نقابة الصحفيين بعد الزمن الجميل

صبري غنيم الأربعاء 23-09-2015 20:49

- عليه العوض في نقابة الصحفيين.. البيت الذي يحتضن مهنة الصحافة ويحتضن معها المشتغلين فيها.. لم يعد هذا هو البيت الذي عرفته منذ نصف قرن.. أيام ما كان يحيى ذكرى أبنائه الذين يغيبون عن الوجود.. أو يحمى المهنة من الأفاقين والمزورين الذين يدَّعون أنهم «صحفيون» وهم إما قوادون.. أو نصابون.. لم نسمع أن النقابة تحركت أو غيرت جلدها كما غيرت مبانيها وعادت خطوة إلى الزمن الجميل.

- أقول هذا بمناسبة أننى بعد أيام سأكون قد أكملت في عضويتى في نقابة الصحفيين نصف قرن بالتمام والكمال.. وإذا سألتمونى عن ذكرياتى في البيت الذي يحتضن بلاط الصحافة الآن.. فسأقول لكم: للأسف لم يعد هو البيت الذي كنت أشتاق إلى دخوله.. لقد تغير في مبانيه وفى الدفء الذي كان فيه.. حتى العلاقات بين الصحفيين ليست بالشكل الذي كانت عليه أيام عمالقة الصحافة.

- زمان.. كنا ندخل نقابة الصحفيين وقد كان للمكان رهبة واحترام عند الدخول وكأنك تدخل جامعاً مع أنك لا تخلع الحذاء على بابه.. المبنى كان له شموخ.. والحركة داخله تعطيك فرصة للالتقاء بشيوخ المهنة.. على رأسهم شيخنا الكبير حافظ محمود وهو أول من حصل على عضوية نقابة الصحفيين ثم تلتقى مع على حمدى الجمال وإبراهيم البعثى وخليل طاهر وكامل الزهيرى وصبرى أبوالمجد وصلاح جلال وعبدالمنعم رخا وغيرهم من العمالقة أمثال إبراهيم نافع وسعيد سنبل ومكرم محمد أحمد وجلال عارف، وعلى أيامهم كانت عضوية النقابة تخضع لمعايير قضائية فقد كان القانون يشترط لاكتساب العضوية أن يصدر حكم من محكمة الاستئناف بالعضوية.

- وأذكر أننى والمرحومين فاروق الشاذلى والمصور فاروق إبراهيم قد صدر لنا حكم من محكمة الاستئناف بمنحنا عضوية النقابة وكانت إدارة المطبوعات في هيئة الاستعلامات هي التي تحدد الجلسات وتقدم عنا الملفات إلى هيئة المحكمة تتضمن تحريات الأمن وتقريرا من الصحيفة التي يتدرب فيها المرشح للعضوية وصورة من أعماله خلال فترة التدريب وللمحكمة الحق في القبول أو الرفض.

- باختصار لقد انتهى الزمن الجميل الذي كان الصحفى يكتسب فيه شرعية عضويته للنقابة بحكم صادر من ثلاثة مستشارين وكون أن تنجح النقابة في الانسلاخ من هذه المعايير بعد أن تتمرد على قانون المطبوعات لكى تنفرد هي بمنح العضوية.. هذه ليست مكاسب للصحفيين بقدر ما هي مكاسب للمرشحين الذين أحدثوا انفلاتا وفتحوا الأبواب لكل من هب ودب ليصبح عضوا في النقابة بغرض حشد الأصوات لصالح مجموعة من المرشحين سواء كان الترشيح على منصب النقيب أو العضوية لمجلس النقابة.. هذا الانفلات كان سببا في تضخم الأعداد.. والتى أصبح كل من هب ودب يعمل في المهنة.. وكانت النتيجة أنها فتحت شهية النصابين والمحتالين أن يتقمصوا الشخصية الصحفية، ولم نسمع أن النقابة ثارت وانتفضت أو عاقبت الصحف التي تحتضنهم وتفسح لهم مساحات تساعدهم على ابتزاز المسؤولين.

- بالله عليكم هل تحركت النقابة ضد الصحيفة التي كانت تنشر حوارات محمد فودة مع المسؤولين بوصفه من كبار الكتاب الصحفيين قبل أن يسقط في قبضة الأمن؟!

- للأسف مجلس النقابة كان على علم بأنشطته وبضحاياه الأبرياء من وزراء ومسؤولين.. ولم يسأله أحد أو بالمعنى الأصح لم يجد من يحاسبه أو يوقفه.. لذلك ازداد «فجرا وتزويرا».. لأنه كان يجد من يسانده وينشر له كل ما يقدمه.. ولأن النقابة ضعيفة فقد كانت تبقى على علاقات الود والصداقة مع الصحيفة التي تؤويه وتسانده.. مش مهم المهنة أو كرامة المهنة.

- الذي أدهشنى أن أسمع أن النقابة تحركت مع «فودة» من بلاغ للزميل فتحى سالم بسبب غيرته على المهنة ورؤيته لإعلانات تدخل الغش على مواطنى أهل زفتى وادعاء مرشحهم في الانتخابات باشتغاله في الصحافة.. ويكشف زميلنا فتحى سالم النقاب رسميا عن انتحال «فودة» مهنة الصحافة ونسمع أن النقابة أبلغت النائب العام ولأنها لم تتدخل بحماس أو لأنها لم تعط هذه القضية اهتماما.. تجمد البلاغ ولم تتحرك النقابة إلا بعد الفبض عليه.

- على أي حال.. لم أشعر بالندم يوم أن أعطيت صوتى واخترت الزميل يحيى قلاش نقيبا للصحفيين.. ومع ذلك لن أغيّر رأيى فيه لأنه يملك أفكارا كثيرة للنجاح، المهم أن نسانده.. في رأيى أنه مكسب كبير للنقابة وللصحفيين.. يوم أن يحدث تلاحم بينه وبين أعضاء المجلس، لأن المجلس هذه المرة يضم عناصر شابة ولاؤها للمهنة.

ghoneim-s@hotmail.com