لا يبث أى مواد مخالفة وغير قانونية للمصريين؟ وهل هناك حقوق لهذا البث أم لا؟ كلها أسئلة تدور فى رأسنا كمنتجين وموزعين نبحث لها عن إجابات وحتى الآن شركة النايل سات المصرية تتهرب منا ولا يريدون أن يطلعونا على التعاقد مع هذا القمر الفرنسى، فلو لم يتخذوا شرطا لحمايتنا من هذا القمر فأعتبر هذا «تخلف عقلى» منهم، أو قد يكون هناك هدف سرى آخر غير معلن، فالنتيجة بعد تأجير الحيز من فرنسا تركوا الباقى «فاضى»، فمساحات النايل سات يتم تأجيرها لأصحاب الضمائر السوداء واللصوص، واستغلوا الأردن والبحرين للبث منهما.
■ هل اتخذت الغرفة خطوات لمنع ذلك أو لمعرفة حقيقة العقد بين النايل سات والشركة الفرنسية؟
- تكلمت مع رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوى، وكان الرجل يقعد معنا وبعدها ينسى نفسه بعد خروجه من اجتماعنا، فبعد جلستنا معه أصدر قرارا بتشكيل لجنة مهمة جدًا مكونة من أربعة وزراء بالإضافة إلى غرفة صناعة السينما، فأحسست فى هذا الوقت بحزن شديد بأنى أصدرت انطباعا عن «الببلاوى» بأنه لن يفعل شيئا، وبعد شهر واثنين ومرور شهور لم تتحرك اللجنة أو رئيس الوزراء، وعادت شكوكى لمحلها فى حازم الببلاوى، وبعد فترة كبيرة قابلت وزير الصناعة والتجارة السابق منير فخرى عبدالنور، وتحدثت معه وأخبرته أننى سأعقد مؤتمرا صحفيا لفضح ما قامت به رئاسة الوزراء، فقال لى: أوقف كل ذلك وفى اجتماع رئاسة الوزراء سأطرح الموضوع مرة أخرى، وبعدها كلمنى هاتفيًا وأخبرنى أن رئيس الوزراء اندهش لأنه نسى المشكلة، وبعد ذلك حدد اجتماعا برئاسة زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، وهذا الرجل قدم استقالته مرتين، وكان يريد ترك الحكومة وظهر فى الاجتماع معنا دون أن يبدى أى اهتمام، فمرة نجده نائما ومرة تعبان ومرة بيفكر فى مشكلة ثانية، وبعد ذلك تولى رئاسة الوزراء إبراهيم محلب، وهو رجل يوزن بالذهب، فى أول اجتماع حكيت له ما حدث، فأخذها من وجهة نظر أخرى وهى أنه قام بإرسال خطاب رسمى لرئيسى وزراء البحرين والأردن لغلق بث هذه القنوات من هناك، وبالفعل تم إغلاق الشركتين صاحبتا هذه القنوات، لكن ليس هذا هو المطلوب فالأهم من غلقهما هو إغلاق قنواتهما من النايل سات، فقررت بعدها إقامة دعوى على النايل سات لكى يجبر شركة اليوتيل سات على التوقف عن سرقتنا، وطالبنا بتعويض مليار دولار من هذا القمر الفرنسى نتيجة سرقة أعمالنا الفنية طوال خمسة أعوام، وسرقة 4 آلاف فيلم من تراث السينما المصرية، فعندما عرفوا أننا نائمون فى العسل أصبحوا يسرقون أفلامنا الجديدة من ثانى يوم لعرضها فى السينما، فسبّب ذلك انخفاضا فى الإيرادات وصلت لنحو 70%، من الإيرادات الداخلية، بالإضافة إلى أن نصف الدول العربية تعيش حالة من الحروب والمنازعات.
■ وماذا بعد غلق الشركتين فى البحرين والأردن؟
- ذهبتا إلى قبرص وفتحتا مقرات جديدة لهما هناك، لأن تأجير التردد على النايل سات من يوتيل سات بـ20 ألف دولار فى الشهر، «يابلاش»، من قيمة البث المجانى لأعمالنا، ولكن بعد انتقالهم لقبرص طلبوا من الشركة الفرنسية تخفيض مبلغ التأجير الشهرى، فنزل المبلغ من 20 ألف دولار إلى 10 آلاف دولار تشجيعا لـ«الحرامية».
■ هل كل هذه المشاكل أدت إلى توقف المنتجين عن الإنتاج؟
- المنتجون المحترمون الذين ينفقون بكثرة على الأعمال الفنية توقفوا لعدم مقدرتهم على الإنتاج فى هذا الجو، لكنى سأذكر موقفا قريبا، وهو أن أمريكا عند سرقة 4 أفلام منها حصلت على تعويض 16 مليون دولار كتعويض عن القرصنة، أما نحن فتمت سرقة أكثر من 4000 فيلم ومازلنا نقف فى مقاعد المتفرجين، الصناعة تنحدر والمنتجون عزفوا عن الإنتاج لعدم وجود حماية لهم من الدولة، فكل منتج يقرر عدم صرف سوى مليون جنيه أو مليونى على إنتاجهم وطبعا هذه الأموال لا تقدم أعمالا سينمائية نهائيًا، فبعد مرور الوقت ستموت السينما، ولذلك قدمت طلبا كتابيا إلى مجلس الوزراء أناشدهم فيه إقامة دعوى على الشركة الفرنسية والحصول على تعويض المليار دولار ونحن كسينمائيين لا نريد منها أى جنيه، وسنتبرع بها للدولة شرط حمايتنا من السرقة والقرصنة، حتى يضمن هؤلاء المنتجون جمع أموالهم ولا نريد مكسبا إنما نريد استعادة الأموال التى صرفت على الفيلم حتى تستمر الصناعة، ووعدنى رئيس الوزراء إبراهيم محلب بحل المشكلة لكنه ترك منصبه وعدنا من جديد إلى النقطة صفر.
