تعبت يا بلدي.. تعبت

جمال الجمل الجمعة 18-09-2015 02:27

صرت غريبا أكثر مما ينبغي، وصرت قريبا أكثر مما أحتمل!

اللحظات لاهثة، والوقت لا يمضي إلى مكان ما، إنه ينطفيء مثل رماد سيجارة الأحلام التي لا تشبعني ولا تبتعد من بين أناملي!

الوقت يراوغني، حتى بت أخاف من أن أستيقظ غدا فلا أجد رصيدا من العمر، يسمح لي بفرصة أخيرة من الفرص التي أهدرها برعونة مزعجة!

الوقت أصبح في هذه الأيام المكسورة لزجا وثقيلا، يصعب التخلص من بقاياه المتعفنة.

أعرف أن التحول سمة الأشياء.. كل الأشياء (وأنا من بينها)..

فأنا عندما أتحول إلى شئ تبدو تناقضاتي قريبة من بعضها ومن الآخرين، تبدو خطورتها قابلة للانفجار!

لم يعد هناك حل إلا فتح المسارات للزمن الراكد، أو التعفن العبثي داخل كهف الوحدة الخانقة.

هذا أنا.. أو بعض مني..

لكن من أنت؟

من أنت يا مصر؟

من أنت أيتها الثورة التي تراودني كلما أدرت وجهي إلى غيرها؟

من أنت أيتها الأحلام السابحة في فضاءات اليوتوبيا؟

من أنت يا حبيبتي الحائرة؟

لم أعد أعرف من أنا./ لم أعد أعرف من أنتِ.

فالعابر في الصحراء هو ذاته الذي يصنع السراب، والسجين عادة ما يحلم بنافذة، لاتلبث أحلامه أن تتحول إلى أجنحة يطير بها في سماء واسعة وهو لايزال لحما مشلولا في قاعة زنزانته الرطبة. لذلك لا أراهن على معرفتك من خلال رؤيتي المموهة بالأحلام والأوهام..

عندما تبتعدين أراك أكثر صفاء، تنبت في روحي الذكريات ويزدهر الحنين، وأمد يدي لأرسم غدنا بألوان الطيف، لكن هذا "الغد الواقعي" عندما يأتي يصدمني بحقيقته الزائفة، فهو ليس إلا "الأمس نفسه" بكلماته المكررة، وبرامجه النمطية المملة، وأفقه المسدود.

سئمت من هذه الدائرة الجهنمية التي تصلبني بين واقع لا أريده ولا أرضى عنه، وبين حلم يراوغني بالمراوحة بين إغواء لايتيح لي أن أمسكه، وصد لا يصل بي إلى درجة اليأس..

صوت جرس العمر صار اقوى في أذني، ويحرض أقدامي على حث الخطى، لكن الظهر مثقل بما أعرفه وما لا أعرفه.

حبيبتي لقد صارت الأحلام أحمالا، ولم أعد أعرف منها ما أريد ومالا أريد، في ذلك الشوط القصير الباقي من العمر..

الأسئلة نفسها صارت عبئا على الروح وعلى العقل.. صارت عبئا على الذات وعلى الآخرين.. أنا صرت عبئا عليَّ، وعلى الآخرين، صرت أرهق الجميع والجميع يرهقونني.

هل كان حبك حلما أم وهما؟/ عبئا أم طوق نجاة؟

هل تصورتِ أنك عثرت اخيرا على فارسك المنتظر.. فوجدت فارسا جريحا مطاردا ينشد جرعة ماء أو خيمة للإيواء؟

هل التقينا فعلا في ذلك الميدان الكبير تحت سقف الأحلام العظيمة؟

هل أمطرت السماء في تلك الأيام الثمانية عشر من الحناجر والعيون؟

أم أننا كنا نهذي ونحلم بما لا يتحقق؟

حبيبتي/

أنا مرهق.. ليس لأنني أحارب عدوا ما، أو أصعد جبل ما، أنا مرهق لأنني أطارد المستحيل.. فالواقع لايكفيني.. لا يشفي أوجاع روحي، ولايسكت أنين أحلامي،

حبيبتي/

لن يشبعني ولن يرويني.. إلا المستحيل، ولابديل... لا بديل.

حيبتي/

هات يدك، سنمضي

لا بديل

لابديل

سنمضي ................................................................................

جمال الجمل

tamahi@hotmail.com