توماس فريدمان يقترح صفقة «وحيدة» لحل الأزمة بين «حماس» وإسرائيل.. ويتوقع تكرار الفوضى الصومالية

الخميس 15-01-2009 00:00

لدى سؤال واحد حول عمليات إسرائيل فى غزة: ما هو الهدف؟ هل هو تربية «حماس» أو استئصالها؟ أتمنى أن يكون الهدف هو تربية حماس. واسمحوا لى أن أشرح السبب:

كنت واحدا من أناس قلائل ممن عارضوا فى 2006 القول بأن إسرائيل انتصرت حقيقة فى حرب لبنان التى بدأها «حزب الله».

فأنت بحاجة لأن تدرس هذه الحرب ونتائجها كى تفهم غزة وكيف أنها جزء من وضع استراتيجى فى الساحة العربية – الإسرائيلية، الذى يتطلب منهجا جيدا من فريق أوباما.

ماذا فعل «حزب الله» فى 2006 – فى شن حرب غير مسببة عبر الحدود الإسرائيلية – اللبنانية المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، وبعد انسحاب إسرائيل من جانب واحد من لبنان – هل كان ليضع حدا لاستراتيجية السلام التى تتبناها إسرائيل منذ أمد طويل، ويكشف عن مرحلة جديدة من استراتيجية حرب حزب الله - إيران ضد إسرائيل؟

دائما ما كان هناك معسكران فى إسرائيل، عندما يتعلق الأمر بمنطق السلام، حسبما يرى رئيس معهد «رويت» البحثى الإسرائيلى جيدى جرينشتاين: فمعسكر منهما يرى أن جميع المشكلات التى يواجهها كل من الفلسطينيين واللبنانيين تنشأ من احتلال أراضيهم. ويقول جرينشتاين إن المشكلة الأساسية لاتزال قائمة لهذا السبب، وأن العلاج الأساسى يبتعد .

بينما يرى المعسكر الآخر أن أعداء إسرائيل من العرب هم عدوانيون على نحو يتسم بالحقد، وأن الرحيل سوف يؤدى إلى مزيد من العدوانية، ومن ثم عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فإن إسرائيل تحتاج إلى السيطرة على أراضيها بشكل مطلق .

وسيطر المعسكر الأول على الفكر الإسرائيلى منذ منتصف التسعينيات، وقاد ذلك إلى الانسحابات التى جرى التفاوض بشأنها وتمت من جانب واحد، من الضفة الغربية ولبنان وغزة .

إن هجوم حزب الله غير المسبب من لبنان على إسرائيل فى 2006 أدى إلى تقويض الرأى القائل بأن الانسحاب أدى إلى الأمن وقدم إسرائيل باستراتيجية أكثر «إغاظة» هدفت إلى تحييد التفوق العسكرى الإسرائيلى .

أقام حزب الله شبكة عسكرية «تافهة» جدا تعتمد على فرق صغيرة من مسلحى حرب العصابات وقاذفات الصواريخ المتنقلة والمتمركزة بعمق داخل المدن والقرى .

وركزت قوة حزب الله هذه على زعزعة معنويات المدنيين الإسرائيليين من خلال إطلاق الصواريخ على منازلهم، بدلا من مواجهة الجيش الإسرائيلى بشكل مباشر، لتتحدى إسرائيل كى تتسبب فى سقوط أعداد هائلة من الضحايا المدنيين كى تصيب مقاتلى حزب الله، حيث ضربت إسرائيل حزب الله وقتلت مدنيين أيضا، لتلهب الشارع العربى - الإسلامى وتجعل الحياة صعبة للغاية أمام القادة العرب والأوروبيين المنحازين لإسرائيل .

كانت استراتيجية إسرائيل المضادة تتمثل فى استخدام القوة الجوية كى تضرب حزب الله بينما لا تستهدف المدنيين اللبنانيين على نحو مباشر، الذين كان حزب الله متشابكا معهم، لتتسبب فى إلحاق الدمار بالممتلكات وما صاحبه من سقوط للضحايا فى لبنان بلا حدود .

لم يكن الأمر لطيفا، ولكنه منطقى، فقد أكدت إسرائيل بشكل أساسى أنه عندما تتعامل مع حزب الله، الذى لا يشكل دولة على مستوى العلاقات الدولية، ويعشش بين المدنيين، فإن مصدر الردع الوحيد على المدى البعيد هو إلحاق ألما كافيا بالمدنيين - عائلات ومن يوظفون المسلحين - كى تقيد حزب الله فى المستقبل.

الجيش الإسرائيلى لم يركز على الصباح، الذى أعقب انتهاء الحرب فى لبنان، عندما أعلن حزب الله انتصاره وأعلنت الصحافة الإسرائيلية الهزيمة، ولكنه كان مركزا فى صباح ما بعد هذا الصباح، بينما يجرى العمل كله فى الشرق الأوسط. وهذا عندما قال المدنيون اللبنانيون فى ألم لحزب الله: «ماذا كنت تظن؟ انظر إلى الدمار الذى ألحقته بالمجتمع، علام؟ ولمصلحة من؟»

وإليكم ما قاله زعيم حزب الله، حسن نصر الله فى الصباح الذى أعقب صباح اتخاذه قرار بدء الحرب من خلال خطف جنديين إسرائيليين فى 12 يوليو 2006 : «لم نكن نظن ولو بنسبة واحد فى المائة أن أسر الجنديين سوف يؤدى إلى حرب فى هذا التوقيت وبهذا الحجم، أنتم تسألونني، إذا ما كنت أعلم فى 11 يوليو أن هذه العملية سوف تؤدى إليها؟ وأقول لا، لا على الإطلاق».

كان هذا تربية حزب الله، هل فهمت إسرائيل حربها الأخيرة مع حزب الله؟ أشك فى ذلك، ولكن حزب الله، الذى لم يفعل شيئا لـ«حماس» سوف يفكر ثلاث مرات المرة المقبلة، وربما يكون ذلك هو كل ما يمكن أن تفعله إسرائيل مع لاعب ليس بدولة.

أما فى غزة، فما زلت غير قادر على القول ما إذا كانت إسرائيل تحاول استئصال «حماس» أم أنها تحاول «تربية حماس» من خلال قتل عدد كبير من مسلحى «حماس» وإلحاق الألم بشعب غزة .

إذا كانت تستهدف تدمير حماس، فإن سقوط الضحايا سوف يكون أمرا مروعا، والنتيجة قد تشابه الفوضى الصومالية، ولكن إذا كانت ترمى إلى استئصال حماس، فإن إسرائيل ربما تكون قد حققت أهدافها. ويجب أن يكون تركيزها، وتركيز فريق أوباما، على التوصل لخيار واضح لحماس يراه العالم: هل أنتم بصدد تدمير إسرائيل أم بناء غزة؟

ولكن ذلك يستلزم دبلوماسية، وأن تعترف إسرائيل فى الواقع بحق حماس فى حكم غزة وأن توفر الرفاهية والأمن لشعب غزة.. وهى كانت رسالة حملة حماس الأصلية فى حقيقة الأمر، وليس ضرب إسرائيل بالصواريخ.

وفى المقابل، لابد أن تشير حماس إلى استعدادها لتحمل المسؤولية عن وقف إطلاق نار مستمر، وتتخلى عن جهود تغيير المعادلة الاستراتيجية مع إسرائيل بنشر صواريخ أطول مدى.. هذه هى الصفقة الوحيدة، فلنمنحها فرصة المحاولة.

ترجمة - محمد عبدالخالق مساهل