العقيدة والرأى

نيوتن السبت 26-09-2015 21:39

العقيدة شىء ثابت. الرأى متغير. يتغير بتغير المعطيات. إنما العقيدة لا تتغير. الله موجود. هذه عقيدة لا تتغير. لا بتغير الزمان ولا المكان.

أُثير جدل لا ينتهى بشأن بناء محطات نووية، لتوليد الكهرباء منذ سنوات. لأن بلادنا تعانى من نقص في الطاقة ومصادرها. كان مصدر هذا الجدل ومازال هو مكان إقامة المفاعل، وليس المفاعل ذاته.

حدث ذلك منذ الإعلان عام 2007 عن تفعيل فكرة إقامة مفاعل نووى، حيث إن الفكرة قد تم تجميدها في منتصف الثمانينيات بعد كارثة مفاعل تشيرنوبل، وهناك جدل واسع حول ما إذا كانت الضبعة هي المكان الأنسب أم لا.

■ ■ ■

لا نريد تدمير عاصمة مصر السياحية. ولا يجب أن نسعى لذلك. ولا نضيع الفرصة لتحقيق هدفين كبيرين. إقامة مفاعل نووى. استغلال أجمل بقعة ساحلية في مصر على النحو الأمثل.

زار الرئيس مبارك هذا المكان. رأى بنفسه الميزات الهائلة التي يتمتع بها. مكان من أجمل بقاع الأرض. جاء بالمهندس سميح ساويرس. طلب منه إقامة مدينة سياحية متكاملة على هذه البقعة الجميلة. تكون على غرار الجونة. لكن بشكل أكبر. واشترط مبارك على سميح أن يبنيها للدولة. ليس لحسابه أو لحساب أحد. تعرض مبارك والمشروع برمته لهجوم عنيف من أناس أقل ما يوصَفون به أنهم ليسوا أهل خبرة. ليسوا أهل علم. بعد فترة من الهجوم. فقد مبارك صبره. خضع للابتزاز الإعلامى والسياسى. خرج المتحدث باسم الرئاسة، آنذاك، السفير سليمان عواد، وقال: «تقرر أن تكون الضبعة موقعا لأول محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية». (أغسطس 2010)

■ ■ ■

الآن وبعد سنوات ظهرت لنا معطيات جديدة في عهد الرئيس السيسى. قدرتنا على إنشاء قناة جديدة في وقت قياسى. خطر لنا أن نقيم واحدة تنتهى ببحيرة كبيرة. تُستغَل في تبريد المفاعل إذا كان له أن يكون. بعد وضعه في الصحراء.

بعد ذلك تأتى لنا السماء بما لم يخطر على بال. اكتشاف من الغاز الطبيعى. لا يقل عن اكتشاف حقل المرجان في خليج السويس. هذه مقدمة لاكتشافات أخرى من الغاز والبترول. مصر لديها شبكة قومية للغاز تصل كل مدن مصر. هذا شىء ننفرد به. لدى مصر خطان بحريان للغاز. واحد للأردن، والثانى لإسرائيل. هذا الخط هو المنفذ الوحيد للغاز الإسرائيلى إن أرادت تسييله. مراكز التسييل موجودة لدى مصر. معطلة، لأنها أُقيمت وفقا لتقديرات وهمية في ذلك الوقت. هي الآن جاهزة للعمل وللتصدير. إذاً الوضع المصرى الآن متميز من كل النواحى بالنسبة للطاقة. الخرائط تغيرت. المعطيات تبدلت. الطبوغرافيا أُعيد ترتيبها. مصر ستكون أهم مركز في البحر المتوسط للتعامل في الغاز.

■ ■ ■

مع ذلك جاءتنا البُشرى من نيويورك. الرئيس السيسى قال إننا سنقيم المفاعل النووى على أعلى المعايير الدولية. هل هذا ثبات على الرأى أم إصرار عليه أم تشبث يقترب من العناد. ويتجاهل الواقع الجديد. الأولويات تتحرك وفقا لتغير الظروف والمقتضيات. فيروس سى والتعليم في مصر أسبق كثيرا من إصرار غير مبرر على مشروع. لا يستطيع أحد أن يختلف مع السيسى في مقاصده. لكن دعونا نحاوره، ونجادله في وسائله.

خلاصة الأمر يا سادة: الضبعة ليست عقيدة، بل مشروع يُقام وفقا لرأى ووجهة نظر.