اليوم عرفة.. والحج عرفة

عبد الرحمن فهمي الثلاثاء 22-09-2015 21:10

في أول الستينيات دعت المملكة العربية السعودية كل رؤساء الصحف المصرية للحج على نفقتها.. لم يسافر أحد منهم!! صلاح سالم وهيكل ومصطفى أمين وحافظ محمود وأرسلوا مندوبين عنهم.. سافرت نيابة عن صلاح سالم.. وكان بجوارى في الفندق الكبير رجل مغربى يبدو أنه صاحب منصب كبير في المغرب.. تصادقنا في أول يومين حتى إننا تناولنا الطعام سوياً على منضدة واحدة.. وفى يوم عرفة.. وعند الغروب.. فوجئت بالصديق المغربى يشدنى من جلستى في الخيمة الكبرى وهات يا عناق وقبلات قائلاً: مبروك.. مبروك.. والدموع منهمرة على وجهه.. وهو يقول لقد أصبحت حاجاً الآن.. الحج.. عرفة.. الحج عرفة.. وكانت أول حجة لى.

■ ■ ■

ويوم عرفة يوم فريد في كل صفاته وتاريخه وقدسيته وبركاته ونفحاته وتجلياته عن دون أيام السنة كلها.

هو يوم تجاب فيه الدعوات.. وتنزل فيه الرحمات.. وتحل فيه البركات.. حتى في صومه.. صوم يوم عرفة يغفر ذنوب نفس العام والعام الذي يليه.. اليوم الوحيد الذي يغفر ذنوب عامين كاملين.. فهو اليوم الذي يباهى به الله ملائكته.. يوم مشهود.. كما جاء في سورة البروج.. «واليوم الموعود وشاهد ومشهود»، اليوم الموعود هو يوم القيامة، وشاهد يوم الجمعة، والمشهود هو يوم عرفة.

■ ■ ■

لم يفرض الله فريضة الحج إلا عام 9 هجرية.. وأناب سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، سيدنا أبوبكر، رضى الله عنه، ليرأس الحجاج في أول حجة.. وكانت هذه هي إشارة من الرسول، صلى الله عليه، أن أبوبكر هو خليفة.. ثم أدى الرسول الحجة التالية في عام 10 هجرية.. وهى حجة الوداع.. الحجة الوحيدة للرسول.. لذا يمتاز يوم عرفة بأنه استمع إلى أشهر وأعظم خطبة قيلت على سطح الأرض منذ خلق الله الأرض والسماوات حتى يوم القيامة.. وهو نفس اليوم الذي نزلت فيه الآية الكريمة «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً».

وهو اليوم الذي ألهم أمير الشعراء أحمد شوقى أن ينظم أجمل شعر له قاطبة متمثلاً في قصيدة «إلى عرفات الله» يوم سافر شوقى للحج.. ولما عاد كانت قصيدة «نهج البردة».

ولم يعرض شوقى في حياته أياً من روائعه على أحد لكى ينشرها أو يغنيها إلا هاتين القصيدتين.. تمنى شوقى طوال حياته أن تقبل أم كلثوم هديته لها بهاتين القصيدتين منذ عام 1910 دون جدوى.. ومات شوقى 14 أكتوبر 1932 ثم غنّت أم كلثوم قصيدة «إلى عرفات الله» عام 1951 بتلحين رياض السنباطى في الإذاعة وسجلتها للتليفزيون عام 1963.. وسعد شوقى واطمأن قلبه وامتلأ قبره نوراً.. وكل عام وأنتم بخير.