علي سالم.. هنا يرقد رجل يحب الحياة (بروفايل)

كتب: رضا غُنيم الثلاثاء 22-09-2015 17:49

واحد من قلائل جمّع بين المسرح والفلسفة، لا يُجيد المراوغة، أو مسك العصا من المنتصف، انفتح على ثقافات العالم المختلفة، كتب ما يؤمن به، ولم يفعل كل ما ينال إعجاب الآخرين، وقف ضد الظلاميين، والمثقفين المشعوذين، ومن يصبغون الثقافة بالمؤدلجات، إنه الكاتب المسرحي على سالم.

في 22 سبتمبر 2015، رحل «أبوعلوة»- كما يلقبه أصدقاؤه- عن عمر يناهز 79 عامًا، متمنيًا أن يُكتب على قبره «هنا يرقد رجل يُحب الحياة»، وأن يرى الفيلسوف سقراط، والأديب نجيب محفوظ.

تخرج «سالم» في كلية الآداب عام 1959، وبدأت علاقته بالفن من خلال عمله بمسرح العرائس، وفي 1966 كانت مسرحيته الأولى «الناس اللي في السماء الثامنة»، لم يكن وقتها نجمًا، حيث بدأت نجوميته مع مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التي حظيت بنجاح منقطع النظير.

الصدام مع المثقفين المصريين بدأ عقب اتفاقية السلام مع إسرائيل، المعروفة بـ«كامب ديفيد»، إذ أيّد «سالم» خطوات الرئيس الراحل أنور السادات، ولم يكتف مؤلف «أغنية على الممر»، التي روى فيها بطولات الجنود المصريين في حرب أكتوبر 1973، بذلك، بل سافر إلى إسرائيل بسيارته، في زيارة اعتبرها «رحلة للتخلص من الكراهية».

يقول «سالم»: «زيارتي لإسرائيل لم تكن رحلة حب، لكنها رحلة للتخلص من الكراهية، مع إسرائيل لا يوجد حب بل مصلحة، وإسرائيل ليست خطرًا على مصر، بل السلام عها هو الضمانة الوحيدة لصُنع دولة فلسطينية».

اغتال المثقفون «سالم»، لم يحترموا قناعاته، زيارة إسرائيل بالنسبة لهم «جريمة يستحق صاحبها الإعدام»، حاصروه في الفضائيات والنقابات، وأصبح يعاني من «مقاطعة جماعية»، ولم يتمكن من تقديم أي عمل مسرحي، واكتفى بإصدار شريط كاسيت بعنوان «أقوى الضحكات»، في محاولة منه لتحويل أعماله إلى كلام مسموع وبصوته، وفي محاولة لكسر عزلته.

رغم حالة الحصار المفروضة عليه، لم يتراجع «المُشاغب» عن آرائه السياسية، بل زاد عليها: «إسرائيل ليست العدو، حماس هي العدو الحقيقي»، تعرض للاتهام بالخيانة، فكان رده: «المثقفون المصريون لم ينضجوا بعد».

صنفه البعض بأنه «مثقف السلطة»، لكن الوصف لم يكن دقيقًا، فالدولة كانت جنبًا إلى جنب مع المثقفين في حالة الحصار المفروضة عليه، ومنعته من السفر إلى جامعة بن غوريون في إسرائيل لحضور الحفل الذي نظمته الجامعة له، بمناسبة منحه الدكتوراة الفخرية، لكن في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي اعترف بأنه «مثقف السلطة»، لأن «البلاد في حالة حرب حقيقية مع الإرهاب».

آمن «سالم»، أن «25 يناير» ثورة صنعها الشباب المنتمين للطبقة الوسطى، وليس الفقراء، فهو يرى أن «التعساء لا يصنعون ثورة، التعساء يموتون ببطء»، معتبرًا أن الشعب المصري أخطأ في اختياره لجماعة الإخوان، ووصف الرئيس المعزول محمد مرسي بأنه «غلطة لن تتكرر».

تنبأ مؤلف «مدرسة المشاغبين»، بما حدث في 30 يونيو، وكتب في إحدى مقالاته بصحيفة «الشرق الأوسط» في يونيو 2013: «في احتفال صحيفة (المصري اليوم) بفندق سميراميس، كنت أتحدث مع مالك الصحيفة صلاح دياب، وقلت له: هل تريد أن تعرف العنوان الرئيسي في جريدتك صباح 5 يوليو المقبل؟، سيكون: نقل محمد مرسي إلى سجن العقرب شديد الحراسة».

لم يكن «سالم» يخشى الموت، فهو «لم يفعل شيئًا في حياته يخجل منه»، يقول: ««أنا أعشق الحياة، وزاد حبي لها عندما مرضت، فأنا كنت أعالج في السعودية، وقال لي الطبيب إن المرض وصل للرئة والكبد، فعشت حالة من الرعب لدقائق، ثم قلت لنفسي فجأة ولماذا أخاف من الموت؟،أنا لم أفعل شيئا في حياتي أخجل منه»،