■ وماذا عن الرئيس السيسى؟
- أقسم بالله لو الرئيس السيسى علم بما يجرى فى الفن المصرى، سيحل المشكلة فى نصف ساعة ولن يسكت على ما يحدث لنا، لأن صناعة السينما تحارب من كل اتجاه لإغلاقها نهائيًا، فأنا حاولت توصيل الأزمة للرئيس ووصلت لمسشارة الرئيس للامن القومى، لكن نتيجة تزاحم الأحداث أعتقد أنها انشغلت، فكل ما نريده هو إظهار عقد الشركة الفرنسية مع النايل سات وتحرك سفارتنا فى فرنسا، وأنا مستعد للسفر فى أى وقت، لمقابلة المسؤولين بالشركة الفرنسية التى تدير يوتيل سات، لكن وزارة الخارجية وسفارتنا هناك ليس لديهما أى علم أو تعليمات بما يجرى.
■ وما هو الموقف بعد التغيير الوزارى وقدوم حلمى النمنم وزيرا للثقافة؟
- أتمنى أن يتعاون معنا الوزير الجديد، فأولا الدكتور عبدالواحد النبوى الوزير السابق بدأ فى التجاوب معنا وأحس بخطورة المشكلة وانفعل نتيجة هذا الكارثة التى تحل بالصناعة، خاصة أن هناك آلافا من العاملين معرضين للتشرد نتيجة ما تعانيه صناعتهم وعندما تفهّم القضية وبدأ فى إجراءات جدية نحو حل المشكلة تم تغييره، فأتمنى أن يتفهم الوزير الجديد الموقف، لكنى أتساءل بشكل واضح هل هم كارهون للسينما ويريدون إغلاقها؟ أنا معهم بأن هناك أعمالا لا تليق بالسينما المصرية، لكن هذا الأمر فى يد الرقابة هى من تعطى التصاريح وتجيز العرض، لكن كل هذا ليس له علاقة بما يحدث للسينما ككل.
■ وماذا عن آخر المستجدات فى اجتماعات زيادة النسخ الأجنبية؟
- أنا ضد زيادة النسخ الأجنبية، لكنى فى نفس الوقت مع أصحاب دور العرض، فأنا بين نارين، فالسينما المصرية «ميتة» بدليل نزول 4 أفلام فى موسم مهم، وهذا يدل على صناعة فى الرمق الأخير، فلو تمسكنا بالقانون سنجد أن الدولة منذ زمن أعطت الحق فى استيراد 300 فيلم أجنبى فى السنة، ومن كل فيلم يحق لنا أن نشترى منه 10 نسخ، يكون المجموع 3 آلاف نسخة سنويًا، والسينما ثقافة، وعلينا أن نشاهد ثقافات الدول الأخرى، ولا نركز فيها على ثقافة أمريكا فقط، وكل الموجودين من أصحاب دور العرض يريدون أفلاما أمريكية، ولا يريدون أن يتجهوا لأى سينما أخرى، فأنا أتذكر أيام الرئيس عبدالناصر رحمه الله، عندما طالب باجتذاب أفلام وثقافات أخرى غير الأمريكية، فتواجدت لدينا الأفلام الإيطالية والفرنسية، فهذا هو دور الثقافات والتى تنقلها السينما، لكن أن نركز على الأفلام الأمريكية فقط، وتريد أن تستورد 50 نسخة منها، فستكون السبب فى نشر ثقافة أمريكا فقط، وأمام إبهار أعمالهم لا يمكن أن تقاومها أى سينما أخرى حتى المصرية، لذلك فصناعة السينما المصرية سيحكم عليها بالإعدام بسبب زيادة نسخ السينما الأمريكية وستكون بمثابة المشنقة التى سنعلق فيها صناعتنا، فنحن لدينا الحق فى استيراد 3 آلاف نسخة ولكن الطلب ليس على زيادة النسخ فالكارثة أن الطلب على فتح الاستيراد وعدم التقيد بعدد معين من النسخ، فأنا لست ضد السينما الأمريكية، لكنى مع التوسع فى نشر ثقافات مختلفة، ومن الممكن عند تعاونا مع هذه الثقافات المختلفة مثل الهند وهونج كونج والفرنسية والإيطالية أن نحصل على فرصة لنفتح سوقا للسينما المصرية بهذه الدول.
■ هناك تخبط كبير فى إيرادات الأفلام ما بين الغرفة والمنتجين ما السبب؟
- فى الغالب أرقام الإيرادات التى تخرج من المنتجين أو دور العرض غير صحيحة وتتم مضاعفتها 5 مرات عن نسبتها الحقيقية، لأن المنتجين يفعلون ذلك كنوع من الدعاية لأفلامهم، أما الإيرادات الصحيحة فهى التى تورد إلى ضريبة الملاهى صباح كل يوم من دور العرض، وبخلاف ذلك فأى إعلان عن إيرادات غير صحيح وكاذب.