رغم قسوة هزيمة الزمالك فى تونس، التى أقل ما توصف به أنها مذلة ومهينة وفضائحية، ولا تليق باسم وتاريخ هذا النادى الكبير وإنجازاته المحلية هذا الموسم.. ورغم عبثية هزيمة الأهلى الخفيفة فى جنوب أفريقيا، والتى جاءت لتزيد قتامة الصورة على موسم محلى محبط، وترفع مستويات القلق على مستقبل كروى غير واضح المعالم الفنية والإدارية، فإننى من أنصار الحفاظ على وحدة الفريقين ومساندتهما بقوة، حتى تنتهى الجولة الثانية من الدور قبل النهائى لبطولة الكونفيدرالية، فالبطل والمقاتل يظل متمسكا بإرادة النصر حتى النَفَس الأخير، فإن لم يدركه، فيكفيه شرف المثابرة والبقاء فى المنافسة حتى صافرة النهاية.
من هنا لن تستدرجنى هذه النتائج، بصرف النظر عن قسوتها أو خفتها، فى أى تحليل مهما كانت موضوعيته أو حياديته أو وجاهته، للوصول إلى نتائج قد تحبط أو تفتح جراحا، ليس لدينا رفاهية الوقت لتضميدها أو علاجها أو حتى بتر الأعضاء الفاسدة المسببة لها، فالمسكنات هى الحل السريع لإيقاف آلام الهزيمة فى تونس وجنوب أفريقيا، والتمسك بالأمل والتشبث بإرادة الفوز هما أفضل مسكن لحالتى الزمالك والأهلى، وليس بعيد المنال بإذن الله أن نجدهما فى نهائى البطولة.
لذلك ستأتى مقالتى هذا الأسبوع كرسائل سريعة وملخصة ومخلصة، ويشهد الله أنها خالصة من الغرض والهوى.
إدارة الأهلى:
لو تذكرون، فإن الشعب المصرى خرج إلى ميدان التحرير فى ٢٥ يناير مطالباً بإعادة انتخابات مجلس الشعب المزورة، لكن لم يستجب «مبارك»، وظن أنها «لعب عيال»، فرفعت الجماهير السقف، وطالبت بإقالة وزير الداخلية وتطهير الوزارة، لكنه لم يستجب، فرفعت السقف مرة أخرى، مطالبة برحيل «مبارك» نفسه وكل نظامه، وعندما أدرك متأخراً أنه فى أزمة حقيقية، وأن الشعب يعصاه، وبدأ يستجيب لمطالب المتظاهرين ويغير الوزارة وقيادات الحزب الوطنى الحاكم، كان الوقت قد فات، لتدفع مصر من عمرها وشبابها وأمنها وسلامها سنوات من الموت والضياع والتشرذم والإرهاب بسبب تأخر القرار.
ما أقصده هو أنه ليس مهماً أن تتخذ القرار السليم، لكن المهم أن تتخذه فى الوقت المناسب، فتوقيت اتخاذ القرار لا يقل أهمية عن القرار ذاته. وكما يقولون «الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك».. مش كده ولا إيه؟
جماهير الأهلى:
قوة الأهلى الحقيقية تأتى من قوة إرادتكم فى مساندته وتشجيعه وتوفير الحماية له، فى ظل مناخ موجه من خارج النادى وداخله يقاوم عودة تفوق الأحمر وتميزه وتدمير حبال الثقة بين الجماهير والكيان الأحمر، وأغراضه وأشخاصه معروفون، ويظهرون ليل نهار ليثيروا الفوضى ويختلقون المعارك الوهمية والاشتباكات اللفظية ويتعمدون إهانة الأهلى، لكسر أنفه واعتزازه بنفسه واحترامه لتاريخه، وهى حيلة قديمة ومعروفة، فمن لا تقدر على الصعود إليه فلتقذفه بالطوب، فربما يسقط إليك، فالترفع والسمو وعدم الانسياق وراء المهاترات والتجاهل هو العلاج الشافى لهذه الظواهر، لذا شجعوا فريقكم وزيدوا كيد الآخر بالتفنن فى تشجيعه، وكما قال الشاعر: «اصبر على كيد الحسود/ فإن صبرك قاتله. فالنار تأكل بعضها/ إن لم تجد ما تأكله».
