لقد حلّت بركات محمد فودة على شريف إسماعيل فأصبح رئيساً للوزراء، بينما حلّت لعناته على صلاح هلال، وزير الزراعة، فأدخلته السجن!
كيف يكون لمحمد فودة لعنات وبركات في نفس الوقت إلا في ظل غياب الرؤية السياسية واختلال الموازين؟! ففى الوقت الذي كان فيه معظم الناس يتوقع خروج شريف إسماعيل من وزارة البترول بسبب علاقته بأشهر صاحب توكيل للفساد في مصر حالياً، وهو محمد فودة فوجئ الجميع باختياره رئيساً للوزراء، وكأن العلاقة الوطيدة بمحمد فودة أصبحت تذكرة المرور للترقى وليست تذكرة لدخول السجن بتهمة الفساد. لتصبح كل المزاعم التي يُطلقها المسؤولون حول محاربة الفساد والتصدى لأصحابه محل شك، لافتقادها أدنى درجات المصداقية، وإلا فماذا كان يعنى ذهاب وزير البترول شريف إسماعيل إلى دائرة فودة الانتخابية ليفتتح مشروع إمداد مدينة زفتى بالغاز بدعوة من الرجل الذي خرج من السجن بعد أن أدين بالفساد، هل كانت هذه الخطوة من مسؤول حكومى تعنى دعم الفساد أم محاربته؟ خاصة أنه حين قام الوزير بهذه الخطوة لم يكن الفساد مجرد شبهة تلاحق صاحب الدعوة، بل كان حكماً قضائياً نهائياً قام فودة بتنفيذه لخمس سنوات متواصلة. وكان السيد الوزير يعلم ذلك بالتأكيد.
فما الذي دفعه للقيام بهذه الخطوة التي لم يكن لها من هدف سوى تقديم الدعم لمرشح فاسد وتعزيز فرصه في النجاح على حساب أشخاص آخرين ليس من بينهم مرشح واحد تمت إدانته بالفساد بعد محاكمة عادلة، كما جرى مع فودة، ثم يأتينا من يزعم أن الحكومة تُحارب الفساد بينما هي تدعمه في الواقع. وإذا كان اختيار إسماعيل لرئاسة الوزراء في أعقاب فضيحة فساد كان فودة هو بطلها الأول، فقد برهن ذلك على غياب الرؤية السياسية واختلال موازين الاختيار لدى صاحب القرار، بل إن شريف إسماعيل نفسه ما لبث أن قدّم بنفسه برهاناً أوضح على غياب الرؤية السياسية لديه شخصياً وافتقاره للحنكة السياسية حين أعلن قبل أدائه القسم أن مصر ستواصل استيراد الغاز من إسرائيل، مما تسبب في تحسين مركز شركات الغاز الإسرائيلية في البورصة، بعد أن كان قد هبط لعدة أيام بعد اكتشاف حقل الغاز المصرى، فإلى متى سنظل أسرى لجماعة من الهواة والمبتدئين ليتلاعبوا بمصائرنا ذاهبين بنا من السيئ إلى الأسوأ؟!