أنا حقاً سعيد، أكاد أشاطر العم رفعت سلام سعادته وفرحته بالإفراج عن «بنتى» يارا سلام وصاحباتها، عن كل الأسماء جميعا لا أستثنى منهم أحدا، من أعرفهم ومن لم يسبق لى شرف المعرفة أو اللقاء.
سعيد لسعادة عائلات كل هؤلاء، بضمة أب لضلوع ابنته وحشة، وحضن قلب أم لفلذة كبدها حناناً، اللهم يارب العباد تغمرنا بعفوك وكرمك، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا.
بقرار العفو الرئاسى يوم وقفة العيد عن مائة من شبابنا المسجونين، كده العيد بقى عيدين الحمد لله، أعاد الأب الرئيس الروح في نفوس تصحرت ألماً، وقلوب انفطرت حزناً، وآمال تقطعت يأساً.. ياااااه.. الله يسعدك كما أسعدتنا جميعا، بجد أنا سعيد لأن هناك من يسمع النداء مخلصا لا رياء فيه ولا نفاق رخيص، ومن لا يخيب الظنون، ويحسن الظن، ربك خلاف الظنون، فعلا هناك من يحنو، ومن يعطف، ومن يقول لنا كل سنة وأنتم طيبون.
القرار أجمل من أي رسالة تهنئة رئاسية، قرار ولا أروع، قرار انتظرناه كثيرا من العيد للعيد، كنت قانطا من القنوط أكتب عن بناتنا في حزن ويأس عظيمين، وأمسيت سعيدا، غيرت كلماتى كلها في لحظة سعادة، وبدلت الحزن فرحا، وطرت من فورى أسجل شكرًا للرئيس، لم يخيب الأب رجاء أبنائه، ولم يمرر العيد الكبير إلا بهدية كبيرة، شكرًا سيادة الرئيس، ولا عزاء لغربان الشوم.
لم أتبين بعد الأسماء كلها، ولكن لمحت بطرف عينى يارا سلام وسناء سيف وغيرهما، دفعة أولى، وستتوالى الدفعات، أول الغيث، أول الفرج، كده رضا، عقبال باقى المسجونين، مصر تستحق أكثر من ذلك، تستحق أن تكون بيت الحرية، ووطن الأمن والأمان، وطن من لا وطن له، وَقَالَ اللَّهُ لَهُمُ: (اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ). هذا وعد المولى عز وجل في محكم التنزيل.
سبحان الله، كتبت مقالاً ليوم العيد عنوانه «هل هنأتم أختكم (ماهينور) بالعيد؟!» وبين السطور كتبت، وهنا أنقل من مقال لن ينشر، حسناً نسخه قرار الرئيس، نصا: كل سنة وأنت طيبة يا «ماهينور»، وبلغى التهنئة لكل بناتنا في السجون، وأخص بالذكر الأقحوانة البرية «يارا سلام»، والسمراء المشرقة «إسراء الطويل»، ولا تتركى بنتاً من بناتنا إلا وتقرئيها السلام، أمانة عليكى تبلغى السلام، والسلام أمانة يابنتى، ولو كنت أملك غير السلام لفعلت، ولم أدخر وسعاً ومثلى كثير، ولا نملك إلا القليل، كان نفسنا يبقى العيد عيدين.. لكن ما باليد حيلة..
كنت واثقا من إمكان العفو الرئاسى، وإن حالت دونه الاحترازات الأمنية والأسباب العدلية، وكان لايزال في نفسى بقية أمل، وعندما حدثت الصديق «خالد داود» أخيرا كان يائسا، غاضبا وهو كظيم، وكنت على يقين، ومصدر اليقين هو الرئيس، لأنه هو من أقر بأن «ياما في السجن مظاليم»، ووعد بالعفو، ووعد الحر دين في رقبته، وتقبل منى خالد على مضض ثقتى في العفو الرئاسى.
ربك رب قلوب، كنت أراه قريبا ويراه خالد بعيدا، كانت نفسى تحدثنى وحدثت كثيرا ممن هم حادبين على مصلحة الوطن من حول الرئيس، وكانوا جميعا مقدرين الظرف، ومنصتين بعطف بادٍ لما نقول، وصبر جميل، وكأنهم كانوا يدخرون للعيد هذه العيدية المعتبرة.
هذا صباح سعيد من صباحات الوطن السعيد، أن نرى شبابنا يصلون بيننا صلاة العيد، ويفرحون ويمرحون، أشكر كل من ساهم ولو بكلمة في إضفاء البهجة على العيد، ولا يجرمنكم أبداً شنآن قوم على ألا تعدلوا، العفو فضيلة أن يتشح بها الرئيس، ليس نفاقا رئاسيا سياسيا لتيارات ولا اتجاهات ولا إملاءات، ولكنه العفو الأكيد عن من أحبوا مصر على طريقتهم، وفى هذا فليتنافس المتنافسون.