ومن نفس المنطلق لم يكن هناك معنى أو داع لاشتباك بعض الجماهير بالهتاف ضد الإسماعيلى، فالأهلى كبير ببطولاته وألقابه، وتصديه للمعارك الصغيرة ينال منه أكثر مما ينال من الآخر.. مش كده ولا إيه؟
إدارة الزمالك:
النضج فى التعامل مع خسارة الفريق الكارثية أمام النجم الساحلى التونسى بخمسة أهداف يشير إلى أنها تسير فى طريق الحفاظ على البطولات، فالأندية الكبيرة وفرق البطولات قوتها فى قدرتها على امتصاص مثل هذه الهزات العنيفة، وكما قال أحمد منصور، عضو مجلس إدارة الزمالك، والمرافق للبعثة فى تونس، إن المباراة لم تنته، والزمالك خسر الشوط الأول وهناك شوط ثان فى القاهرة، وهو كلام موزون يحتاج إلى أفعال أكثر اتزاناً بإيقاف كل التصريحات، أما تصريح هانى زادة بأن الفريق لعب فى أجواء إرهابية فى تونس، أو أن الحَكَم لم يحتسب ضربة جزاء، فهى مبررات لا تنفى أن الأهداف الخمسة التى أحرزها النجم كانت ملعوبة ومستحقة، ولم تشُبها شائبة، هذه المبررات تعطى للاعبين والجهاز الفنى باباً للهروب من مسؤوليتهم وتدفعهم للتراخى.. مش كده ولا إيه؟
جماهير الزمالك:
من حقكم أن تغضبوا من أى شخص أو مسؤول أو إدارة، لكن من حق ناديكم عليكم أن تكظموا غيظكم، وأن تتوحدوا خلف فريقكم، فالزمالك مثل الأهلى كيان كبير، وأكبر من الأشخاص والإدارات، وقد عوض الله صبركم عشر سنوات ببطولتين محليتين، فلا تنسوا أن القدر كان رحيماً بكم وبرأكم من تحمل مسؤولية فضيحة سوسة، فلو أن المجموعة التى سافرت خلف فريقها وألقى الأمن التونسى القبض عليها (وهو عمل مدان شكلاً وموضوعاً.. إنسانياً ورياضياً) قد حضرت المباراة لكان مسؤولو الزمالك قد حمّلوهم المسؤولية واتهموهم بتشتيت تركيز اللاعبين، والتهمة دائماً جاهزة للجماهير، فهم إما إخوان أو إرهابيون أو معادون للجيش، وبمناسبة المعاداة للجيش، فإن اللعب فى هذه المنطقة خطر، وفيه لىّ لعنق الحقيقة، وجماهير الكرة استوعبت الدرس الآن، ولا تشجع إلا الكرة.
الإعلام الرياضى:
صحيح أن هناك قطاعا كبيرا منه بات لا يفضل الأهلى لأسباب كثيرة، منها كسر احتكاره للبطولات وسيادته للرياضة محلياً، ولأن الإدارة الجديدة لا تأتى على هواه، متحجرة فى التعامل معه.. لكن لا يعنى هذا أن نذبح الموضوعية واحترام القارئ، ففى الوقت الذى انهالت فيه الأقلام والآراء تهاجم جهازى الأهلى الفنى والإدارى وتطالب برحيلهما بعد خسارته من فريق أورلاندو بهدف واحد فقط، وتتهم الإدارة بالتراخى فى الاستجابة لطلبها، وهذا حقها، لكن ما يدفعنى للحيرة أنها لم تفعل الشىء نفسه مع جهاز الزمالك وإدارته الفنية والإدارية، فهو الذى تكبد نتيجة كارثية بخسارته بخماسية، ولم أسمع أحدا من العناتيل يتجرأ ويطلب من إدارة الزمالك هذا الطلب، لمجرد أن مسؤولى الزمالك أعطوا الإشارة باستمرار الجهاز، فصمت الإعلام عن رأيه الحر الطليق، الذى لا يستعمله سوى مع الأهلى. فهم أحرار أشاوس عندما ينتقدون الأهلى، مقهورون وهم يتحدثون عن الزمالك.
طالب الكثير من الإعلاميين والنقاد بعودة فتحى مبروك، وقسوا بنقدهم على الإدارة لاستبعاده فى بداية الموسم والتعاقد مع جاريدو، وعندما كان لهم ما أرادوا أشادوا وهللوا واستقبلوه بالزغاريد، الآن وبعد تدهور المستوى الفنى واهتزاز النتائج وخسارة الكأس، وجدت أغلبهم يلطم ويولول لتمسك لجنة الكرة باستمراره. مش كده ولا إيه؟
علاء عبدالصادق:
صرح بأن من يطالبون بإقالته من الأهلى مغرضون، وعن نفسى سأكون سعيداً إذا حسبنى من هؤلاء المغرضين، لكننى أرجو منه قبل أن يصنف الناس والنقاد ويقسمهم إلى مغرضين ومحبين وكارهين، أن يقف أمام المرآة ويصارح نفسه، ويجيب عن هذه الأسئلة إذا كان يحب الأهلى (وهو يحبه بالفعل)، لكن من الحب ما قتل، وهذه أسئلتى:
- من المسؤول عن عدم قيد أفضل مدافعى منتخب مصر، اللذين تعاقد معهما الأهلى: أحمد حجازى، ورامى ربيعة؟
الإجابة: علاء عبدالصادق.
- من المسؤول عن التجديد لشريف عبدالفضيل، اللاعب الذى لم يلعب الكرة منذ ثلاث سنوات، وجدو من عام ونصف العام، وبهذه المبالغ الضخمة؟
الإجابة: علاء عبدالصادق.
- من المسؤول عن التعاقد مع اللاعب الوهمى «هندريك»، الذى يرفض الرحيل قبل الحصول على باقى عقده بالكامل (٧ ملايين جنيه)؟
الإجابة: علاء عبدالصادق.
- من المسؤول عن حالة الفرقة بين اللاعبين الكبار والصغار ثم اللاعبين الجدد والقدامى؟
الإجابة: علاء عبدالصادق.
- من الذى يتكبر ويتعالى ويرفض الجلوس على الدكة إلى جوار الجهاز الفنى، وهى الدكة التى جلس عليها صالح سليم وعلى زيور وحسن حمدى وطارق سليم، ومات عليها وهو يؤدى واجبه بشرف وإخلاص وتفان الكابتن ثابت البطل؟
الإجابة: علاء عبدالصادق.
إذا كانت الإجابات صحيحة، وهى بالفعل كذلك، وإذا كنت تحب الأهلى، وهو ما نريد له أمارة، فليس أقل من أن تقدم استقالتك.