قال الناقد السينمائى طارق الشناوى إن العمل الفنى دائما ما يكون «نهبة» بين جهات المنع الثلاث، الرقابة، والمؤسسة الدينية، والأعراف الاجتماعية، إلا أن الجهة الأكثر موضوعية هي الرقابة، كما أنها المنوطة بإصدار الحكم النهائى على العمل الفنى، مشيراً إلى أنها الجهة ذات الاختصاص الأصيل وصاحبة القرار الأخير، ورغم ذلك تقع تحت ضغط سلطة المؤسسة الدينية، وسلطة الأعراف الاجتماعية. وأضاف الشناوى، في تصريحات لـ«المصرى اليوم»: «من الناحية الموضوعية فإن الرقابة لا سيد عليها، لكن في مجتمعنا يتمتع رأى الأزهر وإن لم يكن ملزماً بقوة الإلزام من الناحية الروحية والأدبية، وكلما أبدى شيخ الأزهر رأيا في عمل ما فإنه يقول هذا مجرد رأى، لكن لأن رجل الدين يتمتع بمصداقية أكثر لدى عموم الناس، فإن الجميع يتعامل مع رأيه باعتباره ملزماً، فمثلا الرقابة وافقت على فيلم (نوح) لكنه لم يُعرض لاعتراض الأزهر عليه، وفى المقابل اعترض الفاتيكان على فيلم (شفرة دافنشى) لكن تم عرضه».
وتابع: «الدولة منذ الستينيات وهى تمنع عرض أي أفلام عن السيد المسيح عليه السلام، التزاما بقرار الأزهر، حتى وصلنا إلى 2004 حين عرض فيلم (آلام المسيح) الذي أنتجه وأخرجه الفنان الأمريكى ميل جيبسون بقرار من الدكتور جابر عصفور، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، في ذلك الوقت، ولم يعترض الأزهر، وهذا ليس له سوى تفسير واحد هو أن الدولة طلبت من الأزهر ألا يعترض فامتثل، وفى السنوات الأخيرة أصبح صوت الأزهر يعلو بالرفض، وهذا يعنى أن الدولة منحته الضوء الأخضر، مثلما منع فيلم (نوح) الذي يستند إلى التوراة في سرد حياة النبى، ووصلنا إلى فيلم (محمد) المعروض حاليا بنجاح طاغ في إيران، وأثار ضجة رغم أنه لم يجسد الرسول الكريم، وإنما يتناول طفولته حتى سن الـ13، ورغم الخلاف الفقهى بين الشيعة والسنة الذي يتجدد على كل المستويات إلا أننى أرى أننا في أشد الحاجة إلى فيلم يصحح الصورة الذهنية عن الرسول والإسلام، الذي صار مرادفا للدماء، بسبب جرائم داعش وبوكو حرام والقاعدة».
وواصل الشناوى: «ما نراه من إجماع كبار علماء السنة على منع التجسيد لا يبدو صحيحاً في المطلق، والدليل هو أن مسلسل (الفاروق عمر) إنتاج مشترك بين شركتين سعودية وكويتية، ووافق عليه 10 من علماء السنة الكبار، وبه تجسيد للخلفاء الأربعة وعدد من آل البيت والصحابة، لكن تعنت الأزهر هو الذي يمنعنا من أن ننطلق بالدراما إلى آفاق أرحب، فلماذا لا نقدم نحن فيلماً عالمياً بعد أن يتخفف الأزهر من القيود التي أسقطها الزمن، بدلاً من رفض الفيلم الإيرانى.