أحترم جدا رغبة وإصرار إدارة الناديين الكبيرين.. الأهلى والزمالك.. على توفير كل العوامل وتهيئة كل الظروف المناسبة واللازمة لمباراتى العودة فى نصف نهائى الكونفيدرالية الأفريقية.. الأهلى أمام أورلاندو والزمالك أمام النجم الساحلى.. إلا أن احترامى لهذه الجهود بكل ما ورائها من إصرار والتزام لا يمنعنى من لفت نظر إدارتى الناديين الكبيرين إلى الخطأ الفادح الذى ترتكبه سواء إدارة الأهلى أو الزمالك بالإصرار والصراخ والإلحاح على لعب هاتين المباراتين أمام جماهير ضمانا للفوز أو لمساعدة اللاعبين على تخطى عقبتى أورلاندو والنجم الساحلى.. وعلى عكس كثيرين جدا هنا وهناك أتمنى أن تقام المباراتان بدون جمهور لمصلحة كل من الأهلى والزمالك..
فهذا الإصرار أولا على ضرورة الاستعانة بالجماهير حتى يأتى الفوز والتأهل لنهائى البطولة.. هو فى حد ذاته بمثابة تصدير الخوف للاعبين وأجهزتهم الفنية.. ويعكس بوضوح عدم ثقة الإدارتين فى لاعبيهما لتحقيق الفوز دون أى مساندة خارجية.. فإن لم يقبل الأمن الحضور الجماهيرى فسيبدأ اللاعبون المباراة وهم يملكون أصلا مبررا جاهزا للخسارة.. وعلى الرغم من كل الكلام الحقيقى والكلاسيكى الذى نردده منذ سنين مثل العالم كله عن الجمهور كحافز ودافع للإجادة والمدرجات المسكونة بالعشاق التى تجعل الأحلام ممكنة.. إلا أنه فى ظروفنا الحالية لن يتحول الجمهور إلى دافع إيجابى لتحقيق الفوز سواء للأهلى أو الزمالك.. فهذا يعنى أولا مزيدا من التوتر عند بوابات الملاعب قبل أن تبدأ المباراتان بوقت طويل..
وقد تكون هناك اشتباكات وقد يكون هناك أيضا صدام وضحايا.. وكل ذلك أعباء وحمول إضافية نضعها على أكتاف الإدارة والجهاز الفنى واللاعبين أيضا دون داع أو ضرورة.. ويبدأ قبل المباراة بساعات طويلة انشغال بمن سيدخل الملعب ومن لا يدخل وهل سيكون هناك تفتيش أو يتساهل الأمن فيكون هناك من يجيد استغلال ذلك.. وأنا بالفعل أتمنى ألا يحدث كل ذلك، وإن كنت أتوقعه وسط حالات التوتر والاضطراب والكراهية والفوضى التى نعيشها كلنا الآن.. فقد يضم جمهور الأهلى وسط صفوفه من يحمل معه شعارات معادية للدولة أو الناس كهجوم على الداخلية أو يرفع فى المدرجات شارة رابعة مثلما جرى فى المباراة الأولى للأهلى فى جنوب أفريقيا.. ومن المؤكد أن جمهور الزمالك سيحتشد وسط صفوفه من جاءوا ولديهم حساب شخصى يريدون تصفيته مع رئيس ناديهم، وسيكون هذا هو الذى يعنيهم ويشغلهم اعتقادا منهم بأن رئيس ناديهم منع زملاءهم من حضور مباراة الذهاب فى تونس..
وهكذا سيبلغ التوتر مداه وسيفقد الكثيرون تركيزهم وأعصابهم، وبالتأكيد ستتسلل هذه المشاعر والأجواء المضطربة إلى اللاعبين أنفسهم داخل الملعب.. وكنت أتمنى أن تلتفت إدارة الأهلى والزمالك أيضا إلى كل ذلك قبل هذا الصراخ للمطالبة بعودة الجماهير للمدرجات فى هاتين المباراتين.. كنت أتمنى أيضا أن يسبق هذا الصراخ نبرات هادئة وتصريحات رزينة بدلا من تلك التى تسكب طول الوقت مزيدا من البنزين على النار.. ثم نأتى فجأة ونفتح الأبواب عن آخرها ونجلس نبكى فى النهاية حين تقع المأساة ويسقط ضحايا جدد.