فاروق ظالماً ومظلوماً (8)

صلاح منتصر الإثنين 28-09-2015 21:29

فاروق يراهن على فوز هتلر بالحرب على الإنجليز

فى ثلاثين سنة (من ١٩١٤ إلى ١٩٤٥) شهد العالم حربين عالميتين قتل فيهما أكثر من ١٣٥ مليوناً وأصيب أضعافهم إلى جانب ما تم تدميره من مدن ومصانع ومؤسسات. وهما وإن كانتا حربين إلا أنهما فى رأيى حرب واحدة وقعت بينهما هدنة لعشرين سنة ثم استأنفها زعيم ألمانيا «هتلر» لاستعادة ما فرض على ألمانيا أن تخسره بعد الحرب الأولى والتى انتهت «بمعاهدة فرساى» التى سماها هتلر معاهدة العار، لأنها قيدت عدد الجيش الألمانى وانتزعت من ألمانيا أراضى سلمتها لبولندا وتشيكوسلوفاكيا، ولهذا كان أول عمل قام به هتلر عندما غزا بولندا استعادة ميناء «دانتزيج» على بحر البلطيق.

ونتيجة لذلك أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على هتلر الذى لم يخف وواصل زحفه إلى النرويج والدنمارك وبلجيكا وهولندا وأصبح فى مايو (١٩٤٠) على أبواب فرنسا التى استسلمت فى ٢٢ يونيو، وبعدها تم تقسيم فرنسا إلى شمال وغرب احتلتهما ألمانيا، وجنوب شرق احتلته إيطاليا، أما ما تبقى فسمى بالمنطقة الحرة التى حكمها جنرال اسمه «فيليب بيتان» رضى بالاستسلام واختيار «فيشى» عاصمة لها، فى الوقت الذى تمكن فيه جنرال آخر اسمه «شارل ديجول» من الهرب إلى بريطانيا وإعلان «حكومة فرنسا الحرة»، داعيا الفرنسيين الأحرار للمقاومة وتكوين جيش كان على رأس جيوش الحلفاء التى نجحت فى تحرير فرنسا عام 1944.

ومع أن مصر لم تكن طرفاً فى الحربين، إلا أنها بسبب الاحتلال الإنجليزى دفعت الثمن كبيراً. ففى الحرب الأولى وكانت الكلمة الأولى للإنجليز خلعوا الخديو عباس حلمى الثانى الذى كان فى إجازة فى إسطنبول لعدم رضاهم عن وطنيته وكراهيته للإنجليز، وعينوا حسين كامل «سلطانا» على مصر. وبذلك ألغى الإنجليز لقب «الخديو» الذى سعى إسماعيل ودفع الكثير لسلطان الآستانة للحصول عليه.

وفى الحرب العالمية الثانية، ورغم معاهدة 1936 التى منحت مصر سيادة شكلية أثمرت ملكاً ودستوراً وأحزاباً وبرلماناً، إلا أن الإنجليز كانوا يديرون مصر باعتبارهم القوة الرئيسية. وأثرت تطورات الحرب على وضعهم فى مصر، خاصة بعد أن أعلنت إيطاليا فى ١٠ يونيو ١٩٤٠ دخولها الحرب مع ألمانيا كمحور فى مواجهة الحلفاء.

وكان الزعيم الإيطالى موسولينى قد أقدم على هذا القرار بعد أن شعر بقرب سقوط فرنسا وقرب تحقيق هتلر أحلامه فى السيطرة على العالم، فأراد أن يسبق ويشارك هتلر فى غنائمه من انتصاراته. ونتيجة لذلك وضع موسولينى قواته فى شمال أفريقيا لتنفيذ مخطط هتلر فى الوصول إلى مصر لتكون قوات المحور بعد ذلك فى وضع يمكنها من إكمال الحصار على روسيا.

وقد أبدى هتلر اهتماماً كبيراً بجبهة شمال أفريقيا المتجهة إلى مصر وعين لها قائداً ألمانياً على درجة عالية من الكفاءة هو الجنرال الألمانى «إرفين يوهانس روميل» الذى اشتهر بلقب «ثعلب الصحراء» نظرا للانتصارات العديدة التى حققها فى معارك شمال أفريقيا من طبرق إلى أن وصل إلى العلمين عام 1942 على مسافة ثلاثة أيام من الإسكندرية، مما جعل هتلر يأمر بترقيته إلى رتبة «فيلد ماريشال» التى تقابل رتبة «المشير».

بدأ هتلر الحرب فى سبتمبر 1939، وحتى نهاية عام 1940 كانت الانتصارات حليفته فى كل المعارك التى خاضها، مما مكنه من السيطرة على كل أوروبا. إلا أنه ما إن جاء عام 1941 حتى بدأت سلسلة المصاعب والهزائم التى أدت إلى استسلامه.

وقد كانت البداية أمام بريطانيا التى أغار عليها هتلر بآلاف الطائرات وأشبعها تدميرا إلى أن تمكن العلماء البريطانيون من التوصل إلى اختراع الرادار (أهم اختراع أفرزته الحرب حتى ذلك الوقت) والذى مكن بريطانيا من إسقاط طائرات ألمانيا بصورة أرغمت هتلر على التراجع وعدوله عن غزو الجزيرة البريطانية.

وعلى أبواب الاتحاد السوفيتى تجمدت قوات ألمانيا من الصقيع وعواصف الجليد والبرودة القاسية، وفشل هتلر فى كسر المقاومة السوفيتية وهزيمة جنرال البرد.

salahmont@ahram.org.eg