قال نجيب ساويرس ذات مرة إنه يتساءل بينه وبين نفسه: ليبيا يسارا فيها بترول كثير والسعودية يمينا فيها بترول كثير.. هيه يا رب مصر اللى فى الوسط قايمة على تبة؟.
اكتشاف حقل «ظهر» يأتى كرد من أعماق البحر ومن اتجاه الشمال، أى من حيث لم يحتسب نجيب على مقولته. لم يشعر المصريون بحقد أبدا تجاه من لديه الذهب الأسود أو من لديه أى ذهب، ولكنه لشعور طيب أن تشعر أنك مثلك مثل جيرانك لديهم ولديك.
عشاق الصيد فى مصر هم أفضل من يترجم قوة التطلع إلى معجزة عند شعبنا رغم أننا فى النهاية شعب من الشغيلة والعمليين ولو بدرجات... الصيادون هم أكثر من يقدر وعد الغموض الكائن فى أعماق الماء وكيف يترجم فى لحظة إرادة الله.. المعجزة تقع فى النهاية ويصطاد كل واحد منهم ولو لمرة فى العمر سمكة لم يكن يحلم بها. إنه لشعور طيب أن يفعلها البحر مع شعب بأكمله ويمنحه هذه السمكة العملاقة (حقل ظهر).
العابدون الصادقون ورب أشعث أغبر منهم لو أقسم على الله لأبره.. من المؤكد أنهم طلبوا ويطلبون من الله أن يرأف بهذا البلد المرهق.. وقد استجاب. لقد استقبل المصريون الخبر بنوع نادر من الفرح فالكل بهذا الشكل أو ذاك ورغم أى صخب أصبح يدرك حتى وهو يتظاهر أو يغضب أو يحتج على الغلاء أو عدم المساواة ويطالب الحكومة بزيادات وحوافز.. أصبح يدرك أن الظروف المالية للبلاد لا تسمح بتحقيق ما يطالب به وبالتالى تبلور إدراك فى الضمير الجمعى أنه لا مندوحة عن الانتظار لسنوات حتى تتبدل الأوضاع الاقتصادية إلا إذا جاء الفرج من عند رب الفرج وقد جاء. كما أن مصر هبة النيل وعطاء أبنائها، فالحقل الجديد هبة السماء وأيضا هبة الآلاف الذين عملوا بشرف فى قطاع البترول المصرى ويعملون كغيرهم كى يمر بلدهم من خنقة الإرهاب والضعف الاقتصادى وشح الطاقة إلى رحابة الوفرة والحرية والعدل الخلاق. العطاء المعنوى لحقل الغاز لا يقل أهمية عن عطائه المادى.